تحدثت راجانا حمية عن الطلاب اللبنانيين العالقين في ايطاليا، فكتبت:

المطلب الأساسي هو تأمين طائرة لإجلائنا. هذا هو ردّ الطلاب اللبنانيين في إيطاليا على قرار مجلس الوزراء تشكيل لجنة لمتابعة أوضاع المغتربين في الخارج. لا يريد هؤلاء سوى العودة إلى أهاليهم، فيما الحكومة تصرّ على التعامل معهم وكأنهم خرجوا من «خانة قيدها»، مصرّة على أن لا قرار لعودتهم قبل انتهاء حال التعبئة العامة

خيّبت مقرّرات مجلس الوزراء، أول من أمس، آمال اللبنانيين في إيطاليا، طلاباً ومقيمين. ففي وقت كان ينتظر هؤلاء من الدولة أن تنصفهم بإقرار «حق العودة» إلى بلادهم، بعدما لامسوا حافة الجوع في بلاد اغترابهم، جاءهم الحل على الطريقة اللبنانية بتشكيل لجنة «لمتابعة أوضاع اللبنانيين في الخارج في ظل الكورونا». لم تأت اللجنة على ذكر الخطوات التي ستتابع من خلالها حال العالقين في الخارج، وخصوصاً في إيطاليا حيث النكبة الأكبر، مكتفية فقط بخبر التشكيل، وكأنّ المسألة حُلّت. وكانت سبقت التشكيل بأيام تصريحات «بالجملة» مهّدت لكيفية المتابعة، إذ حصرتها بتأمين مساعدات فورية للمغتربين وإبقائهم حيث هم. لكن، «هم» لم ينتظروا من الدولة قراراً «يذرّ الرماد في العيون»، على ما يقول رئيس جمعية أصدقاء لبنان في إيطاليا، حسان عاصي. كان المتوقّع من الدولة «التي نحمل جنسيتها» أن تبادر فوراً إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة من يرغب إلى البلاد. وكان قد سبقهم إلى هذه الدعوة رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بطلبه أمس من «الحكومة عقد جلسة استثنائية اليوم قبل الغد من أجل إعادة النظر في قضية المغتربين الذين يواجهون خطر الوباء في أماكن انتشارهم في شتى أصقاع الأرض». فالأولى اليوم, بالنسبة إلى بري بدل تشكيل اللجان وتقديم «طلبات إلى السفارات»، أن تبادر الحكومة، وبصفة عاجلة، إلى اتخاذ الإجراءات اللوجستية لإعادتهم إلى بلادهم، «لا اختراع البارود والشذوذ عن كل دول العالم التي تقوم اليوم بالبحث عن مواطنيها لإعادتهم».

المطلب الأساس لمعظم الطلاب في إيطاليا والمقيمين هو «تأمين طائرة الإجلاء»، يقول الدكتور محمد كمال، أحد المتابعين لقضية الطلاب اللبنانيين في إيطاليا. وهو اليوم «مطلب ملحّ، وخصوصاً أن لا توقيت زمنياً لانتهاء الأزمة في إيطاليا». وهو توقيت زمني «مرهون تالياً بقدرة إيطاليا على العودة إلى الحياة الطبيعية بعد انتهاء أزمة كورونا». لا خيار آخر «سوى ما قاله الرئيس بري عن تأمين عودة المغتربين إلى أهاليهم وخصوصاً الطلاب الذين هم الحلقة الأضعف، وإبعاد الموضوع عن دائرة التجاذب السياسي»، بحسب كمال.
لكن، إلى الآن لا يبدو أن الدولة قد أخذت بهذا الخيار، والأكيد أنها لن تفعل ما فعلته دول العالم. هذا ما بات أكيداً بالنسبة إلى المقيمين والطلاب اللبنانيين في إيطاليا. وما يجعلهم بهذه «الثقة» هو تلكؤ الدولة في تقرير عودتهم، وما خبروه سابقاً على مدى أشهر من لامبالاتها تجاه حصار المصارف لهم بعدما باتوا اليوم ينتظرون مساعدة «الخيّرين ليؤمّنوا لقمة عيشهم»، بحسب عاصي. بالنسبة إليهم، الدولة «تريدنا إما أن نموت بالكورونا أو أن نموت من الجوع»، هذا ما يقولونه اليوم. وباتوا أكثر «ثقة» بهذا الأمر بعد تشكيل لجنة متابعة أوضاع المغتربين أمس.
يأخذ هؤلاء على قرار التشكيل أنه لم يأخذ في الحسبان الحالة الطارئة التي يعيشها المغتربون، كما أنه لم يكن واضحاً «ما هي الأسس التي سترتكز عليها اللجنة في متابعة أوضاعنا»، يقول عاصي.

 

ففي ما يخص الطلاب والمقيمين في إيطاليا «لا تستطيع الدولة أن تتخذ قرارها منفردة، إذ عليها التنسيق مع الحكومة الإيطالية، من جهة، ومن جهة أخرى ليس واضحاً كيفية المتابعة، فهل هي متابعتهم حيث هم؟ أم متابعة عودتهم؟». في الشق الأول، من السؤال، يرفض معظم المغتربين، ومعظمهم من الطلاب، البقاء هناك في هذا الظرف بالذات. أما في الشق الثاني، فيطالب هؤلاء بتوضيح الإجراءات اللوجستية التي تخصّ عودتهم، بدءاً من تأمين خروجهم من بيوتهم إلى مطار ميلانو وصولاً إلى الإجراءات التي ستتخذها الدولة في مطار بيروت. وصول الطلاب إلى المطار في ميلانو ومنها إلى بيروت. لذلك، «لا أمل باللجنة»، هذا ما يقولونه، مشدّدين على أن «ما اتخذته الدولة في جلسة أول من أمس ليس أكثر من إبرة بنج»، بحسب عاصي. آخر المطاف، بالنسبة إلى هؤلاء، الحل الأفضل هو «التبسيط» في السفارة «وساعتها بياخدونا».
من جهة أخرى، تشير مصادر وزارة الخارجية والمغتربين إلى أن قرار تشكيل اللجنة «كان نزولاً عند رغبة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب». أما «طرح» وزارة الخارجية، فكان تحضير آلية تمهّد لقرار العودة. وتكشف المصادر أن «وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي أخذ معه إلى جلسة مجلس الوزراء آلية تقضي بإعادة المغتربين إلى بلادهم بعد خضوعهم للفحوص في الدول الآتين منها، على أن يعاد في الدفعة الأولى من هم بصحة سليمة ويلتزموا بالحجر المنزلي مدة 15 يوماً بعد عودتهم ويجري حجر من تظهر لديهم العوارض في البلاد التي يقيمون فيها ويعودون بعد أن ينهوا فترة الحجر». غير أن رغبة الخارجية لم تلائم رغبة رئيس الحكومة، الذي يملك «قرار إذن الطيران». وبدلاً من منح هذا الإذن، «أحال الطلب إلى لجنة لمتابعة أوضاعهم»، رافضاً قرار العودة حتى ما بعد الثاني عشر من نيسان المقبل.