خيّم شبح فيروس "كورونا" على كافة مفاصل الحياة العامة حول العالم، وفرض قرارات استثنائية أدت إلى شلل شبه تام في الكثير من القطاعات، حيث تتسابق الحكومات لتبني إجراءات صارمة للحيلولة دون تفشي الفيروس الذي يواصل حصد الأرواح.
**كارثة تعليق المسابقات
 
وكحال الأنشطة التجارية والاقتصادية والفنية، تأثرت الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشِكل خاص بتلك القرارات، التي أدت إلى توقف جميع الدوريات المحلية، والمسابقات القارية، وتأجيل غير مسبوق لأهم البطولات الدولية.
 
وجاءت أولى الضربات القوية في عالم كرة القدم، عندما قرر الاتحاد الإيطالي لكرة القدم تأجيل منافسات "الكالتشيو" حتى 3 نيسان / أبريل المقبل، لتتخذ بعدها إجراءات مشابهة في إسبانيا وإنجلترا وفرنسا وكبرى الدوريات الأوروبية، قبل أن تلحق تركيا بركب المتضررين من الوباء العالمي، وتعلن عبر وزير الرياضة والشباب تعليق عدة منافسات رياضية.
**خسائر بملايين الدولارات
 
وتسبب ظهور فيروس كورونا في خسائر مالية كبيرة جدًا للأندية في الدوريات الكبرى، بسبب انخفاض المردود المادي، نتيجة وقف الأنشطة أو تأجيلها أو حتى إقامة المباريات بدون جمهور.
فعلى سبيل المثال، في إنجلترا تحدثت صحيفة "ميرور" في تقرير لها عن خسائر تتجاوز حاجز 150 مليون جنيه إسترليني ستتكبدها الأندية جراء توقف الدوري الممتاز خلال أسبوعين فقط، مشيرةً إلى أن الخسارة قد تصل لمبلغ 750 مليون في حال إلغاء الموسم بالكامل.
 
كما أكدت عدة تقارير إيطالية، أن الأندية خسرت 28 مليون يورو خلال كل جولة تم تجميدها، ويعتبر يوفنتوس أكبر المتضررين، إذ كشفت صحيفة "توتوسبورت" أن خسارة النادي قد تبلغ 110 مليون يورو نتيجة تجميد نشاط الفريق.
ورصدت شبكة "كادينا كوبي" في تقرير سابق، أن خسائر الدوري الإسباني ستبلغ 700 مليون يورو إذا تم إلغاء الموسم، نظرًا لوجود أندية مثل ريال مدريد وبرشلونة تمتلك عائدات ضخمة.
ومن المتوقع تضرر الأندية الصغيرة بشكل أكبر من نظيرتها صاحبة الميزانية العالية، إذ تعتمد بشكل كبير على عوائد البث والحضور الجماهيري في تأمين دخلها المالي، وعدم توافر دخل ثابت يعد كارثة بالنسبة لها، حيث أنها لا تستطيع في هذا التوقيت الالتزام بدفع رواتب اللاعبين.
**خطط تقشف لمواجهة كورونا
 
ومع تدهور الحالة الاقتصادية، من المرجح أن يؤثر "كورونا" على بورصة اللاعبين والأجور التي يتقاضونها، حيث بدأت الأندية في إعداد خطة محكمة لمجابهة تداعيات الوباء على ميزانيتها وأرباحها.
ففي إسبانيا يتجه مسؤولو برشلونة إلى تخفيض التكاليف الإجمالية للنادي خلال هذه الفترة، وذلك عبر خفض رواتب لاعبي النادي ونجومه الذين يستهلكون رفقة باقي الموظفين العاملين ما نسبته 61٪، أي ما يعادل حوالي 507 مليون يورو سنويا من ميزانية النادي الإجمالية، بحسب التقرير المالي لموسم 2019-2020.
ووفقًا لصحيفة "لا فانجارديا" في إقليم كتالونيا، فإنّ إدارة نادي برشلونة برئاسة جوسيب ماريا بارتوميو ستقترح على لاعبي الفريق تخفيض رواتبهم خلال الأسابيع المقبلة، كإجراء ظرفي هدفه التقليل من الضرر الاقتصادي الجسيم لوباء كورونا.
كما لم يستبعد رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم غابرييلي غرافينا تخفيض أجور اللاعبين إثر توقف المسابقات، مشيرا إلى أن حالة الطوارئ تسري على الجميع.
وأكد رئيس اتحاد اللاعبين الإيطاليين داميانو توماسي توجه الاتحاد الإيطالي نحو دراسة مشروع قرار تخفيض رواتب اللاعبين، وأشار إلى وجوب الحفاظ على التوازن الاقتصادي وإعادة تقييم نظام الأجور بما يخص اللاعبين.
ووفقًا لتقارير إعلامية إيطالية مختلفة، فإن القائمين على اللعبة في البلاد أعطوا الضوء الأخضر للأندية لتطبيق تخفيضات الرواتب على لاعبيها لتقليل الضرر الاقتصادي الناجم عن هذا الوضع.
وستتراوح التخفيضات ما بين 20 و30% من الراتب الحالي الذي يتقاضاه اللاعبون، أي ما قد يصل إلى حوالي الثلث.
ولن تتوقف مخاطر "كورونا" فقط عند الموسم الحالي، فقد تحمل عواقب ملحوظة في المستقبل أيضا، وذلك لوجود بنود تربط الأندية واتحاداتها بالجهات المالكة لحقوق البث، والتي من شأنها تخفيض قيمة المسابقة خلال الأعوام المقبلة، في حال تراجع نسبة المشاهدات في تلك المسابقات، وهو ما يحصل حاليا. -