أدّى الكشف عن الاقتراح الذي أعدّته شركة «لازار» (Lazard) للاستشارات المالية بهدف سدّ الفجوة المالية في القطاع المصرفي البالغة، بحسب تقديراتها 62,4 مليار دولار، بعد حسم رأسمال المصارف (20,7 مليار دولار)، الى تفشي الهلع بين المودعين. إذ اقترحت «لازار» حماية 90 في المئة من المودعين، الذين يملكون ما مجموعه 13 مليار دولار، مقابل اقتطاع 61 في المئة من الودائع التي تفوق قيمتها 100 الف دولار، والتي يبلغ مجموعها 102 مليار دولار.
 

ذكرت «لازار»، ضمن اقتراحها، انّ الحكومة ستعدّ استراتيجية شاملة لإعادة هيكلة ميزانيات المصارف. وانّ التقدير الكامل للخسائر المباشرة وغير المباشرة في محفظة اصول المصارف، قد تصل الى 62,4 مليار دولار، بما فيها الاصول بالدولار والليرة اللبنانية. واشارت الى انّ خطتها تعتمد اوّلاً على عملية إنقاذ من قِبل مساهمي المصارف، من خلال استخدام كامل رأسمالهم (20,7 مليار دولار). ثانياً، سيتمّ سدّ الفجوة المالية البالغة 62,4 مليار دولار عبر مساهمة كبار المودعين، على ان تتمّ حماية ودائع 90 في المئة من المودعين.


 

خير الدين

في هذا الإطار، كشف الوزير السابق والمصرفي مروان خير الدين، انّه بغض النظر عن اقتراح «لازار» المُشار اليه أعلاه، فإنّ المستشار المالي قد سبق واقترح على الحكومة شطب دين مستحق على الدولة لصالح مصرف لبنان بقيمة 15 مليار دولار، بذريعة انّ مصرف لبنان أقرض الدولة هذا المبلغ ضمن حساب جاري، وبالتالي لا مبرر لأن تسدّد الدولة لنفسها هذا المبلغ، ويمكن شطبه وتقليص التزامات الدولة بقيمة 15 مليار دولار. موضحاً لـ«الجمهورية»، انّ هذه الاموال تعود للمصارف، أي للمودعين ولا يمكن شطبه.

وشكّك خيرالدين في النيّات الفعلية لهذا الاقتراح، والتي ستؤدي حكماً الى اقتطاع من اموال المودعين، «وهو الامر الذي نسعى جميعنا الى تفاديه، لأنّه سيؤدي الى خراب شامل الى أبد الآبدين».


 
واعتبر انّ تحميل المودعين مسؤولية سدّ ديون الدولة هو اجراء غير عادل، لأنّ واجبات الدولة الشروع في الإصلاحات وتحصيل المبالغ اللازمة من خلال تفعيل اداراتها. وقال، انّ سدَّ الفجوة المالية الناتجة من سياسة متّبعة منذ 30 سنة، لا يمكن ان يتمّ «بشطبة قلم»، بل سيتطلّب وضع خطة اصلاحية لمعالجة الأزمة وتجزئة الحلّ على مدى 10 سنوات.

وشدّد على انّ سدّ الفجوة يمكن أن يتمّ من خلال الإصلاحات المطلوبة على صعيد الدولة، بالاضافة الى تعاون مصرف لبنان والمصارف ومن دون المسّ بالودائع، مؤكّداً انّ المصارف مستعدّة لتحمّل جزء من الخسائر شرط ان تشرع الدولة في الاصلاحات المطلوبة.

وسأل خير الدين: «في حال قرّرت الدولة اقتطاع نسبة معيّنة من الودائع، كيف ستقوم بتسديد الجزء المتبقي من اموال المودعين؟ وهل سترفع القيود المصرفية بعد اجراء عملية الـhaircut؟».

وقال، ان لا خيار سوى استعادة التدفقات المالية من الخارج بعد استعادة الثقة بالقطاع المصرفي من خلال اعادة هيكلته، بسبب تعذّر المصارف عن تسديد اموال المودعين، حتى لو تمّ اعتماد اي خيار سواء كان haircut أو bail in أو غيره، لأنّ احتياطي مصرف لبنان اصبح عند مستويات متدنية قياسية.

 

مخايل

من جهته، قال الخبير المصرفي مروان مخايل، انّ اقتراح «لازار» المتداول به، ليس اقتراحاً وارداً ضمن خطة الحكومة الاقتصادية والمالية، كما انّه ليس اقتراحاً جدّياً، مشيراً لـ«الجمهورية» الى انّ الحكومة تدرس خيارات عدّة من اجل سدّ الفجوة المالية في القطاع المصرفي، واتخاذ القرار النهائي لن يكون بالعملية السهلة، لأنّ كل الخيارات تتضمّن سلبيات وايجابيات، وبالتالي على مجلس الوزراء الاختيار بين السيئ والاسوأ.

وفيما اكّد انّه لا بدّ من اعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف، اوضح انّ الاقتطاع من الودائع يمكن ان يحصل من خلال طرق عدة، منها فرض ضرائب على الودائع او تحويل جزء من الودائع الى اسهم في المصارف، وهو الاقتراح الاقرب الى الواقع، لأنّه يعطي فرصة للمودعين للاستثمار في مصرف سيستعيد عافيته بعد فترة زمنية معيّنة، وقد يحقق المساهمون ارباحاً في المستقبل. مشيراً الى انّ تحويل جزء من الودائع الى اسهم في المصارف، لا يمكن ان يُطبّق وفقاً لقاعدة موحّدة، بل وفقاً لحاجة كل مصرف. كما ذكر مخايل، انّ من الخيارات المطروحة ايضاً، تجميد الودائع لمدة 5 الى 7 سنوات بفائدة صفر في المئة، «لكن اقتطاع نسب كبيرة تصل الى 60 في المئة كما يُتداول اليوم، ليس خياراً مطروحاً».


 
وأوضح، انّ كافة الخيارات المطروحة، لن تؤدي، بعد تطبيقها، الى تحرير الودائع ورفع القيود المصرفية، بل انّ هدفها فقط اعادة هيكلة القطاع المصرفي، في حين انّ الثقة هي العامل الوحيد الذي يمكن ان يؤدي الى رفع القيود المصرفية. ولفت الى انّ السيولة غير متوفرة لتسديد اموال المودعين لأنّ التدفقات الخارجية كانت تفوق التحويلات الى الداخل في الفترة الاخيرة، كما انّ المصارف استمرت في تحويل الودائع من الليرة الى الدولار دفترياً منذ العام 2013 لغاية اليوم، رغم فقدان العملة الاجنبية، مما زاد الطين بلّة، علماً انّ مصرف لبنان لم يردعها ولم يُصدر تعميماً يمنع ذلك.