ليس خافياً على اللبنانيين ضعف إمكانات الدولة في مواجهة كورونا بالتأكيد كان الامر مختلفاً، لو لم يكن لبنان ضحيّة فساد السلطة على مدى السنين الماضية، ولو لم يجرِ تفريغ خزينة الدولة مما كان يعوّل عليه من اموال لتوفير الإمكانات المطلوبة، بدل ان تصبح دولة تتسوّل المساعدات على اعتاب دول العالم.
 
 
انّ ثلثي العلاج، وربما اكثر هو في ايدي اللبنانيين. فبيدهم أن يُرحِّلوا هذا الوباء، او يطيلوا إقامته القهرية في ما بينهم مع ما يترتب على ذلك من تهديد للأرواح، وذلك عبر اعتماد العلاج الأقل كلفة المتوفّر لهم حتى الآن، لمكافحة «كورونا» والحدّ من انتشاره، وذلك بالالتزام الكلّي بمنازلهم والتقيّد الى أقصى الحدود بكل الإجراءات الوقائيّة والحد من التنقل والاختلاط. وقد ذكّرت وزارة الصحة المواطنين بأنّ الالتزام بالحجر المنزلي التام أضحى مسؤولية أخلاقية فرديّة ومجتمعيّة واجبة على كل مواطن، وانّ أي تهاون في تطبيقها سيعرّض صاحبها للملاحقة القانونية والجزائية.
 
الأكيد انّ التزام اللبنانيين بإجراءات الوقاية الذاتية والبقاء في منازلهم، لم يعد طلباً ملحاً، بقدر ما هو توسّل اليهم باتباعها، وما ينبغي ان يتمعّنوا فيه مليّاً هو أنّ الأيام الثلاثة الأخيرة رفعت الخطر الوبائي الى مستويات مخيفة، والتطمينات التي سيقت قبلها، بأنّ لبنان ما زال من بين الدول الأقل تسجيلاً للإصابات نسبة الى الدول الأخرى، ذابت مع التزايد المرعب لعدد الحالات.
 
والواضح، انّ كل يوم يمضي بالتأكيد سيكون اصعب من سابقه. وتبعاً لتطورات هذا الوباء، فإنّ الاسبوع الجاري هو امتحان مصيري لكلّ اللبنانيّين، بين أن ينجحوا من خلال تقيّدهم الكامل بالإجراءات وبالتزام منازلهم، في تضييق مساحة انتشار هذا الوباء، وبهذا يخطون الخطوات الأهم على طريق النجاة، وبين ان يفشلوا، فينقلون البلد بفشلهم وخروقاتهم وعدم التزامهم شروط الوقاية الذاتية، من مرحلة الاحتواء الصعب، الى مرحلة الانتشار الوبائي السريع، الذي لن يكون في مقدور أحد ان يقدّر المدى الذي سيبلغه.
 
 وها هي دول العالم، وخصوصاً الدول الغنية والمتطورة، تقف عاجزة امام هذا الوباء، فكيف بالنسبة الى لبنان بوضعه المهترئ اقتصادياً ومالياً، والمهدّد بدفع كلفة باهظة جداً، سيدفعها اللبنانيون بشكل عام من صحتهم وأرواحهم ومن الفتات الباقي لهم من مورد رزقهم.