انشغلت الأوساط اللبنانية في خبر مقتل القيادي في حزب الله علي يونس مصاباً ببضعة طلقات في الرأس ظهر السبت في بلدة جبشيت جنوب لبنان، داخل سيارة على الطريق التي تصل بين بلدتي قعقعية الجسر وزوطر الغربية الجنوبيتين وإصابة مرافقه في السيارة بجروح نُقل على أثرها إلى المستشفى.
 
اختلاف مضمون خبر الحادث
على أن اللافت في الحادثة أن حزب الله لم يذكر في بيان النعي الرسمي الذي لم يصدره إلا بعيد منتصف الليل رتبته الحزبية مكتفياً بوصفه "بالشهيد المجاهد"، في حين أن "وكالة أنباء فارس" الناطقة رسمياً باسم السلطات الإيرانية أعلنت في اليوم التالي أن يونس اغتيل من قبل مجهولين، وهو كان مسؤولاً عن ملاحقة العملاء والجواسيس قبل أن تسحب الخبر، علماً أن "وكالة الأنبا المركزية" (وهي وكالة لبنانية خاصة) كانت أوّل من ذكرت مساء السبت خبر مقتل القيادي في حزب الله علي يونس من دون تحديد صفته الحزبية، وعلى طريقة الخبر الأمني العادي بإشارتها إلى "أنه عُثِر بعد ظهر اليوم (السبت) على جثة المواطن ع.ي (من بلدة جبشيت) داخل سيارة على الطريق التي تصل بين بلدتي قعقعية الجسر وزوطر الغربية وهي مصابة بعدة طلقات نارية وطعنات من سكين. وحضرت إلى المكان دوريات من مختلف الأجهزة الأمنية للتحقيق بالحادث، حيث أفيد عن توقيف شخص يدعى ع. ف .ا من بلدة مركبا الجنوبية مشتبه به بعملية القتل".
 
 
منطقة حسّاسة جغرافياً
مهما اختلف "مضمون" خبر مقتل القيادي في حزب الله، إلا أن البُعد الجغرافي للحادثة يعكس "خرقاً أمنياً" واضحاً لمنظومة الحزب.
 
فبحسب أوساط مطّلعة تحدّثت لـ"العربية.نت"، "فإن المنطقة التي جرت فيها الحادثة تُعدّ "منطقة أمنية" حسّاسة لـ"حزب الله". فبلدة زوطر جنوب لبنان تضمّ معسكرات كشفية خاصة بالحزب، ويُقال إنها تضمّ أيضاً مجموعة قواعد لإطلاق صواريخ ما يعني أنها منطقة أمنية تخضع لمراقبة دقيقة، وبالتالي لا يُمكن خرقها بسهولة".
 
ولعل ما يُعزز نظرية "الخرق الأمني": "أن المنطقة التي قُتل فيها يونس كما تشير الأوساط المطّلعة، لا توجد فيها تضاريس كثيرة وإنما هي سهل مكشوف بحدود 15 كيلومتراً يمتد حتى مدينة النبطية، ما يعني أن أي سيارة تدخل إليها تخضع للتدقيق والمراقبة من قبل كاميرات خاصة".
 
ولفتت الأوساط إلى "أن منطقة جبشيت وحتى نهر زوطر (بحدود 6 كيلومترات) هي منطقة عسكرية بامتياز وهي تقع في محاذاة منطقة شمال الليطاني غير الخاضعة لنفوذ قوات "اليونيفيل" وهي خارج القرار 1701.
3 سيناريوهات للعملية
 

ورجّحت الأوساط أن يكون للحادثة 3 سيناريوهات مختلفة:

السيناريو الأوّل (وهو الأضعف)، أن يكون علي يونس قد قُتل لأسباب شخصية وأنها جريمة متعلقة بإرث قديم أو خلاف على تصريف دولارات.

السيناريو الثاني أن يكون الشخص الذي كان برفقة علي يونس وأصيب بجروح نُقل على أثرها إلى المستشفى هو الشخص المُستهدف وليس يونس. وما يُعزز صحة هذا السيناريو أن علي يونس ليس قيادياً بارزاً في حزب الله وإنما "كادر" عسكري عادي مهمته تنفيذية، وهو ما تؤكده مصادر مقرّبة من حزب الله.

السيناريو الثالث أن يكون يونس ضحية عملية تصفية من الموساد الإسرائيلي. وهذا السيناريو يتقاطع مع ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاثنين الماضي عن عملية عسكرية داخل إسرائيل أسفرت عن اعتقال فتاة في المخابرات الإسرائيلية بعد اكتشاف معلومات عن تواصلها مع لبناني يُدعى (علي) وتعرّفت عليه عبر "فيسبوك" وتزوّده بمعطيات وصور عن قواعد عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي.

اختراق أمني للحزب
على أن الخلاصة الوحيدة لهذه السيناريوهات، خصوصاً الثاني والثالث هي أن حزب الله ووفق الأوساط المطّلعة تعرّض لخرق أمني قوي من قبل "جهة" لديها قدرة عالية على معرفة أدقّ التفاصيل المتعلّقة بالمناطق التي يتحرّك فيها، خصوصاً المُصنّفة "بالأمنية والحسّاسة" ومراقبة عناصره وقياداته".

وأوضحت "أن حزب الله وعندما كان يتعرّض أحد قادته لعملية اغتيال لا يُشير في بيان النعي إلى مسؤولية هذا الشخص داخل الحزب أو المراكز التي يتولاها، وهو ما لم يُطبّق على عملية قتل علي يونس، إذ أعلنت "وكالة أنباء فارس" أنه يتولّى وحدة مراقبة الجواسيس والعملاء، كذلك فعلت تسريبات صحافية من داخل حزب الله أشارت إلى تولّيه ملفات أمنية حسّاسة في الفترة الأخيرة".

تحضير لعملية أمنية!

أما عن سبب ذكر "الصفة" الأمنية لعلي يونس من قبل "وكالة أنباء فارس" وقبلها مصادر من داخل الحزب، فاعتبرت الأوساط "أن الحزب قد يكون "دخل في لعبة" وكالة أنباء فارس بذكره المهمة الأمنية ليونس ليبعث برسالة إلى الداخل اللبناني بأن معركته مع إسرائيل ستبقى مفتوحة ما دامت تغتال قادة من طراز علي يونس المسؤول عن ملاحقة العملاء والجواسيس الذين يعملون لصالحها.

وما حصل قد يكون مقدّمة لأمر ما يُحضّر له حزب الله ومن ورائه إيران لتسخين جبهة جنوب لبنان تحت عنوان الردّ على اغتيال علي يونس.

ولفتت إلى "أن صدور خبر الحادثة من وسيلة إعلامية إيرانية له دلالات كثيرة تصبّ جميعها في خانة "الاستفادة" مما حصل لتصعيد المواجهة مع واشنطن وتوظيف الحادثة في ملف تكليف رئيس حكومة جديد في العراق وملف التعيينات المالية في حاكمية مصرف لبنان، والنائب عن حزب الله حسن فضل الله اتّهم الولايات المتحدة بالتدخّل في التعيينات".

يُذكر أن الأوساط اللبنانية انشغلت منذ أسبوعين بخبر إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري الذي كان آمراً لسجن الخيام جنوب لبنان أيام الاحتلال الإسرائيلي، وأفرجت عنه المحكمة العسكرية في لبنان بعد أن كان اعتقل في سبتمبر/أيلول الماضي أثناء زيارته لبنان آتياً من الولايات المتحدة الأميركية.

وأثارت القضية استياءً لدى جمهور حزب الله الذي عبّر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن "امتعاضه" من تصرّف الحزب وعدم تحرّكه لمنع إطلاق سراح الفاخوري، وهو ما استدعى إطلالة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله اتّهم فيها أميركا بالتدخّل لإطلاق سراحه وإخراجه من لبنان بطائرة خاصة.


عامر الفاخوري
وبعد أيام من إطلاق سراحه، وقعت جريمة في بلدة المية ومية، وذهب ضحيتها المواطن أنطوان الحايك الذي كان ينتمي لجيش لحد، وكان مساعداً للعميل عامر الفاخوري.