اكد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني ان الحجر المنزلي يساعد بالطبع على الحد من تفشي كورونا وكلما تم الالتزام به كلما خفت اعداد المصابين والضغط على الجسم الطبي وتقلصت الفترة المطلوبة لاستمرار الحجر في لبنان مع الاشارة الى ان الخروج من الحجر لاحقاً سيكون تدريجياً. كما شدد على ان كسب الوقت مهم لأن هناك ترجيحات ان تضعف قدرة الفيروس بعد شهر نيسان.
لكنه لفت في مقابلة عبر "الجديد" الى ان للحجر انعكاسات سلبية الى جانب الوضع الاقتصادي الصعب على امكانية تأمين المواطنين المعيشة اليومية، لذا تمنى على الحكومة اخذ هذه المسألة بالجدية نفسها التي تمارسها في فرض الحجر. 
اضاف: "الاموال والمساعدات التي تحضّر قد لا تكون كافية لان اعداد المحتاجين قد تكون اكثر من المتوقع، من هنا اهمية ودور التضامن المجتمعي المطلوب".
كما توقف حاصباني عند المبادرات العديدة التي تطلق لمكافحة كورونا، قائلاً: "بعضها بنوايا انسانية صرف واخرى تسعى للاستفادة من الوضع. من الضروري ان يعمل الجميع في اطار واحد وبشكل ايجابي ضمن الخطة الوطنية التي حددتها الحكومة. اعني خصوصا الاحزاب السياسية، فالوقت ليس للتنافس في ما بينها وللعراضات. لا يمكن اطلاق المبادرات ورميها في وجه وزارة الصحة كي تتلقفها، ومن لديه افكار او اقتراحات للخطة فليقدمها عبر الاعلام او بالمباشر".

السباق مع الوقت

بما يتعلق بجهوزية القطاع الصحي في لبنان، اعلن حاصباني أن لدينا اكثر من 15 الف سرير اي بما يقارب 3 اسرة لكل الف مواطن في لبنان، كما لدينا نحو الفي سرير للعناية الفائقة وهي اعداد جيدة لكن الاشكالية انه لا يمكن اختلاط مريض الكورونا مع المرضى الاخرين.
اردف: "اليوم اطلقوا خطة متكاملة ولكنهم اخذوا وقتا حتى شكلوا لجنة ووضعت تصورها لمواكبة كورونا وكنا رفعنا الصوت باكراً، مطالبين الدولة بوقف الطيران مع الدول الموبوءة وقد استلحقوا الامر. ان كان لدينا 400 حالة معروفة الآن فربما لدينا 4 الاف حالة غير معروفة ولا تظهر عليها العوارض. مراكز الرعاية الصحية الاولية يبلغ عددها اكثر من 230 وهي برعاية وزارة الصحة وبالتعاون مع البلديات والجمعيات الاهلية. هذه المراكز منتشرة على كافة الاراضي اللبنانية ويمكن الاعتماد عليها اكان عبر تعبئة الاستمارات في المناطق او حتى باجراء الاختبارات السريعة  rapid test ولو انها غير دقيقة ولكنها تعطي توجها اوليا واحصاء عام على واقع الوباء في البلد".
رداً على سؤال، اجاب: "عامل الوقت مهم جداً بالنسبة لشراء المعدات، وارقام المصابين في الاسبوع المقبل ستكشف لنا إن كان بإمكاننا ان نستلحق الامر. نحن في سباق مع الوقت لذا اهم ما يمكننا التركيز عليه الآن هو الالتزام بالحجر. ليس هدفنا اخافة الناس ولكن في الوقت عينه عدم الجدية في التعاطي قد توصلنا الى كارثة.

على شركات التأمين تحمّل تكاليف العلاج من باب التضامن الوطني

في ما يتعلق بشركات التأمين، قال: "صحيح ان الاوبئة يتم استثناؤها في عقود التأمين، ولكن في ظل الازمة الاقتصادية والمالية الصعبة التي يعيشها لبنان ووضع المستشفيات التي لا تحسد عليه، ندعو شركات التأمين من باب المشاركة والتضامن الوطني ان تؤمّن تكاليف الحجر والعلاج للمؤمنين لديها. على الدولة ان تتفاهم مع هذه الشركات او ان يتم لي ذراعها. عليها ان تقدم كما المصارف، لقد حققت ارباحاً في الفترة السابقة وبامكانها ان تقتطع منها من باب المسؤولية الاجتماعية الوطنية لا من المنطلقات القانونية".

كورونا سرّع وصولنا الى ما كان سينتظرنا بعد أشهر

عن تداعيات كورونا على الواقع اللبناني، قال: "ما كنا سنصل اليه بعد أشهر، سرّع به فيروس كورونا على صعيد الوضع الاجتماعي والانساني. فأكثر من مليون وستمئة الف مواطن لبناني سيكونون بحاجة الى مساعدة ودعم".
ردا على سؤال، اجاب: "على الصعيد المالي، اننا نعيش ضوابط على السحوبات capital controls  كأمر واقع مطبق من قبل المصارف، لكن كان هناك تشريع له قيد النقاش وادخل في متاهات. يجب وضع ضوابط كي يتم التعامل من قبل المصارف بمساواة بين المواطنين لا ان يتم الاعتماد على جمعية المصارف كي تأخذ الامر على عاتقها لأن ذلك غير مغطى قانونياً بشكل واضح".
اضاف: "الامر الاخطر هو القيام بالاقتطاع من اموال المودعين وتحديداً الصغار بينهم. الواقع ان المواطنين دينوا الدولة عبر المصارف التي قامت بذلك رغم المخاطر العالية ومن دون ضوابط او حدود واضحة. بالتالي على المصارف اليوم ان تدفع جزءا من الكلفة لأن الدولة عاجزة عن سدادها وذلك اما عبر رفع رؤوس اموالها واما عبر دفع ضرائب على الهندسات المالية لمرة واحدة وبحجم كبير او عبر غيرها من الخطوات. كل هذه الاجراءات قد لا تكون كافية وقد يضطرون للمس بودائع الناس".

هكذا نحيي دورة ايجابية من الاستثمار ونعيد الثقة

تابع حاصباني: "لكن قبل اللجوء الى ذلك ان كانت الدولة عاجزة عن دفع اموال الناس نقداً لأن الدستور ينص على حماية الملكية الفردية واموال المودعين في المصارف هي ملكية فردية، من المخارج انشاء مؤسسة سيادية قابضة تملك اصول الدولة في قطاعات كالاتصالات، ادارة المرافئ، المطار، الريجي، الكازينو، اراضي سكك الحديد وهي قرابة 450 كيلومتر مربع وغيرها وتقدر قيمتها بين 15 الى 20 مليار دولار. يعطى الناس بدل الجزء الذي سيقتطع من اموالهم اسهما في هذه المؤسسة السيادية وبالامكان بيعها لاحقا في سوق الاسهم على ان تتم ادارة المؤسسة ومراقبتها بشكل شفاف وعلى مستوى عالمي. يتم اشراك القطاع الخاص في هذه القطاعات وانشاء الهيئات الناظمة لمراقبتها، ما يضخ اموالا جديدة في البلاد ويحرك الركود ويزيد النمو". 
واشار حاصباني الى انه بناء على ذلك نحيي دورة ايجابية من الاستثمار في لبنان ونعيد الثقة ونخفف اللجوء الى المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي، مذكّراً ان لدى الدولة هذه الاصول ولكن لم تسخدمها بشكل جيد حتى الآن وهي تحجرها لمصلحة السلطات السياسية المتعاقبة منذ عقود ولم تنجح بادارتها بل حتى ادت الى فشلها. 
ختم حاصباني: "سيكون لوباء الكورونا اثر اقتصادي عالمي كبير جداً في عامي 2020 و2021 ولكن اتوقع عودة قوية للاقتصاد العالمي بعد ذلك وحالة من النمو، فعسى ان يكون لبنان جاهزا للاستفادة من ذلك ويكون منصة في المنطقة لاستقطاب الاستثمارات".