تناولت صحيفة النهار ملف كورونا وجلسة مجلس الوزراء لاقرار الكابيتال كونترول، فكتبت في مانشاتها:
 
 
يومان بعد تولي القوى العسكرية والأمنية تنفيذ قرارات التعبئة الصحية وجوهرها التزام ‏الحجر المنزلي، حملت نتائج أيا تفاوتت الآراء حيالها سلبا او إيجابا، من شأنها ان تضغط اكثر ‏فاكثر نحو مزيد من التشدد الحديدي المتدحرج أيا تكن التسمية او الوصف للتدابير كخطة ‏طوارئ او منع تجول او ما اليها من تسميات لا تبدل في واقع التشدد المطلوب تصاعديا، ‏في وضع يشهد سباقا مصيريا مع انتقال لبنان الى المرحلة الرابعة من الانتشار الوبائي. فلا ‏يمكن موضوعيا الانكار ان انتشار الجيش وقوى الامن الداخلي والأجهزة الأمنية منذ ليل ‏السبت وفجر الاحد لتنفيذ مضمون القرار التنفيذي الذي أعلنه رئيس الحكومة حسان دياب ‏السبت الماضي، ترك نتائج جيدة في ضبط التفلت الشعبي الذي كان سائدا قبل الانتشار ‏العسكري والأمني، وأشاع أجواء جدية للغاية حيال التشدد المطلوب في إلزام المواطنين ‏الحجر المنزلي، خصوصا ان الإجراءات الجديدة لحظت ملاحقة المخالفين لقرارات التعبئة. ‏وقد بلغ مجموع محاضر الضبط التي نظمتها قوى الامن امس فقط 487 محضرا. ومع ذلك ‏فان هذا التطور على إيجابيته لم يحجب الوجه الاخر للإحصاءات المتعلقة بانتشار فيروس ‏كورونا في لبنان، اذ ارتفع عدد الإصابات امس الى 276، وفي المقابل سجلت خمس حالات ‏شفاء إضافية في مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي. ويتضح وفق هذه الوقائع ‏بحسب جهات معنية ان الحكومة التي ترصد مدى تآثير تولي القوى العسكرية والأمنية ‏تنفيذ الإجراءات الحكومية المقررة قد لا تكون مخيرة بعد أيام قليلة عن تصعيد التشدد في ‏ردع التفلت من الالتزام بالإجراءات، وربما لن يكون ثمة مفر من اعلان حال الطوارئ ومنع ‏التجول اذا لم يبدأ مؤشر الإصابات بالانحسار النسبي في نهاية الأسبوع الحالي. ولم يكن ‏مشهد الأسواق الشعبية في طرابلس امس قبل ان يحضر الجنود ويرغموا المواطنين على ‏التفرق والعودة الى منازلهم سوى عينة من عينات المخاوف المتعاظمة من تفشي ‏الإصابات على نطاق غير قابل للضبط الا بقوة قاهرة تصاعدية. مع ذلك فان وزير الصحة ‏حمد حسن لاحظ مؤشرا اعتبره جيدا وهو ازدياد الحالات الإيجابية من المخالطين، كما لفت ‏الى ان شغور 80 سريرا من اصل 160 في مستشفى رفيق الحريري يعني ان الوضع صحيا ‏ووبائيا تحت السيطرة‎.‎
‎ ‎
الإجراءات المالية
في أي حال فان أجواء المواجهة الكبيرة والتصاعدية مع انتشار كورونا لا تقف عند الإجراءات ‏الصحية والأمنية المتصلة بقرارات التعبئة اذ ان الوجه المالي للازمة والإجراءات المالية ‏والمصرفية التي كانت ازمتها السابقة لأزمة الكورونا قد أغرقت لبنان في اختناق غير ‏مسبوق، برزت مجددا في الساعات الأخيرة في رزمة قرارات يراد لها زيادة قدرات التحصين ‏المالي والسعي الى تجنب زيادة تفاقم الازمة المالية وأزمة السيولة لدى المواطنين ‏والمؤسسات في الظروف الشديدة الصعوبة التي يشهدها لبنان. وعشية جلسة مجلس ‏الوزراء اليوم التي ستبت مصير مشروع الكابيتال كونترول كما يفترض، تلاحقت مؤشرات ‏تحرك الملف المالي بقوة أولا من خلال اعلان صريح وواضح لوزارة المال بانه استكمالا ‏لحماية الاحتياطي من العملات الأجنبية وتعزيزا لهذا الهدف ونظرًا للضغوط المتزايدة على ‏الولوج الى العملات الأجنبية، قررت الحكومة التوقف عن دفع جميع سندات الاوروبوند ‏المستحقة بالدولار الأميركي، وستتخذ الحكومة جميع الإجراءات التي تعتبرها ضرورية لادارة ‏احتياطي لبنان المحدود من العملات الأجنبية بحكمة وحذر. وتزامن هذا القرار الذي يعد ‏قرارا استثنائيا لجهة وضع الحكومة يدها على الاحتياطي المالي بالعملات الأجنبية ووقف ‏دفع سندات الاوروبوند كافة مع تعميم مهم لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمنح ‏القروض بشكل مسهل للغاية وتقسيطها على مدة خمس سنوات بفائدة صفر في المئة، ‏وهو ما عزاه سلامة الى مساعدة اللبنانيين خلال المرحلة الصعبة وحتى لا تضطر ‏المؤسسات الى اقفال أبوابها والاستغناء عن موظفيها‎.‎
ووسط هذه الأجواء فان جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم تكتسب أهمية لجهة بت ‏نقطة بارزة وعالقة منذ بدء الازمة المالية والمصرفية في لبنان وهي تتصل ببت مصير ‏مشروع الكابيتال كونترول الذي اثير حوله جدل كثيف منذ اشهر. ذلك ان مجلس الوزراء ‏يفترض ان يشهد اليوم عرضا لتعليقات وملاحظات الوزراء على المشروع كما كان رئيس ‏الحكومة حسان دياب قد طلب من الوزراء في الجلسة السابقة. ولكن الأجواء عشية الجلسة ‏لم تكن لمصلحة إقرار المشروع في ظل معطيات أساسية من ابرزها : ان المشروع الأصلي ‏للكابيتال كونترول الذي أعده قبل ثلاثة أسابيع وزير المال غازي وزني قد تعرض لتعديلات ‏جوهرية على ايدي جهات عدة منها الفريق الاستشاري لرئيس الحكومة وجمعية المصارف ‏وحاكمية مصرف لبنان وغيرها، الامر الذي بات معه المشروع في شكل ومضمون مغايرين ‏للمشروع الأساسي. ثم ان امرا أساسيا يصطدم به المشروع هو رفض رئيس مجلس النواب ‏نبيه بري طرح أي مشروع للكابيتال كونترول على مجلس النواب من منطلق اعتباره ان ‏قانونا كهذا ليس مفترضا إقراره أساسا لانه مخالف للدستور كما انه يظلم المودعين ‏بالعملات الأجنبية، وان تنظيم العلاقة بين المصارف والمودعين يعود الى حاكم مصرف ‏لبنان وفق قانون النقد والتسليف. ثم ان بري تشدد في رفضه للمشروع لدى تعرض مشروع ‏وزير المال لتعديلات جوهرية عميقة. وليس من الواضح تماما ما اذا كان مشروع الكابيتال ‏كونترول مرتبطا بما يجري الاستعداد له على صعيد تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان ولجنة ‏الرقابة على المصارف. وقد علمت "النهار" في هذا السياق ان جلسة مجلس الوزراء ‏الخميس المقبل المرجح انعقادها في قصر بعبدا ستطرح فيها تعيينات نواب حاكم مصرف ‏لبنان، وقد أصبحت هذه التعيينات جاهزة وستكون كلها من أسماء جديدة ولن يكون هناك ‏تمديد لاسماء سابقة، بل ان وزير المال وضع ثلاثة أسماء لكل نائب حاكم وان الأسماء ‏وضعت وفق معايير الكفاءة والمؤهلات ولم تخضع للحسابات السياسية‎.‎