الواضح حتى الآن أنّ ما هو نافذٌ بحدّ ذاته في هذا البلد هي إرشادات وتوجيهات أمين عام حزب الله تارةً، وإرشادات وتوجيهات وزير الخارجية السابق تارةً أخرى.
 

يوماً بعد يوم، يُثبت وزراء حكومة الرئيس دياب "الهجينة" أنّهم ليسوا بمُستقلّين ولا تقنيّين، حتى من كان منهم أكاديمياً سرعان ما تخلّى عن ميزته هذه، ليّنفّذ رغبات ومصالح من اصطفاه ورسمَهُ في منصب الوزارة، وخيرُ مثالٍ على ذلك الوزراء الذين زكّاهم وشرّفهم التيار الوطني الحر، ويأتي بعد ذلك الوزراء الذين "عيّنهم" الرئيس بري والذين "نصّبهم" حزب الله، والأيام تُثبت ذلك للعيان، فوزير المالية لم يتمكن من تمرير مشروعه المتعلق بال"Capital control، وبتنا في الآونة الأخيرة نشهد اجتماعاتٍ مالية مع حاكم مصرف لبنان المركزي السيد رياض سلامة وجمعية المصارف، يقودها مدير عام الأمن العام ويغيب عنها وزير المالية.

 

 

 وبالأمس حضرت وزيرة العدل السيدة ماري كلود نجم مناقشة تلفزيونية على قناة Lbc، حول التشكيلات القضائية التي كان قد أقرّها مجلس القضاء الأعلى( تكاد أن تكون المؤسسة الوطنية الوحيدة في لبنان المشهود لها بالكفاءة والنزاهة)، وقامت الوزيرة، حاملة لقب بروفسور لدى كلية الحقوق والعلوم الانسانية في جامعة القديس يوسف، بعرقلة هذه التّشكيلات بحُججٍ وآراءٍ شخصية، مع بعض المُزايدات على أعضاء مجلس القضاء الأعلى، ويبدو أنّ وراء تلك "العرقلة" بعض الضغوطات السياسية التي مارسها أقطاب التيار الوطني الحر( صاحب الفضل في تسميتها وزيرةً للعدل).

 

إقرأ أيضًا: النائب فضل الله يتباكى على سيادة أصبحت أثراً بعد عين

 

 الواضح أنّ معالي الوزيرة قدّمت بالأمس مُطالعةً ومُرافعةً عن موقفها بردّ التشكيلات القضائية لم تُقنع أحداً بصوابية عرقلتها هذه، فقد ظلّت "مُتلطّية" وراء طروحاتٍ شخصية معظمها غير قابلٍ للتّطبيق على ما يبدو، وذلك بإجماع مجلس القضاء الأعلى الذي لم يأخذ بملاحظات وزيرة العدل، وأعاد تأكيدهُ وإصراره على نسخة التشكيلات القضائية الأصيلة، وبدل أن تُذعن الوزيرة لإرادة مجلس القضاء الأعلى عمدت إلى التّضليل والمُواربة، بعزمها على تحويل مشروع التّشكيلات إلى المراجع العليا مع التّأكيد على ملاحظاتها التي لم يأخذ بها مجلس القضاء الأعلى، وللأسف الشديد لم تتراجع وزيرة العدل بالأمس عن تعنُّتها وإصرارها على "العرقلة" ، رغم المطالعة المُفيدة والقيّمة التي قدّمها خلال البرنامج النائب القاضي السابق جورج عقيص، كما أنّها لم تُعرّ انتباهاً إلى ما قاله لها رئيس مجلس شورى الدولة السابق شكري صادر بشأن التشكيلات القضائية،حين لفت نظرها بوجوب التّقيُّد بالنّص الذي يقول: إنّ التشكيلات القضائية إذا أصرّ عليها مجلس القضاء الأعلى بعد ردّها من جانب وزير العدل تُصبح " نافذة بحدّ ذاتها".

 


الواضح حتى الآن أنّ ماهو نافذٌ بحدّ ذاته في هذا البلد هي إرشادات وتوجيهات أمين عام حزب الله تارةً، وإرشادات وتوجيهات وزير الخارجية السابق تارةً أخرى.