أكثر ما نخشاه هنا أن نتذكر مع السيد صفي الدين إعلانه عن محاربة الكورونا هي الوعود الكثيرة والفضفاضة التي أغدقت علينا قبيل الانتخابات عن محاربة الفساد والفاسدين، وهذا ما لا نريده !!!
 

نعلم علم اليقين بأن اللحظة هي لحظة تكاتف وتضامن وتعاون، ولحظة الابتعاد عن أي نوع من المناكفات والحسابات السياسية، وصب كل الجهود في مواجهة فيروس كورونا وتبعاته من حاجات الناس المعيشية وضروريات حياتها من مأكل ومشرب وطبابة وسواها.

إلا أنه وبكل أسف، فإن العراضات الاعلامية واستغلال معظم الأحزاب ومنهم حزب الله لمعاناة الناس وبطرق لا تمت إلى الموضوعية بصلة تجعلنا مضطرين إلى الإضاءة على هذه السلوكيات المرفوضة ولو من باب النصيحة والنقد البناء هذه المرة وليس من باب تسجيل النقاط، لأننا من الداعين إلى شكر وتقدير أي خطوة إيجابية من أي جهة كانت حتى ولو من خصومنا وحتى من سارقي أموالنا.

وبالعودة إلى الخطة التي أعلنها المسؤول التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين من على شاشة المنار، وأخبرنا فيها أن لدى الحزب ما يقارب 2400 طبيبا وممرضا، وعددا كبيرا من سيارات الدفاع المدني للهيئة الصحية وإقامة مراكز العزل الطبي !!! وما إلى هنالك من تفاصيل وأعداد كبيرة وخطوط ساخنة وباردة وتشكيل لجان عمل وجيش من المتطوعين ومع تأكيدنا مرة جديدة على شكر كل جهد قد يساهم في التخفيف عن المواطنين، فإننا نسجل هنا ملاحظات لا بد منها.

اقرا ايضا : في زمن الكورونا : القابض على ثورته كالقابض على الجمر

 

 أولا : إذا كانت هذه العراضة الاعلامية هي بسياق الحرب النفسية التي اعتاد حزب الله خوضها بنجاح باهر بوجه أعدائه وخصومه، فلا بد من تذكير الحزب أن فيروس كورونا لا يشاهد المنار ولا هو من نوع الخصوم الذي قد يتأثر ويضعف أمام الدعاية وبث المعنويات، أما إذا كان المقصود بهذه العراضة هم البيئة الحاضنة وجمهور الحزب، فإن هذا الجمهور لم يعد معنيا إطلاقا بالأقوال والدعاية الحزبية وما يريده هو الأفعال التي يفتقدها وبالتالي فإن محاربة الوباء تحتاج إلى إمكانات حقيقية يتلمسها وليس إلى رفع معنويات إعلامية قد تأتي بردود فعل عكسية لا يحمد عقباها إذا ما حانت لحظة الحقيقة.

ثانيا : هذا الوباء المستجد "كورونا" لا يحتاج لمواجهته أساليب وتجهيزات كلاسيكية، وإنما يحتاج بشكل أساسي إلى عنصرين أساسيين: مختبرات مجهزة للفحص المبكر، وأجهزة تنفس.. وللأسف فهذين العنصرين غير مدرجين بالخطة الطبية المعلنة، فلا المختبرات بمناطق نفوذ الحزب مجهزة أو هي بطور التجهيز ولا المعدات المطلوبة قد أعلن عن استحضارها ولا طبعا المستشفيات الحكومية والخاصة أيضا، وكنا نتمنى لو أن السيد هاشم قد أعلن أن كل ما لدينا من مختبرات مجهزة وكل معداتنا ومستشفياتنا وأجهزة التنفس هي من الجمهورية الاسلامية تماما كما الصواريخ والسلاح والمعاشات !!!! 

ثالثا : يأتي الإعلان عن "الخطة الطبية" العظيمة! في ظل حكومة دياب المسمات من الحزب والمحسوبة على محوره، وفي ظل وزير صحة محسوب عليه مباشرة، وهذا ما يطرح سؤالا كبيرا: لماذا هذا الإصرار من قبل الحزب على إظهار إمكانياته ومقدراته بعيدا عن الحكومة ووزارة الصحة، وهل المطلوب هو تركيز ثقافة ربط البيئة الحاضنة بالحزب مباشرة  وخوفه من ثقافة الانجرار نحو تثبيت مرجعية الدولة والحكومة والوزارة حتى وهي محسوبة سياسيا عليه للإيحاء دائما أن المرجعية الاولى والاخيرة هي للأحزاب والزعامات المناطقية والطائفية؟؟ ، وإلا فلماذا لا تكون هذه الإمكانيات إن وجدت في خدمة وزيره وحكومته، وخروج سيد معمم لا علاقة له بالطب ولا بالطبابة للاعلان عنها ؟؟! 

ختاما كل المطلوب في هذه المرحلة الصعبة من الجميع هو التكافل والتضامن، والابتعاد عن الحسابات الضيقة ونرجو من حزب الله خصوصا أن يعرف بأن هذا الوباء الشرير لا يقاوم بالدعاية والاعلام وإنما بالعلم والطب، ومن الخطأ اللجوء إلى نفس الاساليب القديمة  في مواجهة الاعداء والخصوم ومن خلال الادعاءات الفارغة، لأننا أكثر ما نخشاه هنا أن نتذكر مع السيد صفي الدين إعلانه عن محاربة الكورونا هي الوعود الكثيرة والفضفاضة التي أغدقت علينا قبيل الانتخابات عن محاربة الفساد والفاسدين، وهذا ما لا نريده !!! وشكرا .