تلهّى البعض باستغلال انتشار الوباء في منطقة بشري، والتصويب عليه، فيما فطن البعض الآخر للتجربة البشراوية، واستنتج من خلالها رسائل تصحيحية وسياسية عدة، منها تثبيت نجاح تجربة اللامركزية الادارية، ورسائل أخرى كسرت الحواجز السياسية بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والسلطة المركزية، وخرق حواجز العزل الاسمنتية بين حزب «القوات» و»الحزب» الحاكم.
 

«فالتجربة البشراوية» في كيفية مواجهة انتشار الوباء المستجد، استدعت تواصلاً مستجداً للمرة الاولى بين رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من جهة، وتواصلاً «مستجداً» ايضاً بين جعجع ووزير الداخلية، كذلك للمرة الاولى.

 

بشري وخطة المواجهة

اعلنت بشري بشفافية عن عدد الإصابات داخل البلدة، وهي مسألة اساسية، لأنّ التستر عن الأعداد وإخفاء عدد الاصابات، يعرّضان البلدة واهلها لخطر اكبر. وبالتالي، تفوقت السلطة المحلية في بلدة بشري، حتى على مناطق ساحلية كبيرة، لم تعترف حتى اليوم بالإصابات فيها ولا بعددها.

 

وقد إتخذت السلطة المحلية في بشري قرار اجراء فحوصات عشوائية لكافة ابناء البلدة، وفتحت ابواب المستشفى في بشري للمواكبة وللاستفسار والمواجهة، فيما تواصل نواب المنطقة مع وزير الصحة د. حمد حسن، لمواكبة التطورات على مدار الساعة، بعيداً من الخصومة السياسية بين الطرفين.

 

وعلمت «الجمهورية»، انّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تواصل مع رئيس الحكومة حسان دياب، وكذلك كان تواصل بين جعجع ووزير الداخلية محمد فهمي، في شأن منطقة بشري، علماً أنّ هذا التواصل هو الأول منذ استلام دياب وفهمي مهامهما.

 

قرار العزل

ولولا تدارك الامر سريعاً، لكان امتد الوباء الى المناطق المجاورة، وربما كان هناك 500 اصابة اليوم، مع تسجيل حالات وفيات تفوق الـ 50 حالة، غير انّ الإصابات استقرت نتيجة المواكبة والمعالجة السريعة وقرار العزل.

 

وبذلك، أثبتت تجربة بشري نجاح اللامركزية الادارية وضرورة اعتمادها في إدارة الأزمات المستجدة الشبيهة بأزمة «كورونا».

 

ويبقى انّ التجربة البشراوية كشفت ايضاً طينة بعض السياسيين، فتعاطى البعض معها بمنتهى العفوية، متعالياً عن الخصومة السياسية لحماية ابناء بلدته وناسه، فيما دفعت الغريزة الانسانية البعض الآخر أو «الخصم»، الى تسلّق الحواجز الاسمنتية... للوصول الى بشري.