ماذا يجري على الجبهة السياسية؟ ولماذا تسارع القوى السياسية إلى التباعد بدل التضامن، في غمرة المجابهة القاسية مع فايروس الكورونا، الخطير على حياة الناس .
 

في ظل الأداء السياسي السيئ والمتردي للحكومة الأوضاع تتردى أكثر من السابق نحو الأسوأ وما عادت الناس قادرة على التحمّل. تقترب البلاد من انفجار اجتماعي جديد، على الرغم من تفشي وباء كورونا. 

 

مساء الأحد الفائت، خرجت تظاهرات في مناطق مختلفة ومتعددة. وطالب المتظاهرون فيها بتوفير حد أدنى مقومات العيش. لبنان لا يزال في الشهر الأول من أزمة الوباء، والذي كان من قبل غارقاً في أزمة اقتصادية، مالية، اجتماعية، خانقة. الناس وصلت إلى حدّ الاختناق والانفجار. الحجر في المنازل على ضرورته وحتميّته، يزيد من الأعباء على فئات كثيرة في المجتمع. هؤلاء حتماً لن يتمكنوا من الصمود والبقاء في منازلهم، وآخرون سيتعرضون لخطر خسارة أعمالهم، ما يعني زيادة منسوب البطالة، وتفاقم الأزمة الاجتماعية والمعيشية.
أي انفجار مقبل لن يفرّق بين منطقة وأخرى، أو طائفة وأخرى. 

 

تظاهرات الأحد كانت في حي السلم، وفي طرابلس، وفي سعدنايل. ولا بد من توقّع أن تتوسع مروحة التظاهرات في الأيام المقبلة بسبب سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وزيادة منسوب الضغط. وسط ذلك لا تزال الحكومة تبحث عن تشكيل لجان للعمل على مساعدة الأسر الفقيرة، التي لا ينتظر جوعها أبداً.

 

إقرأ أيضًا: الحكومة لا تهزها واقفة عشوار
 

 

لا أحد يعلم المدى الذي ستستمر عليه أزمة كورونا وحالة التعبئة العامة. الصين لا تزال تعاني منذ أربعة أشهر ولم تنته بعد. وإذا ما كان المعدّل المتوقع هو أربعة أشهر في لبنان، فحتماً لن يتمكن اللبنانيون من الصبر والصمود، ستتشظّى الفئات الاجتماعية كلها، وسط انعدام أي سياسة حكومية واضحة، وفي غياب خطة لململة التداعيات السلبية عميقة الأثر التي سيتركها الوباء.وللتأكيد على سلبية الواقع هو ما آلت اليه الامور في البلد حيث انعكست الصعوبات الاقتصادية والمالية والصحية التي يمر بها لبنان على العلاقات بين الأطراف المشكِّلة للحكومة التي يرأسها حسان دياب، نتيجة الخلاف على مقاربة قضايا ملحة، يجب عليها التصدي لها، إذ شهد الأسبوع المنصرم مزيداً من التصدعات في الجسم الحكومي، كان آخرها التباين حيال قضية المغتربين والطلاب اللبنانيين العالقين في عدد من الدول، والذين أطلقوا نداءات تطالب الحكومة بإفساح المجال أمامهم للعودة إلى بلادهم في ظل إجراءات الإقفال العام والتعبئة العامة في مواجهة انتشار فيروس كورونا ومن ضمنها إقفال مطار بيروت الدولي.

 

وفاجأ رئيس البرلمان نبيه بري الوسط السياسي، بتأكيده على ضرورة أن تتخذ الحكومة  إجراءات لإعادة اللبنانيين الراغبين في العودة، إذا هدد بقوله: إذا بقيت الحكومة على موقفها إزاء موضوع المغتربين إلى ما بعد يوم الثلاثاء المقبل، فسنعلّق تمثيلنا في الحكومة.بالتوازي رفع رؤساء الحكومات السابقون: سعد الحريري، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام الصوت و أكدوا بإصدار بيان يحذر من تعيينات تتجه إليها الحكومة «يشتم منها الرغبة في السيطرة على المواقع الإدارية والمالية والنقدية للدولة اللبنانية بغرض الأطباق على الإدارة الحكومية من دون الالتزام بقواعد الكفاءة والجدارة، وكذلك متغافلة عن المطالب الإصلاحية لشابات وشباب الإنتفاضة 
همُّ اللبنانيين في مكان، وهمُّ فرقاء السلطة في مكان آخر. يتقاتلون على المناصب والمواقع في التعيينات، وفي الإجراءات المالية، وما بينهما من حسابات متضاربة ومتناقضة، كالتي انفجرت في الأيام الماضية. ماذا يجري على الجبهة السياسية؟ ولماذا تسارع القوى السياسية إلى التباعد بدل التضامن، في غمرة المجابهة القاسية مع فايروس الكورونا، الخطير على حياة الناس .

 

وقد رفع الرئيس نبيه بري صوته ضد سعي القوى الأخرى لاحتكار كل التعيينات واختزالها. عندها اضطر حزب الله إلى التدخل مع رئيسَي الجمهورية والحكومة للبحث عن تسوية ومخرج، فيما تدور مفاوضات ومشاورات سياسية بين القوى من الآن حتى الثلاثاء وربما إلى الخميس، لإقرار صيغة إعادة المغتربين اللبنانيين، والاتفاق على صيغة التعيينات  بالوقت الذي يتسلل الجوع والحكومة العتيدة لا حول ولا قوة لها الا بما يشار اليها من أولياء الأمر .