كتب المتخصص في شؤون الاقتصاد والتكنولوجيا والإعلام ديريك ثومبسون، لدى موقع ذا أتلانتيك، أن أكثر المتضررين من انتشار فيروس كورونا هم أصحاب الدخل المحدود الذين كانوا بدأوا يضيّقون فجوة عدم المساواة.
 

ويعود ثومبسون بالذاكرة إلى عام 1918 عندما اجتاح وباء الانفلونزا الولايات الأميركية وانتقمت اللامساواة لنفسها. فقد بذل تقدميون كل ما في وسعهم، خلال العقد الذي سبق ذلك الوباء، لتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء والتي ازدادت اتساعاً في العصر الذهبي. وسيطر هؤلاء على لجنة التجارة الفيديرالية، وصادقوا على تعديل ضريبة الدخل الفيديرالية، وأعطي العاملون شكلاً من أشكال التأمين. لكن وباء الإنفلونزا أثر بشكل كبير على تلك الإنجازات. فقد أصاب في أولى موجاته الفقراء على نحو غير متناسق لأنهم كانوا يعملون في أماكن متقاربة، ويسكنون في شقق صغيرة على خلاف نظرائهم الأكثر ثراءً.

وبحسب الموقع،، بعد مئة عام يكرر التاريخ نفسه. ويجتاح اليوم الوباء الولايات المتحدة، ويحصد في طريقه خاصة العاملين من أصحاب الدخل المحدود.
ولا يفترض بأي شخص أن يخلط بين عام 2020 وما جرى في أوج العهد التقدمي في القرن العشرين، لكن السنوات القليلة الأخيرة سجلت مكاسب ثمينة بالنسبة للعمال الأكثر فقراً. فقد ارتفعت، في نهاية 2019، في الولايات المتحدة أجور العاملين في صناعات محدودة الدخل بوتيرة أسرع منه في السنوات العشرين السابقة. وتحقق هذا الإنجاز نتيجة ارتفاع الحد الأدنى للأجور عبر البلاد( مكسب هائل لمجموعات عمالية بدت أهدافها مستحيلة سابقاً)، فضلاً عن تراجع تاريخي في معدل البطالة. وأضاف الاقتصاد الأميركي مزيداً من الوظائف على مدى أكثر من 100 شهر، ما خفض مستوى البطالة بين العمال السود والأميركيين اللاتينيين إلى أدنى مستوياته في التاريخ الأميركي.

ولكن، بحسب الكاتب، يهدد وباء فيروس كورونا بوقف هذا الزخم التقدمي. ووفق بيان صدر عن البيت الأبيض، قد تبلغ نسبة البطالة 20% في الأشهر القليلة المقبلة. وذلك يعني أن الفيروس قد ينقل الاقتصاد من أدنى معدلات البطالة في الخمسينات إلى أعلى معدلاتها في ثلاثينات القرن الماضي. ووفق محللين في مؤسسة جي بي مورغان، قد ينخفض إجمالي الدخل القومي بنسبة 14% خلال الربع الثاني من العام. وإذا صحت توقعاتهم، سوف يتراجع الاقتصاد الأمريكي من أطول فترة توسع في تاريخه إلى أسوأ تراجع في الناتج المحلي الإجنالي الفصلي على الإطلاق.
ونتيجة له، يرى الكاتب أنه كما جرى قبل 102 عام، بات من المؤكد أن تؤدي هذه الموجة من الوباء لمعاقبة الفقراء على نحو غير متناسب، ليس فقط عبر وقف الانتعاش الطويل بعد الركود الكبير، بل تحديداً من خلال استهداف قطاعات يعمل فيها أضعف العمال وأقلهم حماية.
وفي ذات السياق، قال مارك مورو، زميل بارز لدى معهد "بروكينغز": قد يقضي شهر واحد على إنجاز تحقق في 10 سنوات. وسوف يحل ركود هائل في قطاع الخدمات، ونحن نتحدث عن خطر فقدان أكثر من 10 ملايين وظيفة من أصحاب الأجور المنخفضة، وانخفاض معدل الفائدة على أساس معلومات سرية".


ويلفت كاتب المقال إلى أن خطر الوباء سيصيب خصوصاً القوة العاملة التي يتعامل أفرادها مباشرة مع الناس، وكذلك الاقتصاد الترفيهي، الذي حظرته معظم الحكومات لمنع انتشار الفيروس.
وفي أميركا ومعظم دول العالم، يتشاطر العاملون في تلك المهن، من مندوبي مبيعات وعمال فنادق وخدم، أشياء مشتركة، مثل ضعف الأجور وقلة وسائل الحماية العمالية، كالإجازات المرضية المدفوعة الأجر.
ويؤكد كاتب المقال أن آثار الوباء ستبقى لأجيال. ولربما ترفع من حدة عدم المساواة في أميركا على المدى القصير. إلا أن هذا الوباء قد يولد نوعاً جديداً من التفكير الاجتماعي الذي يتطلب تحقيق تأمين شامل ومنح إجازات مرضية للجميع، وليس فقط للموظفين القادرين على العمل عن بعد.
المصدر: 24