اشار البطريرك ​مار بشارة بطرس الراعي​ الى إنَّ إيمان توما وخروجَه من حالة الشَّكِّ بقيامة يسوع، دعوةٌ لكلّ واحدٍ منَّا للخروج من حالة الشَّكِّ والتَّشكيك، وقبول الحقيقة، ولو كانت منافيةً لمصالحنا الذَّاتيَّة التي غالبًا ما تأسرنا في سجنٍ مظلم. ومِنَ المُعيب حقًّا أن يبلغ الشَّكُّ إلى حملات اتِّهامٍ للأشخاص والمؤسَّسات تؤدِّي إلى فقدان ثقة الشَّعب بدولته، والدُّول بدولتنا اللُّبنانيَّة. وهل هذا هو المقصود؟ ولِصَالح من؟ فيجب على أصحاب هذه الحملات المريبة إيقافها، لأنَّ لكلِّ قضيَّةٍ سبيلاً، غير الاتهامات الرَّخيصة، للنَّظر فيها. إنَّ جرثومة ​كورونا​ غير المرئيَّة والمجهول حجمها اجتاحت، مع هذا، الكرة الأرضيَّة بأسرها، فأبطلت قوَّة الأشخاص و​المال​ والسُّلطة والسِّلاح والنُّفوذ والتَّجبُّر. فهل نتَّعظ وندرك أنَّ قيمة الحياة إنَّما هي في العودة إلى الله، وفي الشَّهادة للحقيقة، وصُنع الخير، ونشر السَّلام، وتحقيق النُّموّ في ​الإنسان​ والمجتمع والدَّولة؟


واعتبر الراعي في عظة الاحد، إنَّ الظَّرف الذي نعيشه في ​لبنان​، والموصوف بأزمةٍ اقتصاديَّةٍ وماليَّةٍ ومعيشيَّةٍ خانقة، ومضاعَفَة بنتائج وباء كورونا الوخيمة، يؤكِّد للمسؤولين والقوى السِّياسيَّة أنَّ ليس هذا زمن الصِّراعات والاصطفافات السِّياسيَّة العقيمة، بل زمن العمل المشترك لإنقاذ البلاد والشَّعب. إنَّ الشَّعب لا يبحث عن موالين ومعارضين بل عن منقذين. البعض يتخلَّى عن الدَّولة، والبعض الآخر يستولي عليها، وقليلون هم الذين يُبالون بوجع الشَّعب الاقتصاديّ والاجتماعيّ والمعيشيّ والنَّفسيّ، وبقيمة هذا الوطن العظيم.

اضاف قائلا "لقد دعَونا إلى مُساندة ​الحكومة​ لتقوم بواجباتها. وها إنَّنا نُجدِّد الدَّعوة. فهذه الحكومة، أكُنَّا معجَبين بها أو مُدبِرين عنها، هي السُّلطة القائمة في هذه الأزمة الاستثنائيَّة. ولا تستطيع أن تنجح إن لم نكن جميعًا العين السَّاهرة والمراقِبة، واليد المسانِدة. وبالمقابل، مطلوبٌ من الحكومة أن تُثبِت قدرتَها وتماسكها وجدارتها واستقلاليَّتها، فتُبعِد عنها أيَّ وصايةٍ تَحُدُّ من مساعدة الدُّول المانحة. ومطلوبٌ منها أن تأخذ جميع المبادرات الشُّجاعَة والصَّعبة لوقف التَّدهور واسترداد المال المنهوب واستعادة الثِّقة الشَّعبيَّة الدَّاخليَّة والعربيَّة والدَّوليَّة. ومطلوبٌ منها أن تُسرع في تنفيذ الخطَّة الإصلاحيَّة لمصلحة الشَّعب لا على حسابه وحساب جَنَى عمره. ومطلوب منها أن تنجح على الصَّعيد الوطنيّ والاقتصاديّ مثلما نجحت على صعيد التَّصدِّي لوباء كورونا، وعلى تنفيذ عودة لبنانيِّين كثر من الخارج. إنَّ الحمل ثقيلٌ والفعلة قليلون. فشل هذه الحكومة يرتدُّ على جميع اللُّبنانيِّين ونجاحُها كذلك، فلننجح معًا".

وحذر الراعي من أن نجعل الشَّعب كبش محرقة في الصِّراع بين أهل السِّياسة وجماعة ​المصارف​. فما نشهده من تبادل اتِّهامات بقصد تضييع المسؤوليَّة هو أمرٌ مُعيب. ونهيب بالمسؤولين أن يضعوا حدًّا له ويحفظوا ودائع المودعين وأن يقوم ​القضاء​ بواجباته.