بالرغم من كل التوقعات التي سبقت العام 2020 والتي اشارت الى أن اسرائيل ستكثّف استهدافاتها للساحة السورية وستزخم عملياتها العسكرية فيها، في محاولة منها لضرب القواعد الامامية للحرس الثوري الإيراني و"حزب الله"، غير ان الواقع أتى بعكس المتوقع، اذ تراجع مسار الضربات الجوية الاسرائيلية نسبياً.

 

ووفق مصادر مطلعة، فإن التراجع قد يعود الى اسباب اسرائيلية داخلية، اذ ان تكثيف الضربات كان بجزء منه محاولة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحسين صورته امام الرأي العام الاسرائيلي واظهار نفسه انه رادع للإيرانيين، وتالياً فإن الستاتيكو الداخلي جعل من الضربات الجوية الاسرائيلية غير مؤثرة بشكل واضح في الانتخابات.

لكن رأي آخر، وفق المصادر نفسها، يبدو اكثر ترجيحاً، اذ يعتبر أن الضربات العسكرية التي استهدفت القوات الاميركية في العراق والتي عطلت - الى حد ما - عملها ووظيفتها هناك، كانت دافعاً لتراجع تل ابيب خطوة صغيرة الى الوراء لمعرفة مسار الامور في العراق.

 

وتلفت المصادر الى ان تل أبيب لم تعد واثقة، كما في السنوات الماضية، بأن عملياتها الجوية في سوريا قادرة على ضرب القدرات الايرانية ومنع تراكم القوّة في سوريا بشكل اساسي وبدرجة اقل في لبنان، اذ أن نظرية المعارك بين الحروب بدأت تذبل اسرائيلياً بعد التقارير التي تحدثت عن عدم قدرتها على منع ايران و"حزب الله" من نقل وسائل قتالية جديدة ومتطورة الى الساحات المحيطة بإسرائيل.

وتقول المصادر إن الضربات الجوية التي استهدفت سوريا امس، هي ضربات روتينية، تستهدف مخازن اسلحة ووسائل قتالية، تعتقد اسرائيل انها كاسرة للتوازن، وان الايرانيين يقومون بنقلها الى فصائل سورية بمساعدة "حزب الله"، وما يؤكد روتينية الضربة هو استهدافها المطارات التي من المعروف أن الحرس الثوري يستخدمها، وهذا يعني أن الهدف لم يكن عملية خاطفة استثنائية بل ضربة تشبه سابقاتها، لكن لماذا عادت الضربات الاسرائيلية؟

وتعتقد المصادر أن التحركات الاميركية في العراق ونقل اسلحة مضادة للصواريخ اوحى لتل ابيب بأن واشنطن باقية في العراق وليست في وارد الانسحاب، بل أن التسريبات عن ضربة عسكرية لكتائب "حزب الله" العراقي، ساهم في زيادة الثقة الاسرائيلية، فقامت بإستغلال هذه اللحظة لاستعادة مبادرتها في سوريا.

ولفتت المصادر إلى أن تل ابيب ليست في وارد توجيه ضربة لايران في الوقت الحالي تكسر قواعد الاشتباك وتفرض على الايرانيين الرد، اذأان طهران قد تكون بنظر اسرائيل، تنتظر نقل الصراع من مالي - اقتصادي الى عسكري لتزيد قدرتها التفاوضية، وهذا ما لا تريده تل ابيب خصوصاً في ظل ما يقلقها في المتغيرات الاميركية بعد وباء كورونا، ومخاوفها من تراجع حظوظ فوز الرئيس الاميركي دونالد ترامب.