التباين يتضح بين النداءين بشكل جلي وواضح إذ ان الحكومات في العالم تقدّم الخدمات والإحتياجات اللازمة للبقاء لمدة أطول خاصة وأن الأعمال قد توقفت في حين أن حكومتنا غيرقادرة على مد يد العون للمساعدة المالية وهي غير قادرة على إيقاف اللعب بصرف الدولار وغير قادرة على وضع حل للغلاء الفاحش بالحدّ من جشع التجّار حتى أنها لم تتصرف كما هو مطلوب في حالات الطوارىء بوضع رواتب الوزراء في خدمة الأزمة.
 

يبدو أن المهام الموكلة للحكومة هي تنفيس بالون الثورة الذي هدّد هواؤه القليل رجال السلطة والطوائف باعتبار الحكومة نتيجة لمطالب الشعب الذي كفر بالسياسيين وبات بحاجة ملحة لإختصاصيين شأنهم والإصلاح الإقتصادي وهذا ما دفع بالكثيرين من مؤيدي الثورة الى التأمل الإيجابي في حكومة ما كانت لتكون لولا الحضور الطوعي والموافقة العلنية لثلاثي المسرح السياسي الفاشل لتيار المستقبل وحزبيّ التقدمي والقوّات .

 

في البداية ثبّتت الحكومة أزمة الحكومات المتعاقبة واعتبرتها فوق الحلول الممكنة وغير ممكنة وأعلن الوزراء المختصون استحالة العودة الى ماقبل الإنهيار الأخير وأن الأزمة مفتوحة على أسوأ الإحتمالات وهذا ما رفع من سعر صرف الدولار وهذا ما أدّى الى اجتياح الغلاء لكل السلع الضرورية وغير الضرورية في ظل سكوت تام للأجهزة المختصة بحماية المستهلك وهذا ما أبقى أحوال الناس خاضعة للسياسات المالية من قبل المصرف المركزي والبنوك .

 

لم توفق الحكومة قبل فيروس كورونا في فعل شيء يُسيّر الأمور بغير اتجاه التدهور وباتت آمالها معلقة على ما وعدت نفسها به من دعم خليجي ولم يعدها أحد من دول لها ما لها من مواقف تجاه السياسات المتبعة في لبنان وطبيعة التركيبة الحاكمة والتي أعلنت عداءًا أو اختلافاً مع دول الخليج وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية .

 

إقرأ أيضًا: الفيروس الصغير الذي افترس أميركا الكبرى

 

رفضت الحكومة التجاوب مع مطالب البنك الدولي أو التعاطي الإيجابي مع الشروط ومع المستحقات المالية وهذا ما كرّس سياسة متنازع عليها بين الحكومة وبين الجهات الدولية وهذا ما أبقى المصير الإقتصادي أسير فرص غير صحية ومرضية .

 

أنقذ فيروس كورونا الحكومة المكبلة اليدين وأطلق لها العنان مع وصول المصابين الى لبنان وباتت الحكومة حكومة أزمة فيروس وهذا ما أزاح عنها أعباء الدين الداخلي بتصحيح المسارات في لبنان لصالح شعارات الثورة وأعباء الدين الخارجي بضرورة التجاوب مع شروط البنك الدولي ومع متطلبات السياسات العربية والخليجية تحديداً وضرورة الحياد الإيجابي في حروب المنطقة والخضوع لأوامر وسياسات الولايات المتحدة الأميركية .

 

 

عمدت الحكومة الى إزالة ما تبقى من رموز واقفة ودالة على حضور الثورة من خلال الأمكنة التي تمّ إزالتها بحيث أنهت هذه المعالم تحت غطاء الحجر الصحي وضرورة الإلتزام بالمنازل عملاّ بسياسات الحكومات في العالم والتي تطلب من الشعب الإلتزام بالحجر المنزلي حفاظاً على السلامة العامة ولكن التباين يتضح بين النداءين بشكل جلي وواضح إذ ان الحكومات في العالم تقدّم الخدمات والإحتياجات اللازمة للبقاء لمدة أطول خاصة وأن الأعمال قد توقفت في حين أن حكومتنا غيرقادرة على مد يد العون للمساعدة المالية وهي غير قادرة على إيقاف اللعب بصرف الدولار وغير قادرة على وضع حل للغلاء الفاحش بالحدّ من جشع التجّار حتى أنها لم تتصرف كما هو مطلوب في حالات الطوارىء بوضع رواتب الوزراء في خدمة الأزمة تحفيزاً للسادة  الرؤساء والنواب كي يكونوا جنوداً مجندة رواتبهم لصالح الناس التي اختربت بيوتها من أزمات متعاقبة وجاء الفيروس الصيني ليأكل آخر مدخرات هذا الشعب .