يقول مطلعون إن المهلة التي منحها الدائنون للحكومة اللبنانية، قبل اللجوء الى إجراءات قانونية، مرهونة بالخطة الاقتصادية التي وعدت باعلانها خلال نيسان الجاري ومدى الجدية والثقة التي توحي بها.
 

في ظل استهانة اهل السلطة بخطورة الوضعين المالي والاجتماعي من خلال السعي الى احتكار التعيينات والمواقع المؤثرة. ان فشل الحكومة في اي عملية انقاذ مالية او اقتصادية في ظل وجود افرقاء معينين في الحكم سيحمل هؤلاء تبعة المسؤولية عن الانهياروخراب بيوت الناس ايا تكن المساعي لرمي التهم على الحكومات السابقة، فهناك رأي عام متعدد في لبنان وليس رأيا عاما واحدا والدول الخارجية تعرف البئر وغطائه. ومع تراجع منسوب التفاؤل بإمكانية السيطرة على وباء كورونا في الأيام العشرة المقبلة، كما وعد بذلك وزير الصحة حمد حسن، يتّجه مجلس الوزراء إلى تمديد فترة التعبئة العامة التي تنتهي في 12 من الجاري إلى السادس والعشرين منه، 
وفي الوقت الذي يطغى فيه طيف كورونا على ما عداه، فإن حكومة مواجهة التحديات التي نجحت حتى الآن فقط في ترحيل الملفات، وتأجيل التعيينات، والتسويف بوعود الإصلاح، تجهد في الإعداد لما تصفه بأنه خطة إنقاذية، والتي تسرّبت مسودتها أمس، فيما من المرجّح أن تُقرّ الأسبوع المقبل إذا ما سارت الأمور كما يريدها فريق السلطة.
وفي المعلومات ، فإنّ هذه الخطة الموعودة لا تزال جهات وزارية تعمل لتعديل بعض النقاط المالية الحسّاسة فيها، والتي تتطلب اجتماعاً لمجلس الوزراء يُمكن أن تظهر نتائجه في جلسة اليوم.

وتفيد المعلومات أن مسودة الخطة التي جرى تسريبها تعزّز مخطّط استكمال وضع اليد على البلد من قِبل السلطة الحاكمة، وذلك من خلال السيطرة على الوضع المالي، وذلك بعد أن قامت بوضع اليد على القرار الإداري، والسياسي، والقضائي، والأمني عبر عوامل عدة تتمثل بالقفز فوق الإصلاحات التي وعدت بها في قطاع الكهرباء، وتشكيل الهيئات الناظمة، وتأجيل التعيينات، والسيطرة على القطاعات الأمنية، وعدم البت بالتشكيلات القضائية، وتبقّى فقط لإنجاز التحكّم بكل مفاصل الدولة والقبض على الملف المالي.

وعليه فإن البرنامج المقترح يطرح إعادة النظر في السياسة المعتمدة من قِبَل مصرف لبنان، وعلاقته مع المصارف وعملية احتواء الأزمة النقدية، ويدّعي الحفاظ على أموال المودعين، كما يقترح إعادة جدولة الديون، لكنّه لم يتضمن أي ذكرٍ للإصلاحات الضرورية في مختلف القطاعات والتي تشترطها مختلف الجهات المانحة، فيما تتضمّن تفاصيل المقترح خفايا عديدة تطرح الكثير من علامات الاستفهام. وفي هذا السياقعُلِمَ أن الوعود الإصلاحية التي قدَّمتها الحكومة إلى ممثلي مجموعة الدول المانحة، لم تلقَ أصداءً إيجابية، على الرغم من غياب التصريحات الرسمية في هذا المجال.

وإذا كان هذا البرنامج لم يتضمن ما يشير صراحةً إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي، فإن السؤال حول مصير  الاستشارات التي كان أجراها وفد صندوق النقد في لبنان، ولم تبادر الحكومة بعد إلى التأسيس عليها لتقديم طلبٍ واضحٍ بالمساعدة وفق أسس بيّنة.

اقرا ايضا : حكومة مواجهة التحديات انجزت 57% من الإصلاحات فهل من يصدق؟

 


المعلومات أوضحت أن الخطة المذكورة ستشهد ضريبةً تصاعدية على فاتورة الكهرباء، والتي تصيب الطبقات الميسورة غير الفقيرة، كما ستفرض ضريبةً على كبار المودعين، وهو الأمر الذي يدلّ على نيةٍ باستهداف مودعين دون سواهم، لا سيّما المودعين المستقلين. 
في هذا السياق، اعتبرت مصادر أن ما جرى تسريبه كان مسودةً لخطةٍ نقدية لا لخطةٍ متكاملة، واصفةً هذه الورقة بأنها شبيهة إلى حدٍ ما بطروحات سابقة كانت تضمنت سلة ضرائب جديدة، من دون تحديد الطبقات التي قد تصيبها. مصادر نيابية رأت من ناحيتها، أن كل ما يجري الحديث عنه بشأن الخطة يبقى مجرد كلام، لأن هذه الحكومة لا يمكنها أن تفعل شيئاً بعد أن أصيبت بداء الإفلاس في جميع الملفات التي واجهتها، وقد رأينا كيف يتخبط الوزراء بعضهم ببعض عند مقاربتهم أي ملف.

وسألت هذه المصادر عن صمت رئيس الحكومة حيال تأخير البت بملف التشكيلات القضائية وعلاقة الحكومة مع البنك الدولي وملف الكابيتال كونترول، قائلةً حتى في طريقة إعادة المغتربين يوجد تسييس للملف. وإذا كانت هناك من خطةٍ يمكن الحديث عنها فإنها خطة إفلاس الدولة، والهيمنة على ما تبقى منها. فعن أي اقتصادٍ يتحدثون في ظل دولة مفلسةٍ، وفريقٍ لا همّ له إلّا عقد الصفقات والسمسرات.

في غصون ذلك رأت مصادر مالية أن لا معنى لأي خطة اقتصادية لا تتضمن آليات واضحة لحماية حقوق المودعين، وتوزيعاً عادلاً للضريبة بشكل تصاعدي، واقتراحاتٍ محددة في كيفية وقف الهدر في المال العام وخفض العجز المدقع، مضيفةً هناك أداءٌ اقتصاديٌ غير سليم.  وسألت أين الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة، أين رعاية الدولة للقطاعات الزراعية، والصناعية، والتجارية، والصحية، ولماذا يريدون تحميل المودعين نتيجة فشلهم في إدارة الدولة، وختمت المصادر المالية بالقول إن، أي خطةٍ للحكومة لا يقرّها مجلس النواب لا قيمة لها. 
بالأمس عدنا لنسمع أنّ لبنان يحتاج تمويلاً خارجياً من 10 إلى 15 مليار دولار لاجتياز أزمته المالية، في وقت تضع فيه كل دولة من دول العالم مئات المليارات على طاولات حكوماتها لإنقاذ شعوبها من وباء جعل وضع بعضها بسوء الحربين العالميتين الأولى والثانية، نعم لبنان يحتاج أكثر من هذا الرقم ربما، ولكن من أين؟ في وقت يقول مطلعون إن المهلة التي منحها الدائنون للحكومة اللبنانية، قبل اللجوء الى إجراءات قانونية، مرهونة بالخطة الاقتصادية التي وعدت باعلانها خلال نيسان الجاري ومدى الجدية والثقة التي توحي بها.