مما لاشك فيه بان الجمهورية الاسلامية تعيش في اصعب اوقاتها ،ازمة اقتصادية قاسية بظل حصار يفتك بالاقتصاد تدريجيا بسبب الضغوط والعقوبات الامريكية وكذلك زاد الطين بلة فيروس "الكورونا" الذي وضع اثقاله على كاهل الشعب الايراني الطيب.
ازمة اقتصادية وازمة صحية تعيشها ايران لم تمر عليها منذ مئة عام  فالأزمتين الصحية والاقتصادية اللتان تمر بهما الدولة وربط بعضها ببعض، لقد اربكت القيادة في الدولة الاسلامية التي تعاني من صراع داخلي بين القوى السياسية المتنافسة على السلطة  حيث باتت  تحاول الخروج من هذه الازمة بكل الطرق.

 

لم تكن العقوبات الامريكية التي فرضتها إدارة ترامب على ايران مجرد كلام بسيط بل كانت عقوبات ذات انياب استطاعت ان تفرض نفسها على سياسة الدولة والحد من قدراتها التي بتنا نرى تأثيرها حاليا.
القصة بدأت مع وصول الرئيس ترامب الى البيت الابيض ورفض تطبيق الاتفاق النووي الذي عقده سلفه باراك اوباما مع الرئيس حسن روحاني وحصلت  الجمهورية الايرانية على مبالغ طائلة من ارصدتها المجمدة قامت سريعا بتزويد اذرعها في المنطقة بحصة كبيرة من هذه الاموال  مما دفع بالرئيس ترامب الاعتراض على الاتفاق والخروج منه فارضا 12 بندا على الجمهورية من اجل السير باتفاق جديد .
ولم يمزح ترامب في هذه القضية بل بات كل يوم اكثر تشدد في فرض عقوبات جديدة على الاشخاص والكيانات الايرانية والذين يتعاملون معها وملاحقة اذرعها في العالم وتجميد منابع الدخل في العالم ، مما دفع بالشركات الغربية والعالمية الانسحاب من ايران وعدم التعامل معها  وحتى اصدقاء ايران روسيا والصين وبعض الدول الاوروبية في طليعتهم فرنسا ماكرون لم يستطيعوا  حل ازمة ايران المرتبطة بالموقف الأمريكي الذي بات اكثر تشددا امام العالم .

 

بالطبع بات الخلاف واضحا في مؤسسات الدولة الايرانية وفي طليعتها الحرس الثوري الذي حمل الشيخ حسن روحاني مسؤولية انهيار اتفاق النووي متصدرا المشهد محاولا القبض على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في الدولة الايرانية مدعوماً من الولي الفقيه.
ومع انتشار وباء الكورونا الذي كانت ايران في طلائع الدول التي انتشر فيها الوباء وتكتمت ولم تعلن عن الاصابات من اجل تمرير الانتخابات البرلمانية التي كانت تحاول من خلالها بسط سيطرة المتشددين ، لكن الوباء كان اقوى من المعالجة في دولة تعاني من انكماش اقتصادي وغياب الرعاية الصحية بسبب الحصار وعدم القدرة على طلب المساعدة الدولية .

 

فايران تعاملت بسرية وتكتم مع الوباء حتى اصبحت ايران الدولة الاولى في الشرق الاوسط والمصدرة لدول الجوار باستهزاء واعتبارها مؤامرة سياسية تحاك ضد نظام الملالي وامريكا هي المسؤولة بالرغم من بعض التصريحات التي تصدر من بعض النواب باتهام الصين بنشر الفيروس من خلال الطلاب القادمين الى مدينة قم للدراسة في الحوزات كونها المدينة الاولى التي اصيبت بالوباء.
وبالرغم من ان الاطباء منذ 19 شباط الماضي قدموا تقريرا مفصلا لنائب وزير الصحة الايراني الا ان التقرير لم يصل الى الهيئة العليا واقفل عليه الحرس الثوري الذي بات الى جانب قوات الباسيج يسيطرون على الشوار وينشرون اليات عسكرية وحواجز من اجل منع التلاحم البشري ومن اجل المساعدة بتعقيم الشوارع في العاصمة طهران والمدن الكبرى.
فالمشهد بات اعمق من تقديم المساعدات لان الحرس الثوري بات يسيطر على  عصب الدولة ويخاف من اندلاع احتجاجات بعد الانتهاء من كورونا مما ستودي هذه الاحتجاجات الى فوضى بظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يسيطر على الدولة .

 


بالإضافة الى ان المتشددون يحاولون قطع الطريق على الحكومة ، والرئيس روحاني وتحميله مسؤولية عدم السيطرة عل الوباء من جديد. بالطبع الصراع مفتوح على مصراعيه مما جعل الرئيس روحاني يطلق تصريحه الشهير الاسبوع الماضي امام مجلس الامن القومي بانه ايران مستعدة للتضحية بمليون شخص بسبب الفيروس ولا يمكنها ايقاف العجلة الاقتصادية التي لا يمكن ان تتوقف لان الانتاج،  الصحة مهمة لكن  الانتاج وامن المجتمع  اهم بكثير من المواطنين.


فالحكومة اذا تدرس خطة للتوافق بين الحجر الصحي  وعدم ايقاف عجلة الانتاج بظل الحصار المفروض على الدولة بسبب العقوبات الامريكية المتزايدة .
اذن نحن امام تدهور سريع للاقتصاد الايراني منذ 21 شباط الماضي  عن اعلان اول اصابة بفيروس الكورونا ، انخفاض للحركة الشرائية ، اغلاق الحدود مع الجوار ، السياحة الدينية والعامة متوقفة تراجع اسعار النفط وخاصة ان ايران كانت تعتمد على تهريب كمية لتسديد حاجاتها . احتجاجات تشهدها البلاد بصورة مستمرة ، حركة تمرد واضحة في السجون الايرانية يرد عليها بالقمع والرصاص، انتشار كبير للإصابات بفيروس كورونا بين المواطنين والدولة لا تعلن عنها امام الراي العام .

 


ايران من الدول التي لا تعلن عن اصاباتها وعدد الاموات وتخفي المعلومات عن الصحة العالمية  تحت شعار مؤامرة سياسية مما ساهم بنشر ثقافة الطب الشعبي الذي ادى الى ارتفاع الوفيات  بطريقة غريبة.
الحرس الثوري بات يدير المشافي والمراكز الطبية الايرانية ، ويحاول تهديد الاطباء بعدم الكشف عن المعلومات ، وكل المعلومات عن كورونا باتت في عهدة الحرس  حيث بات يطلب من المواطنين الحصول على شهادات الوفيات من الحرس الثوري ووزارة الصحة، مما يفرض عليهم عدم معرفة الحقيقة للوفيات التي بات يسجل فيها ما يريد من امراض وامور اخرى اي التلاعب  بالأرقام ، الناس تدفن الموتى بمواكبة الباسيج والحرس الثوري تحت حجة المحافظة على عدم الاختلاط.

 


وهذه السيطرة التي باتت واضحة لعناصر وقوى الباسيج والحرس الثوري على الشوارع والنقاط الرئيسية تتحكم بشكل مطلق بالسيطرة على البلد وعدم الافصاح عن الحقائق من خلال السرية الكاملة المتبعة لدى هذه السلطات التي تخشى الاحتجاجات الشعبية .
بالطبع ايران تتخوف من موجة تانية للوباء بسبب عدم القدرة على المسح الشامل للمرضى مما يساعد على الانتشار مجددا والذي سيؤدي الى حالة مرعبة في ايران يدفعها ثمنها الشعب الايراني الطيب الفقير.

 

بالطبع ايران تنادي المجتمع الدولي بفك الحصار الاقتصادي للبدء في معالجة الوباء من خلال المساعدات  وتحاول لنفت انظار المجتمع الدولي الى الحالة الانسانية لكسب العطف و للمساعدة الانسانية وتطلب قروض من البنك الدولي لذلك،  بالوقت الذي  فتحت امريكا خط مساعدات مباشرة لإيران لمعالجة الوباء  عن طريق كوريا الجنوبية وسويسرا.
فالدول الاوروبية والعالمية لن تساعد ايران ماليا ولن تفك الحصار الاقتصادي عنها لان المجتمع الدولي لا يتق بالنظام الحالي وخاصة بان النظام الايراني بات لا يهتم لما يحدث مع شعبه وليس صادقا في التعامل مع الكورونا والجميع يعلم بان اي مساعدات سوف تذهب لأذرع ايران الخارجية التي لم تتضرر من وباء الكورونا ولا تزال تنفذ مطالب القيادة الايرانية وتمارس التهديد والتعطيل وكان شيء  لم يحصل وبالتالي ستعد الدول كل الاموال التي ترسل لإيران لغياب الثقة بالنظام الايراني .

 


لكن في الحقيقة بان الادارة الامريكية الحالية لن تغير تعاطيها مع ايران وسوف تزيد الضغط عليها اكثر فاكثر وحتى لو ذهبت الادارة الحالية في الانتخابات القادمة، وهذا مستبعدا وان اتت بإدارة جديدة  لن تعيد العمل بالملف القديم وعفى الله عما حصل. لأنه هناك مؤسسات امريكية تعمل وفقا لتطبيق المعاير المؤسساتية الحكومية ، واي اتفاق سيكون اتفاق جديد سيتطلب مدة طويلة للعمل به ،  فالسؤال المطروح هل ستتحمل ايران التصعيد والمواجهة بظل ازمتي الانهيار الاقتصادي والانهيار الصحي.