كأن الناس لا يكفيهم ما يعانوه من ضغوطات يومية في ظل العزل المنزلي ومحاربة الوباء بأدنى المقومات بعد بتر مصدر رزقهم بسبب قرار التعبئة العامة وإقفال المحال التجارية، وفي ظلّ أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء الأسعار واحتجاز جنى أعمارهم تعسفاً في المصارف، لتأتي السلطة بقرارات تمعن في إذلالهم وقهرهم وتجويعهم وسرقة أموالهم. فرغم كل ذلك مازالت حكومة "الإنقاذ" تلوّح بعصاً غليظة لتمرير مهزلة "الهيركات"، لا بل نجد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يُمعن في خنق المواطنين من خلال ما ناقض به قراراته السابقة المتعلقة بالتحويلات المالية عبر المؤسسات التي تتعاطى العمليات المالية بالوسائل الإلكترونية، وأجبرهم على استلام أموالهم باللّيرة اللبنانية فقط وفقاً لسعر السوق، ولكن لم يكلّف نفسه سعادة الحاكم بإخبار الناس عن أي سعر يتحدّث في ظلّ التفلّت الحاصل! 

 

هكذا قرارات هي كفيلة بأن تسقط أي سلطة حاكمة برمّتها في أي دولةٍ في العالم. لكن ليس في "جمهورية التماسيح". هذه أموال الناس – والناس مسلّطون على أموالهم – كائنة أينما تكُن، في المصارف أو تحويلات من الخارج، بالعملة الأجنبية أو المحليّة، وليس لأي سلطة على الإطلاق المساس بها. فكيف بمن كان السبب بمآسي الناس ممّن لم يوّفر أيّة مناسبة لنهبها أو وضع اليد عليها؟! 


يكفيهم تقاذف المسؤوليات وإطلاق الشعارات والوعود الكاذبة. أين المنصّة الإلكترونية التي أتحفتنا بها جمعية المصارف والمصرف المركزي لتحديد سعر الصرف اليومي؟ أين المساعدة المالية للعائلات الأكثر فقراً من المحسوبيّات واللّوائح الملغومة والمفخّخة؟ أين وزارة الاقتصاد إزاء هذا الارتفاع الجنوني للأسعار دون حسيب أو رقيب؟ جميعهم يحاضرون بالعفّة، بتأكيدهم ألّا مساس بأموال المودعين "المقدسة" ثم يقفون سدّاً منيعاً بوجه أي مساس بأي قرش يخصّهم، متمادين في الخطيئة ومتناسين أن سرقاتهم هي السبب الأساسي والأوّل لمعاناة الناس وعوزهم، هؤلاء الناس الذين اضطروا للاصطفاف أمام الجمعيات والبلديات والوزارات لطلب المساعدات التي طالت الغذاء والدواء وقريباً الخبز.      

كفى، كفى، كفى. "فوّلِت"!
الحلّ واحد ولا حلّ سواه: إعادة الأموال المختلسة.

 

 تحالف متحدون، المستمرّ في معاركه الشرسة لمحاربة الفساد بكافة أشكاله، لن يسكت عن نهب أموال المودعين. وهو إذ يدعو إلى ثورة حقيقية هذه المرّة لقطع دابر الفساد مهما كلّف الأمر، انكبّ فريقه القانوني على إعداد شكوى قضائية ضد جمعية المصارف والمصارف المرتبطة بها وآخرين ثبت تواطؤهم سيتقدم بها أمام القضاء مطلع الأسبوع المقبل بتوكيل من جمعية مكافحة الفساد المصرفي. لكن، هذه المرّة لن يرضى بقضاء أقلّ ممّا يحمي حقوق الناس وجنى أعمارهم وإلّا فليسقط غير مأسوف عليه!