في عز أزمة مكافحة فيروس كورونا، طفا على الواجهة السياسية ملف الكابيتال كونترول، ليضع مجددا فريق التيار الوطني الحر، في مواجهة الثنائي الشيعي، لتتسع الهوة العميقة أصلا بين الطرفين منذرة بمرحلة سياسية معقدة سيتفرغ الجميع لها بعد طي صفحة الوباء.
 
 
وفي الانتظار، تجمعت في الأفق السياسي معطيات تفيد بأن الجميع بدأ يعد العدة منذ الآن لمرحلة ما بعد كورونا، التي من المتوقع أن تشهد استعادة للسجالات السياسية المعهودة بين الأفرقاء. 
 
وفي السياق، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" إلى أن، وفي خطوة متوقعة، اختارت حكومة الرئيس حسان دياب "أن تبعد عن الشر وتغنيلو"، فاتخذ مجلس الوزراء قرار سحب مشروع الكابيتال كونترول الذي كان وزير المال غازي وزني قد أعده ليصار إلى إقراره، مفضلا إعطاء نفسه والوزراء مزيدا من الوقت لدراسته وتمحيصه. وإذ تعترف المصادر بأن هذا القرار الحكومي يصح وصفه بالـ "حكيم"، وأنه جنب الحكومة، بل والساحة السياسية عموما، خطر انفجار كباش جديد في غير مكانه وزمانه بين التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
 
وتذكّر في هذا السياق بأن الرئيس بري لم يتوان عن إعلان معارضته الشديدة لمشروع الكابيتال كونترول، الذي يضغط بعض القوى لإقراره، في وقت يبدو العونيون من أشد المؤيدين لخطوة من هذا النوع على اعتبار أن من شأنها المحافظة على المالية العامة. تباين عززه بري بموقفه المدافع عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والقطاع المصرفي برمته، من حيث رفض المساس بصلاحيات الحاكمية، على ما هو وارد في المشروع حسب رأيه.
 
وتلفت المصادر أيضا إلى أن هذا "الاختلاف" على الأقل في مقاربة موضوع الكابيتال كونترول يأتي بعيد انفجار إشكالية عامر الفاخوري، في وجه الجميع من حيث لا يدرون. وهنا أيضا، لم يخف الرئيس بري امتعاضه إزاء ما انتهى إليه الملف من "تهريبة" للفاخوري بعد 6 شهور من سجنه في لبنان، في وقت لم يعلق التيار على هذه القضية، على أهميتها في علاقاته ذات الطابع الاستراتيجي مع حزب الله، إلا من زاوية استنكار زج اسم الوزير السابق جبران باسيل والكلام عن دور له في إخراج الفاخوري. 
 
غير أن هذا العرض المطول للأحداث لا يمنع المصادر من الاشارة إلى أن ملفا مهما قد يكون كامنا خلف الجولة الجديدة من الكباش المضبوط بين التيار والثنائي الشيعي. إنه ملف الكهرباء الذي يتعارض الطرفان بشدة إزاء مقاربته، وهو ما دلت إليه بقوة السنوات الماضية، مكرسة هذا التباعد.
 
وفي هذا الاطار، ترجح المصادر أن يكون الثنائي الشيعي، من خلال الرئيس بري ومواقفه العالية النبرة في مواجهة التيار، يحاول فرض ايقاعه في بعض الملفات كالكابيتال كونترول والكهرباء، خصوصا بعدما تعثر مرارا الحل الذي ينادي به العونيون منذ سنوات، والقائم على الاستئجار الموقت لبواخر الفيول، في وقت يطالب رئيس المجلس وسواه من أطراف الداخل بالركون إلى حل يقوم على إشراك القطاع الخاص، تبعا لمندرجات قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أقر عام 2017، ما يرفع سقف المواجهة على خط عين التينة- ميرنا الشالوحي إلى مستويات أعلى. جملة مؤشرات ترى فيها المصادر دليلا واضحا إلى أن ما بعد كورونا لن يكون كما قبله، وإن كان الجميع متيقنين، في الشكل على الأقل، من أن الأولوية الآن لوضع حد لهذا الوباء، مهما كان الثمن، وبعدها لكل حادث حديث.