كتبت صحيفة النهار في المانشات ليوم الاثنين 30/3/2020:
 
 
لعل المشهد الاروع والارقى مساء امس، كان في الثامنة مساء، حيث توحد اللبنانيون بعيدا ‏من لوثة السياسة وبعض السياسيين، والحسابات الضيقة، فصفقوا من على الشرفات ومن ‏النوافذ، تقديرا للجسم الطبي والتمريضي الذي يحارب في مكافحة فيروس كورونا المستجد، ‏للاطباء والممرضين الذين يهتمون بالمصابين لانقاذ ارواحهم، ويُحرمون عائلاتهم وابنائهم ‏تجنبا لنقا العدوى اليهم. في الثامنة مساء، كان تصفيق عم المناطق من الشمال الى ‏الجنوب، ولم تحل دونه اجراءات تعبئة او منع تجول او ما شابه‎.‎‎
اما سياسيا، فان الحكومة على موعد مع "التطويع" المعلن غدا، بعدما هددها الرئيس نبيه ‏بري بتعليق مشاركة وزيريه في الحكومة، وبعد انذار مماثل قبل ايام من رئيس "تيار ‏المردة" سليمان فرنجيه، وقبيل ساعات من اطلالة الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن ‏نصرالله، التي سبقتها اتصالات لتهدئة الاجواء شرط ضمان اتخاذ القرارات الحكومية اللازمة ‏في شأن اعادة المغتربين اللبنانيين الراغبين في العودة الى بلادهم هربا من جحيم الكورونا ‏خصوصا في الدول الاوروبية. وقد امل النائب حسن فضل الله من الحكومة "أن تتخذ ‏الإجراءات اللازمة على ضوء الاتصالات التي قام بها حزب الله بين الرئاسات المعنية، في ما ‏يتعلق بالمغتربين اللبنانيين، وتقوم بوضع خطة عاجلة تسمح لمن يرغب منهم في العودة ‏إلى لبنان".‎‎
واذا كان بري توعد بان "لكل حادث حديث" اذا لم تتخذ الحكومة الاجراءات التي كان فاتح ‏الرئيس حسان دياب بها، فان مصادر قريبة منه تقول انه "بعد تلقّي دياب هذه الرسالة ‏العاجلة سارع الى تحديد "جلسة اغترابية" غدا الثلثاء".‎ ‎
وتلويح بري يتعليق مشاركة وزيريه في الحكومة، يأتي بعد سلسلة خلافات وتباعد في ‏وجهات النظر بين الثنائي الشيعي ورئيس الحكومة، واصراره على فرض "دفتر شروط" ‏لعمل مجلس الوزراء، فلا تصدق انها حكومة مستقلة وفق وزير سابق لـ"النهار". فالتباعد لا ‏يتعلق فقط بملف المغتربين، وليس وليد الساعة، بل يتوسع الى مجمل الملفات بدءا ‏بالتعامل المالي اذ دفع الثنائي الحكومة الى عكس قناعتها في شأن سندات الاوروبوند، ‏ووضع "فيتو" على التعاون مع صندوق النقد الدولي، وتحتدم هذه العلاقة على ابواب ‏التعيينات في المراكز المالية، وباقي المواقع المطروحة لاحقا. ويتجه الثنائي الى حسم ‏الاسمين الشيعيين اللذين سيحلان في المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف. ‏ويرجح هنا ان بري أراد توجيه رسالة "تأديب سياسية" الى كل من يهمه الأمر حيال التعيينات ‏التي تخص الشيعة وصولاً الى "تيار المردة" الذي يلمس وغيره من قوى ان طيف "التيار ‏الوطني الحر" هو الذي يسيطرعلى مفاتيح السرايا الحكومية‎.‎
وقد انفجر الخلاف في قانون تنظيم العمليات المصرفية، الذي رفعه وزير المال غازي وزني ‏الى رئاسة الحكومة. وبدلا من ان يدرج على جدول الاعمال، خضع لتفنيد من فريق ‏المستشارين في السرايا، قبل ان تعدل صيغته ويرفع معدلا، وليس بالصيغة المتفق عليها ‏مع بري. لم يقبل الاخير الامر فابلغ وزيره بسحب المشروع مطلقاً عليه رصاصة الرحمة. ‎
بالعودة الى ملف عودة المغتربين، افادت معلومات "النهار" ان الاتصالات بين وزيري ‏الخارجية والمال ناصيف حتي وغازي وزني والتنسيق مع جمعية المصارف افضت الى ‏اعلان المصارف استعدادها لتحويل الاموال الضرورية للطلاب المغتربين الى حين عودتهم. ‏وسيسبق جلسة مجلس الوزراء غدا الثلثاء اجتماع لوضع الخطوات من اجل بت موضوع ‏افساح المجال امام عودة من يشاء من المغتربين علما ان العائق الاساسي لا يكمن في ‏تأمين اماكن للحجر على الاتين الى لبنان بل يتمثل في كيفية تأمين صعود المغتربين الى ‏الطائرة من دون اجراء اختبار الكورونا. فلبنان كما سائر الدول الاوروبية لا يملك ما يكفي من ‏فحوصات " بي سي آر" ويحتاج ما بات يعرف بالاختبار السريع قبل صعود الركاب الى ‏الطائرة. ومع ان مطار رفيق الحريري الدولي مقفل رسميا حتى تاريخ 12 نيسان ضمنا وفقا ‏لحال التعبئة العامة المعلنة والممددة، فان وزراء يجزمون بان لا مشكلة على هذا الصعيد ‏بل المشكلة في غياب الاختبار الذي يضمن صعود ركاب غير مرضى الى الطائرة لئلا ‏تتتسبب اصابة احدهم في عدوى شاملة في الطائرة. واذ صح ما جاء عبر رسالة وجهت الى ‏عدد من الوزراء من رئيس المجلس القاري الافريقي عن طلب الجاليات اللبنانية في الخارج ‏اختبارات لفحص الكورونا من كوريا الجنوبية وسواها وامكان الحصول عليها خلال ايام قليلة ‏فان المسألة تكون سهلت على لبنان اتخاذ القرار باعادة من يود من المغتربين وربما حتى ‏بتسهيل عودة مغتربين من دول اوروبية تفتقر بدورها الى الفحوصات اللازمة مما يجعل ‏متعذرا اعادتهم في الوقت الراهن من دون اجرائها مسبقا‎.‎
كورونياً، أصدرت وزارة الصحة العامة تقريرها اليومي أمس عن آخر الاصابات بفيروس ‏كوفيد -19، و بلغ عدد الحالات المثبتة مخبريا في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات ‏المستشفيات الجامعية المعتمدة إضافة إلى المختبرات الخاصة 438 حالة بزيادة 26 حالة ‏عن السبت. وسجلت حالتا وفاة لدى مريضين يعانيان أمراض مزمنة، كلاهما في العقد ‏الثامن من العمر، أحدهما في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، والثاني في ‏مستشفى اوتيل ديو الجامعي، ما يرفع عدد الوفيات جراء الوباء الى عشرة.‎ ‎
وشددت الوزارة مجدداً على تطبيق كل الإجراءات الوقائية، خصوصاً التزام الحجر المنزلي ‏التام الذي أضحى مسؤولية أخلاقية فردية ومجتمعية واجبة على كل مواطن وان أي تهاون ‏بتطبيقها سيعرض صاحبها للملاحقة القانونية والجزائية‎.‎
أما مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فأعلن في تقريره أمس أن مجموع الحالات التي ثبت ‏مخبريا إصابتها بفيروس الكورونا والتي عزلت في منطقة العزل الصحي في المستشفى ‏وصل إلى 65 إصابة، وان 7 حالات مشتبه بإصابتها بالفيروس، تم نقلها إلى المستشفى من ‏مستشفيات أخرى. وأعلن المستشفى أيضاً عن تماثل إصابتين بالفيروس للشفاء بعد ما ‏جاءت نتيحة فحص الـ‎ PCR ‎سلبية في المرتين، وتخلصهما من عوارض المرض كافة، ليرتفع ‏بذلك مجموع الحالات التي شفيت تماما منذ البداية إلى 32 حالة شفاء.‎ ‎
وسير الجيش اللبناني دوريات في مختلف المناطق اللبنانية لمراقبة تطبيق قرار التعبئة ‏العامة، حيث قام بإقفال 104 محال تجارية وتفريق 27 تجمعا شعبيا ومؤازرة 4 بلديات في ‏تطبيق القرارات. فيما سطّرت قوى الأمن الداخلي 376 محضر ضبط مكتوبا في مختلف ‏المحافظات. وانطلقت حركات احتجاج في الضاحية وطرابلس وصيدا تطالب باعادة فتح ‏الاسواق لضمان توفير الناس لقمة عيشهم‎.‎