أثارت جائحة "كورونا المستجد" (كوفيد-19) قلق اللبنانيين منذ الإعلان عن أوّل إصابة في فبراير/ شباط الماضي.
 
ومع ارتفاع عدد الإصابات والوفيات يوميًا، انقلبت الحياة في لبنان، لكن توجد شهادات حيّة تدعو إلى التفاؤل، إذ هزم مصابون الوباء، ومنحوا أملًا لبقية المصابين في معركتهم.
 
وأرغم انتشار الفيروس دول العالم على إغلاق حدودها، وتعليق الرحلات الجويّة، وفرض حظر للتجوال، وتعطيل الدراسة، وإلغاء فعاليات عديدة، ومنع التجمعات العامة، وإغلاق دور العبادة.
 
وحتى صباح الإثنين، تجاوز عدد مصابي كورونا حول العالم مليونا و853 ألفا، توفي منهم أكثر من 114 ألفا، فيما تعافى أكثر من 427 ألفا، بحسب موقع Worldometer.
 
تغريد.. أول مصابة
 
تغريد صقر (41 عامًا)، من محافظة الجنوب، هي أوّل لبنانية أصيبت بالفيروس، وتماثلت للشفاء.
 
وقالت تغريد للأناضول: "كنت في زيارة دينية في إيران، وفور عودتي إلى لبنان، في 21 شباط (فبراير الماضي)، أُدخلت مستشفى الحريري الحكومي؛ لأنّني كنت أعاني من أعراض رشح خفيف".
 
وتابعت: "بناءً على توصيات وزارة الصحّة دخلت الحجر في المستشفى، وأجريت الفحوص الطبيّة اللازمة، وكان من المستحسن أن أمكث بها كي لا أنقل العدوى إلى الأهل والأقارب، وبقيت مدّة شهر داخل الحجر".
 
وأردفت: "داخل غرفتي بالمستشفى لم يتعكر مزاجي؛ كنت راضية بهذا البلاء.. كان زوجي وأهلي يرونني من خلف الزجاج لمدّة شهر، وكنت أنتظر لحظة السماح لي بالخروج، لأنني كنت أشعر أنّ هذه اللحظة لن تطول".
 
وعن العبرة التي اتخذتها من هذه التجربة، أجابت: "كلّ إنسان مُعرّض للامتحان، وأنا أشكر الله وراضية بهذا الامتحان".
 
وعبّرت تغريد عن عتب بقولها: "كلّ من نشر صورًا لي من داخل المستشفى وصورًا لجواز سفري، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أُسامحهم، لكنّ الله كفيل بهم".
 
ومضت قائلة: "أجريت ثلاثة فحوص، آخرها الخميس المنصرم، والحمد الله كلها سلبية".
 
والتقطت والدتها طرف الحديث قائلة: "الحمد الله أن ابنتي أصبحت في المنزل الآن، ونعيش حياتنا بشكل طبيعي بفضل الله، فعلى كلّ مصاب أن يتسلح بإيمانه ليشفى".
 
لجين.. الإيجابيّة والأمل
 
كما قرعت الجائحة باب الإعلاميّة اللبنانيّة، لجين عضاضة، وقد استحوذت على اهتمام واسع كونها وجهًا معروفًا.
 
وبعزيمة لافتة، تحدثت للأناضول عن لحظاتها الأولى مع الفيروس فقالت: "عندما أبلغتني المستشفى بإصابتي تسلل الخوف إلى داخلي، خصوصًا وأنّ أولادي صغار في السنّ".
 
وروت علامات إصابتها: "كنت في لندن، وعند وصولي لبنان ارتفعت حرارتي، ونُقلت إلى المستشفى الحكومي، والتزمت الحجر هناك بعد أن ظهرت نتيجة التحاليل إيجابية".
 
واستطردت: "لا أخفيكم سرًّا أن خبر ثبوت إصابتي كان مرعبًا.. مكثت 20 يومًا بالمستشفى، شعرت في أوّل الأيّام بارتفاع طفيف في دراجة الحرارة، لكنّ الأطباء أعطوني الأدوية حتى انخفضت، وسُمح لي بالعودة إلى المنزل شرط أن أحجر نفسي".
 
ونصحت لجين المصابين بالتسلح بالإيجابية، والتمسّك بالتفاؤل، والتحلي بالأمل كسلاح فتّاك ضد الوباء.
 
وتابعت: "بعد التزامي بالحجر المنزلي أجريت تحاليل عدّة، وكانت بفضل الله سلبيّة، وفي الحقيقة كانت لحظة سعادة لا أستطيع وصفها".
 
وعن صحتها حاليًا، أجابت: "أنا بخير، وأمارس الرياضة يوميًا، فالرياضة والأكل الصحي أيضًا يغلبان الأمراض".
 
وبإلحاح شديد، دعت لجين اللبنانيين إلى الالتزام بالحجر الصحي وإرشادات وزارة الصحّة، وعدم الخروج إلّا للضرورة القصوى، لكي لا يكونوا ضحية للوباء.
 
يارا.. فيروس وغربة
 
أمّا الشابة اللبنانية "يارا الحركة" (30 عامًا) فواجهت جائحة "كورونا" والغربة معًا، حيث اختارت أن تكمل دراستها في إسبانيا منذ تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي.
 
وبثقة وصلابة قالت يارا للأناضول: "من يتمسّك بالحياة وبالإيجابيّة لا قدرة للمرض أن يغلبه، الإرادة الصلبة وحب الحياة يصنعان المعجزات حتى في الغربة".
 
وأكملت: "مع ظهور فيروس كورونا لم تتعامل إسبانيا معه بشكل حاسم، وللأسف الشديد أُصبت به، إذ شعرت بارتفاع درجة الحرارة في جسمي مع سعال خفيف".
 
ومضت قائلة: "تصرفت بمسؤولية، فامتنعت عن الذهاب إلى الجامعة وبقيت في المنزل، وتواصلت عبر الخط الساخن لمعرفة الإجرءات التي يجب أن اتخذها، فكان الرد بوجوب البقاء بالمنزل".
 
وعن تطوّر وضعها الصحي، أجابت: "تكررت زيارتي للمستشفى بعد كلّ تطور، إلى أن فقدت السيطرة على نفسي، وبالتالي كان من الضروري طلب الإسعاف، وبعد نداءات متكررة وصلوا ونقلوني إلى المستشفى".
 
وأردفت: "المشكلة أنّ كلفة الفحص كانت على نفقتي، وسقف السحوبات، كون بطاقتي من لبنان، 200 دولار، فوقعت المشكلة الأكبر عندها".
 
وأضافت: "استطعت في وقت قصير أن أرتب أموري الماليّة لإجراء التحليل كونه في مستشفى خاص، ومع صدور النتيجة، وكانت إيجابية، أعطوني الدواء اللازم".
 
واستطردت: "شعرت بالخوف؛ لأنني في الغربة من ناحية، ولتكاليف التحليلات من ناحية أخرى، لكنّ صديقتي لم تتركني في هذه المحنة".
 
وحول تواصل أية جهّة دبلوماسيّة لبنانيّة معها، أجابت:" زوّدتني السفارة برقم طبيب ليتواصل معي عبر الواتساب".
 
وبعد تجاوزها هذه المحنة، قالت يارا: "إصابة لبنانيّة في إسبانيا ليس أمرًا سهلًا، لكنّني تخطيت هذه المرحلة الدقيقة بفضل الله والأصدقاء".
 
وتوجّهت برسالة إلى اللبنانيّين وإلى كلّ مصاب بالفيروس قائلة: "أنا استطعت أن أتجاوز هذه المرحلة الصعبة، إذن لا ينقصكم شيء، ابقوا في منازلكم لمدّة قصيرة، إلى أن يرحل هذا الوباء من غير عودة".