كتبت صحيفة النهار تقول:
 
 
لم يعد السؤال متصلا بواقع حكومة تتعرض لتأديب متعمد ومقصود قبل ان تنصرم مهلة المئة يوم المتعارف عليها اصولا للحكم على إنجازات الحكومة والتي تعهدتها هذه الحكومة تحديدا في بيانها الوزاري، بل بات السؤال المحير هو لماذا تنبري قوى 8 آذار بالتحالف اوالتقاطع مع العهد وتياره للإمعان في اضعاف الحكومة ومحاصرتها من الداخل السياسي والحزبي الذي استولدها؟. بالأمس كانت الحلقة الأقسى والاشد وقعا بوطأتها الثقيلة على صورة حكومة عبثا "تجاهد" للتخفي على واقع استرهانها وتبريره بحجج واهية لا تقنع أحدا حتى مطلقيها، فما ان تطوي صفحة فصل ضاغط ومحرج من هنا، حتى يعاجلها فصل محرج آخر من هناك. وهكذا تتوالى الفصول والضغوط تباعا وصدقية الحكومة آخذة في التآكل التصاعدي الى حدود لم تعرفها سابقا أي حكومة اقله في هذا التوقيت المبكر من عمرها. والواقع ان ما جرى امس على صعيد اضطرار رئيس الحكومة حسان دياب الى سحب بند التعيينات المالية من جدول اعمال مجلس الوزراء، لم يشكل التظهير الفاقع المستجد لواقع الاسترهان والتسلط السياسي والحزبي الذي يمارسه تحالف تيار العهد وقوى 8 آذار على الحكومة سواء في تقاطع مصالحهم او في تصادم مصالحهم وتجاذباتهم ومحاصصاتهم، بل ظهر تحت المجهر المكبر اخفاق التحالف السلطوي في إدارة البلاد وسط أسوأ واخطر ظروف مصيرية صحية واقتصادية ومالية عرفها في تاريخه. اذ يبدو من الظلم ان ترمى كل التبعات على الحكومة في ظرف لا يحتمل ترف البحث عن بديلها فيما تترك القوى السياسية التي تمارس ترفا خياليا في التهافت على الحصص السلطوية، وكأن لا كورونا تزحف مهددة بالانتشار الوبائي الأخطر، ولا افلاس يزحف منذ اشهر مهددا بتحويل لبنان جمهورية فقراء. واذا صح ان مداخلة الرئيس دياب في جلسة مجلس الوزراء امس قوبلت بتصفيق الوزراء، لانه اطلق مواقف بارزة من قضايا التعيينات وآليتها التي يجب اتباعها وكذلك من ظاهرة التفلت من الإجراءات الحمائية للمواطنين والتزام الحجز المنزلي والتلويح بتشديد الإجراءات اكثر فاكثر وصولا الى إعلانه صراحة ان مصير آلية إعادة المغتربين واللبنانيين الراغبين في العودة من الخارج يتوقف على الدفعة الأولى الاحد المقبل ورصد عدد المصابين فيها، فان ذلك لن يحجب الواقع اللافت الذي طبع الواقع الحكومي اخيرا بطابع تلقيها ضربات اهل البيت وتعريضها لنكسات واهتزازات متعاقبة في اقل من ثلاثة أسابيع. ولا حاجة الى التذكير هنا ان ابرز هذه الانتكاسات جاءت عبر ارغام الحكومة على سحب مشروع الكابيتال كونترول ومن ثم ارغامها على إقرار آلية متعجلة لاعادة اللبنانيين في دول أوروبية وافريقية تحت وطأة التهديد بسحب وزيري حركة "امل" من الحكومة وأخيرا ارغامها امس على طي مشروعها الذي كان ناجزا للتعيينات في مناصب نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية تحت وطأة تغيب وزيري "تيارالمردة" والتهديد بسحبهما من الحكومة.
 
حتى ان معلومات ترددت عن تهديد دياب بالاستقالة ووضع كل القوى السياسية المشاركة في الحكومة في الزاوية لتتحًمل المسؤولية وحدها اذا بقيت في ما بينها تتناحر على محاصصة التعيينات المالية في مصرف لبنان وهيئات الاسواق المالية. وتقول هذه المعلومات ان دياب ابلغ صباح امس قيادة "حزب الله" تهديده بالاستقالة فورا من رئاسة الحكومة اذا لم يوقف الحزب حرتقة حلفائه عليه وعلى حكومته بخصوص تناتشهم التعيينات من بري مرورا بباسيل وصولا الى فرنجية. وذكر انه ابلغ الحزب انه مستعد اليوم وقبل غد للاستقالة وليتحمًل هؤلاء المسؤولية بالبلد وحدهم اذا كانوا قادرين عليها. وهذا التطور حدا بقيادة الحزب للتدخل بشكل سريع وكان المخرج سحب بند التعيينات.
 
اذا رحلت التعيينات المالية والمصرفية الى اجل غير محدد بعدما علقت في عنق زجاجة المحاصصة السياسية.
 
وكادت جلسة الامس ان تفجر الحكومة، بعدما نفذ رئيس "المرده" سليمان فرنجيه تهديده بتغيب وزيريه لميا الدويهي وميشال نجار عن الجلسة، في خطوة اولى على طريق الخروج النهائي من الحكومة فيما لو اقرت التعيينات دون اعطاء المردة مركزين.
 
وبعدما فشلت وساطة "حزب الله" في التوصل الى تسوية بين حليفيه فرنجيه ورئيس "تكتل لبنان القوي" جبران باسيل، لم يشأ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ارجاء الجلسة، الا انهما اتفقا في خلوتهما على سحب بند التعيينات.
 
وعلم ان رئيس الحكومة وقبل ان يصل بعبدا كان مقرراً سلفاً سحب بند التعيينات، وهو لم ينتظر الوصول اليها في البند الاخير في جدول الاعمال، وبادر في كلمته المطبوعة الى طلب سحبها، ناسفاً مفهوم المحاصصة الذي غلفها في صيغتها التي وصلت بها الى مجلس الوزراء.
 
وفي الية عودة المغتربين من الخارج، علم ان الرئيسين عون ودياب اتفقا على عدم السماح لأي شخص ركوب طائرة متوجهة الى بيروت من دون فحص.
 
وجاء هذا الموقف بعدما تبين ان دولاً ترفض استقبال الطواقم الطبية المفترض ان تسافر في الطائرات لتجري الفحوص الطبية للمسافرين قبل صعودهم الى الطائرة.
 
وفِي سياق النقاش، تقرر تعديل بعض ما جاء في آلية العودة لجهة اخضاع العائدين للفحص اثناء ركوبهم الطائرة وسيصار الى اجراء فحص اخر معمق فور وصولهم الى بيروت.
 
وعلم ايضاً ان وزير الصحة حمد حسن تحدث خلال الجلسة عن الخطورة التي تكمن في التوزيع الجغرافي للاصابات ما يدل على ان هناك مناطق لبنانية كثيرة ظهرت فيها اصابة او اكثر خصوصا عكار وزغرتا وطرابلس مبديا اسفه لعدم حصول انضباط في هذا الموضوع متمنيا التشدد على الأرض لقمع المخالفات.
 
وعلم ان وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي طلب تعديل الصيغة الموجودة في الألية حاليا وجعلها متكيفة مع التعديل لأبلاغ السفارات بذلك. وتم التشديد على المزيد من التوعية الأعلامية في هذا الموضوع والأجراءات الردعية منعا لخرق التعبئة العامة.