عودة الثورة ليس شعارا وأغنيات على التواصل الأجتماعي وليس دعوات عبثية لا طائل منها ولا مظاهرات عشوائية هنا أو هناك ولا بتحدي الاجراءات في الوقت الراهن بتظاهرات السيارات أو غيرها.
 

دخلت البلاد مع أزمة كورونا المستجدة وما آلت إليه من تداعيات مرحلة جديدة فتأزم الوضع الإجتماعي أكثر  بعدما  سبق من تأزم  الوضع المالي والإقتصادي ووصوله إلى أدنى مستوياته، الأمر الذي وضع اللبنانيين أمام تحديات هائلة في ظل تقاعس الحكومة عن تقديم المعالجات اللازمة.
 ومع انقضاء فترة "المئة يوم" المعطاة للحكومة لم تقدم هذه الحكومة أي جديد عن سابقاتها بل ثمة من يقول أنها ما زالت تراعي وتداهن كل ما حصل في الفترات السابقة ولا تملك الجرأة  الكافية للإنقضاض على مخلفات السابقين ولا تملك برنامجا شافيا لاستعادة أموال الدولة المنهوبة  الكفيلة بوضع حد للإنهيار الحاصل.

 

ما زالت الحكومة بعد مئة يوم عاجزة عن حلول الحد الأدنى وبالتالي كل الشعارات التي جاءت بها كانت حبرا على ورق، أضف إلى ذلك أن ثمة موانع كثيرة تحول دون القيام بورشة إصلاحية متقدمة وذلك نظرا للتركيبة الحاكمة القابضة على كل مفاصل الدولة بطريقة مافياوية ميليشياوية لا تسمح بشكل من الأشكال القيام بما هو مطلوب، وقد جيء بحسان دياب ليس للإنقاذ ولا للقيام بمعجزات الإصلاح بل جيء به للمحافظة على السياق السائد، الأمر الذي بات مكشوفا وواضحا.

 

ولئن أدت  أزمة كورونا إلى تراجع الحركة الشعبية انسجاما مع الاجراءات المتبعة فإن الواقع المزري في البلاد ما زال بحاجة إلى أكثر من ثورة ومظاهرة.

 ولذلك تداعى ناشطون إلى النزول إلى الشوارع مجددا، وبات الشعب اللبناني، وبات الثوار أمام حقيقة واحدة أن الواقع الذي فرضته جماهير 17 تشرين يجب أن يبقى ويستمر، ويجب أن نكون أمام تحرك جديد ينسجم مع حجم الأزمة أكثر.

 

إقرأ أيضًا: جائحة لبنان .. كراتين الذّل!!

 

 

وإن كانت ثورة 17 تشرين محطة بارزة ومؤثرة وقد أسست لواقع جديد في وجه السلطة وأحزابها، فإن هذه الثورة مدعوة اليوم للمزيد من الترابط والتماسك والواقعية، ومدعوة أيضا أن تحدد أهدافها ومطالبها بدقة وأن نجاح أي تحرك في وجه هذه السلطة وتماديها في السرقة والنهب مرهون بتحرك هادف وواع ومتماسك بعيدا عن العشوائية والإنفعال ورد الفعل.

 

على الثورة أن تواجه تحدي السلطة وأحزابها بتحد مثله، وعلى الثورة أن تواجه المافيات السياسية والمالية والاقتصادية  المتسلطة بوعي وحكمة تنسجم مع إمكانات هذه المافيات في التخطيط والتنظيم لكل عمليات السرقة والنهب والاستيلاء على مقدرات الدولة وحتى على قرارها السياسي.

 

عودة الثورة ليس شعارا وأغنيات على التواصل الأجتماعي وليس دعوات عبثية لا طائل منها ولا مظاهرات عشوائية هنا أو هناك ولا بتحدي الاجراءات في الوقت الراهن بتظاهرات السيارات أو غيرها. 

 

الثورة عقل ورؤية ومشروع وخطة وأهداف وعندما تكون الثورة كذلك يمكنها أن تخرق هذا الجدار المسلح بكل الإمكانات والتراكمات لأن هذه السلطة حصّنت نفسها جيدا وبالتالي لا بد من الإدارة الصحية والصحيحة للمواجهة.

 

إننا أمام مرحلة جديدة وأمام تحدٍ حقيقي يجب أن نكون أكثر وعيا ومسؤولية في مقاربة أي نشاط أو تظاهر يجب أن نكون على مستوى التحدي.