لا تُواجهوا حزب الله، فتبوؤا بالخسران المبين، ولن تنالوا سوى الخزي والعار، ولمن تبقّى من مُفكّرين أحرار، ويسارٍ ضعيف ومُشتّت، ومن لا يزال مُصرّاً على وطنيّته ندعوهم جميعاً أن يفيئوا إلى رحاب المقاومة الإسلامية في لبنان للحوار والنقاش، فلرُبّما نجد لهم مكاناً بجانب وئام وهاب وسالم زهران، وفيصل عبدالساتر وغسان جواد ورفيق نصرالله، والعميد حطيط، وأضرابهم وهم كُثُر، مع حفظ الألقاب طبعاً.
 

ينطلق الصحافي الأستاذ قاسم قصير في مقالةٍ له على موقع Assasmedia، في معرض ردّه على طروحات الأكاديمي المُفكّر رضوان السّيد على الموقع ذاته، من اعتبار دعوة السيد "لمواجهة" حزب الله اللبناني، دعوة في غير محلّها، فضلاً عن عدم واقعيتها وجدواها، ذلك أنّ حزب الله كما يُوصّفه قصير بصراحة وجرأة غير مسبوقة، بأنّه "ليس منظمة عسكرية محدودة، وليس قوة خارجية تسيطر على لبنان، أو مجموعة سياسية تقليدية في بيئتها، بل هو كل ذلك وأكثر"، لينتقل بعدها قصير لتحديد هوية الحزب الحقيقية والفاعلة، فهو " قوة لبنانية شعبية فاعلة في بيئتها، ولها تحالفات داخلية وخارجية، وتمتلك قدرات وإمكانيات كبيرة، ولها مشروعيّتها الوطنية بفعل دورها المقاوم"، ويُغفل الكاتب قصير، عن قصدٍ ربما أو غير قصد، مصدر القدرات والإمكانيات الكبيرة التي يتحدث عنها، لا بل إنّك لتكاد أن تكتشف أنّ الكاتب لم يأتِ على ذكر إيران ودورها الإقليمي في المنطقة العربية والخليج العربي، واعتبارها الرّكن الأساسي الذي يعتمد عليه حزب الله، قبل بيئته " الوطنية"، وقبل مشروعيّته "الوطنية"، فهو يذكر إيران فقط في معرض اتّهام الخصوم لها باعتبارها " داعمة للحزب"، ولعلّها غير ذلك في نظر الأستاذ قصير، باعتباره أنّ قوة " الدّفع" الداخلية أهمُّ بكثير من " بعض" الدّعم الإيراني.

 

إقرأ أيضًا: الحِيرة.. حيِرةُ الآلهة..حيرةُ البشر

 

بالعودة لسجال قصير مع الدكتور رضوان السيد، ينطلق قصير من معطيات الظروف السياسية والداخلية والإقليمية والدولية، التي تصُبّ جميعها في صالح حزب الله، وأنّه لا يمكن الرهان مُجدّداً، على أي وضع دولي أو إقليمي أو حربٍ جديدة،  يمكنها أن " تطيح" بالقدرات والإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها الحزب، لا بل إنّ قصير يرى في الحزب الأمل الوحيد في لبنان لكونه يمتلك " حاضنة شعبية حقيقية"، بخلاف ما كانت عليه الحركة الوطنية اللبنانية عام ١٩٧٦، وبخلاف ما كانت عليه أحوال منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٨٢، مُتغافلاً عن دور إسرائيل والنظام السوري في الحرب الأهلية اللبنانية، الذين تكالبا على مقاومة الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية،  فأجهزت إسرائيل على المقاومة الفلسطينية واحتلّت أجزاء شاسعة من الأراضي اللبنانية، ومهّدت سوريا للقوى السياسية الطائفية والمذهبية في تصفيات آخر ما تبقّى من المواقع الوطنية بعد كارثة الغزو الإسرائيلي عام ١٩٨٢.

 

 

ولعلّ المفيد اليوم تذكُّر واستخلاص العِبر، والاعتراف بأنّنا ما نزال نعيش في لبنان تداعيات الإحتلالين الإسرائيلي والسوري، ممّا ساهم في القضاء على الحركة الوطنية اللبنانية، وأوهن الدولة اللبنانية وجعلها على مشارف الإضمحلال والهوان، وآن لنا أن نعترف بأنّ حزب الله بات الفاعل الأبرز، ولعلّه الأوحد في معادلة الكيان والنظام اللبنانيين، وأنّ نصائح الجميع بما فيهم الأستاذ قصير، هي المُجدية هذه الأيام، وخلاصتها وفحواها: لا تُواجهوا حزب الله، فتبوؤا بالخسران المبين، ولن تنالوا سوى الخزي والعار، ولمن تبقّى من مُفكّرين أحرار، ويسارٍ ضعيف ومُشتّت، ومن لا يزال مُصرّاً على " وطنيّته" ندعوهم جميعاً أن يفيئوا إلى رحاب المقاومة الإسلامية في لبنان للحوار والنقاش، فلرُبّما نجد لهم مكاناً بجانب وئام وهاب وسالم زهران، وفيصل عبدالساتر وغسان جواد ورفيق نصرالله، والعميد حطيط، وأضرابهم وهم كُثُر، مع حفظ الألقاب طبعاً.