منذ الأيام الأولى لظهور فيروس كورونا المستجد، كانت الملاحظات الطبية تنصب على خطورته بالنسبة لكبار السن، لكن بمرور الأسابيع والأشهر اتضح أن الوباء لا يرحم أيضا الشباب، فيصيبهم بأعراض ومضاعفات خطيرة، بل يكون قاتلا أحيانا.
 
 
وتبقى الآثار الخطيرة للفيروس لدى صغار السن، أحد ألغاز المرض المعروف باسم "كوفيد 19"، حيث إن بإمكانه مهاجمة الشباب الذين يبدون في صحة جيدة، بمن فيهم أفراد الطواقم الطبية الذين يعالجون المرضى.
 
وفي سياق تفسير الأمر قدمت العديد من النظريات، التي سلطت عليها الضوء صحيفة "غارديان" البريطانية، إذ يعتقد بعض الباحثين أن عدد جزيئات الفيروس الذي تصيب الفرد قد يكون له تأثير حاسم، أي أن نتيجة تلقي كمية أكبر من الرذاذ تعني حالة مرضية أسوأ.
 
ومن بين الشبان الذين توفوا بفيروس كورونا، الطبيب الصيني لي وين ليانغ، الذي كان من أوائل المحذرين من تفشي المرض في بدايته.
 
وتوفي لي عن عمر 34 عاما بعد تدهور حالته الصحية، نتيجة إصابته بفيروس كورونا على خلفية مخالطة المرضى الذين كان يعالجهم في في مدينة ووهان وسط الصين، بؤرة الفيروس.
 
وفي المقابل، يقول آخرون إن القابلية الوراثية هي التي تؤدي إلى تدهور صحة الشباب وموت بعضهم أحيانا، أو بكلمات أخرى، فإن بعض الأفراد يكونون عرضة أكثر من غيرهم لمضاعفات الفيروس في أجسادهم نتيجة لتكوينهم الجيني.
 
ويميل إلى هذه النظرية عالم الفيروسات في إمبريال كوليدج في لندن، مايكل سكينر، إذ يقول إنه "من المحتمل جدا أن يكون لبعض منا تركيبة جينية معينة تجعل استجابته لعدوى الفيروس سيئة".
 
وما يدعم هذه النظرية، مرض "الهيربس" على سبيل المثال، الذي يسبب تقرحات مؤلمة على الشفاه وفي الحلق، وأحيانا في الأعضاء التناسلية والأرداف.
 
ويمكن أن تكون استجابة بعض الأشخاص سيئة لمواجهة هذا المرض المعدي، نتيجة التركيب الجيني لديهم الذي يؤثر على مستقبلات الخلايا في الجهاز العصبي المركزي، لذلك تكون المستقبلات غير قادرة على مواجهة أسوا تأثير له.
 
ويقول سكينر: "من المحتمل أن نرى نوعا مماثلا من القابلية الوراثية لدى مرضى فيروس كورونا، الأمر الذي يقود إلى معاناة أكبر وآثار جانبية أكثر خطورة".