لم تستطع "فتاة العشرين عاما"، أن تتحمل قسوة الحياة التي تعيشها، فقررت حرق نفسها، الأربعاء الماضي، محاولة إنهاء مآساتها، إلا أن ملاك حيدر الزبيدي، ابنة النجف بقيت على قيد الحياة لتكشف حكايتها، ومعها انتهاكات تعيشها المرأة العراقية في بعض المناطق.

قصة ملاك انتشرت ليل الأحد بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول فيديو من قبل ناشطين عراقيين، يظهر الفتاة تفتك النار بجسدها، إلى أن تدخل رجل مسن وأطفأها.
 
لتظهر لاحقا في مقطع آخر من المستشفى تصرخ ألماً من حروقها البالغة، ما أثار غضبا شعبيا واسعا.

ولاحقاً تبين أن الشابة ملاك متزوجة، وما حدث لها كان إثر شجار نشب مع زوجها بعد تعنيفه لها وضربها ضربا مبرحا، وحرمانها من زيارة منزل أهلها لأكثر من 8 أشهر متواصلة، إلى أن ضاقت بها سبل الحياة، فأقدمت على حرق نفسها.

فوقف الزوج مشاهدا النار تلتهم جسد زوجته، مراقبا المشهد، إلى أن تدخل والده وقام بإطفاء الحريق ونقل الفتاة إلى المسشفى.

بعد انتشار مقاطع الفيديو، تطورت القصة بشكل كبير، لتصبح قضية رأي عام في العراق، خصوصا بعد تداول معلومات أن الزوج المعتدي ضابط مسؤول.

واتهمت جهات عديدة في مقدمتهم عائلة الفتاة الزوج بما حدث.

مصدر طبي يوضح لـ"العربية.نت"
انتقلت "العربية.نت" إلى مكان الواقعة، فأكد مصدر طبي لها أن الحروق في جسد ملاك كثيرة وبليغة، موضحا أن الكادر الطبي يعمل جاهدا لإنقاذ حياتها.

فيما نشرت أخت ملاك مقطع فيديو اتهمت فيه زوج أختها وعائلته بأنهم كانوا سببا لما جرى معها، بسبب المعاملة السيئة وحرمانها من أبسط حقوقها.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي الحادثة بغضب كبير مطالبين بالتحقيق في الحادث وإنزال العقاب والقصاص ممن يقف وراء حرق وتعذيب هذه الفتاة والحد من العنف الأسري بشكل عام.

الأم تكشف خبايا
وفي تصريح خاص لوالدة الشابة ملاك مع وسيلة إعلام محلية، أكدت الأم أنها حين أبلغت بالحادثة مُنعت من زيارة ابنتها، وحين سألت عن سبب الحريق تلقت من عائلة زوج ابنتها معلومات متضاربة.

وتابعت أنه وحين وصولها المستشفى، أبلغتها عائلة زوج ابنتها أن ملاك بخير، وأن ما تعرضت له مجرد حروق بسيطة، وعندما همت لرؤيتها، منعوها من الدخول.

لكنها أصرت بعد أن سمعت صوت أنين ابنتها، وألقت بنظرة خاطفة فوجدت ملاك مغطاة بشكل كامل بالشاش الطبي ما يؤكد سوء حالتها.

كما لفتت الأم إلى أن والد الزوج حين وصول ملاك إلى المستشفى ادعى أنها ابنته، ووقع هو على أوراق الدخول.

إلى أن استطاعت ملاك الكلام، وقالت لأمها إن شجارا عنيفا وقع بينها وبين زوجها، فأقدم الأخير على ضربها ضربا مبرحا، مشيرة إلى أن آثار الكدمات ما زالت موجودة على جسدها، فهربت منه إلى حديقة المنزل وهددته بحرق نفسها إلا أنه لم يبالِ فسكبت البنزين وأشعلت جسدها.

محافظة النجف تستنفر
من جانبه، وجه محافظ النجف، لؤي الياسري، أمس الأحد، بتشكيل فريق تحقيق بشأن حادثة تعرض امرأة من النجف للحرق على أن يعطي تفاصيل عن الحادثة خلال 24 ساعة، بحسب ما قاله المكتب الإعلامي للمحافظ في بيان مقتضب حصلت "العربية.نت" على نسخة منه.

وأجرى نائب النجف هاشم الكرعاوي اتصالات مع مديرية الشرطة ومديرية الاستخبارات بخصوص الشابة ملاك.

وبناء على المعلومات، فقد رفعت أسرة ملاك دعوى أصولية في مركز شرطة المجتبى، وسيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية من قبل الجهات المعنية.

وقال مجلس القضاء الأعلى إن "المشتكية سجلت شكوى أمام محكمة تحقيق النجف ضد زوجها بداعي قيامه بضربها وقيامها بحرق نفسها جراء استخدام العنف ضدها ولم يقم زوجها بإطفائها وأن والد زوجها هو الذي نقلها إلى المستشفى بعد أن قام بإطفائها".

وزير الداخلية يدخل خط الأزمة
من جانبه، دخل وزير الداخلية، ياسين الياسري، على خط الأزمة، وأفادت الوزارة أن قائد شرطة محافظة النجف العميد فائق الفتلاوي أطلع الوزير على الإجراءات المتخذة.

وأضاف البيان أن الوزير أمر بتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ قرارات القضاء في هذه القضية برئاسة قائد شرطة المحافظة والدوائر الرقابية والعمل على إجراءات التطبيق واطلاعه على النتائج أولاً بأول.

إلى ذلك كلف الوزير وكيل الوزارة لشؤون الشرطة الفريق عماد محمد ومحافظ النجف لؤي الياسري لمتابعة القضية كاملة وإفادته بالنتائج.

يشار إلى أن حكاية ملاك لم تكن الأولى من نوعها في العراق، فبين الحين والآخر تنقل وسائل التواصل الاجتماعي قصصاً مشابهة، إلا أن ما حدث لملاك كان قاسيا جدا، وهو ما جدد مطالبات بمحاسبة الجاني وإنزال أقسى العقوبات عليه وإنهاء العنف بشكل عام.