يطل عيد الأم لهذا العام الموافق 21 مارس/آذار، بشكل مختلف على اللبنانيين، في ظل مواجهة البلاد لجائحة كورونا التي أصابت مئات الآلاف حول العالم وأدت إلى وفاة الآلاف منهم حتى اللحظة.
 
لم يكن لبنان بمعزل عن ذلك "العدو الخفي"، بعد أن أصاب العشرات في البلاد، وأدى إلى تغيّر العادات الاجتماعية، ومنها احتفال المواطنين بعيد الأم لهذا العام.
 
ويأتي الاحتفال بعيد الأم هذه السنة، بشكل حزين، لا ورود ولا قوالب حلوى ولا حتى زينة، كما اعتاد اللبنانيون، إما بسبب الإجراءات المتبعة للحد من انتشار الفيروس، أو لغياب بعض الأمهات اللواتي أبعدن قسراً عن عائلاتهن أو أبعد أولادهن عنهن، بسبب كورونا.
 
إلّا أنّ أفراد الطاقم الطبي المسؤول عن متابعة حالة المصابين بالفيروس في مستشفى الحريري، قدموا هدية من نوع آخر لجميع الأمهات اللبنانيّات، كان عنوانها "الوفاء والتضحية".
 
إذ قرّر نحو 25 طبيب التطوّع للاعتناء بضحايا الفيروس دون أي شروط أوضمانات مسبقة، بينما تحاول الدول الكبرى التوصل إلى علاج فعال لمكافحة الوباء بكافة دول العالم.
 
** رسالة إنسانية
 
الطبيب محمد بولاد (29 عامًا)، يروي لوكالة الأناضول: "نحن 25 طبيبًا قرّرنا أن نقوم بواجبنا المهني والإنساني في ظلّ تفشي فيروس كورونا الفتاك"، ويضيف متسائلًا: "إذا قرّرنا عدم المواجهة من يتحمّل إذًا هذه المسؤولية؟".
 
وعن يوميّاته في المستشفى، يقول بولاد: "نداوم لمدّة 12 ساعة يوميًا، حيثُ أتنقّل ما بين غرف الطوارئ وغرف العزل"، لافتًا إلى أنّه "على احتكاك مباشر مع المصابين في الطوارئ".
 
تختلط في داخل بولاد أوجاع كثيرة وفي الآن عينه تغمره لحظات السعادة وهو يتحدث للأناضول: "أنا اليوم من مستشفى الحريري الحكومي أقدّم أجمل الهدايا لوالدتي التي توفت منذ 3 أشهر لأنّني أحقق أمنيتها".
 
ويتابع: "لم أكن أتوقع أن يمرّ عيد الأم ووالدتي بين أحضان الربّ، إلّا أنها حيّة في رسالتي الإنسانية وفي عملي ومع كلّ حالة شفاء".
 
ويختم حديثه: "أتمنى أن تكون والدتي راضية عني، وأقول لجميع الأمهات لا تقلقوا، نحن هنا إلى حين شفاء الجميع وإبعاد شبح هذا المرض".
 
وتاريخ عيد الأم يختلف من دولة إلى أخرى، حيث يحتفل العالم العربي يوم 21 مارس، فيما يتم الاحتفال به بالنرويج في 2 فبراير/شباط، أما في الأرجنتين في 3 أكتوبر/تشرين الأول، بينما تحتفل جنوب إفريقيا في 1 مايو/أيار، وفي الولايات المتحدة يكون الاحتفال في الأحد الثاني من مايو من كل عام.
 
** واجب وتضحية
 
ولا تختلف رسالة الطبيبة زمزم التكريتي (29 عامًا) عن رسالة بولاد، حيث وضعت كلّ إمكانياتها وطاقتها لمعالجة مرضى فيروس كورونا.
 
وتعود التكريتي إلى شريط ذكرياتها وتقول للأناضول: "منذ صغري كانت تتمنى والدتي أن أكون طبيبة واليوم أحقق أمنيتها".
 
وتتابع في سياق حديثها للأناضول: "طبعًا لا أنسى اللحظات في أحضان والدتي والتي لا تقدر بثمن، وسط أجواء حميمية في بيت العائلة، لكن اليوم عيد الأم مختلف فأنا أقوم بواجبي كطبيبة".
 
وتقول: "هذه السنة لن أكون بحضن والدتي لكنها ستسامحني لأن غايتي هي دعم كل مريض مصاب بالكورونا ورفع معنوياته إلى أقصى الحدود".
 
وتعتبر التكريتي أن أقل واجب عليها مساندة كلّ مريض، قائلة: "الجسم الطبي يعاني من ضغوط متعدّدة، لكنّه صامد وماضٍ في حربه ضدّ هذا الفيروس".
 
وتوجّهت إلى الأم في عيدها قائلة: "نتمنى لجميع الأمهات دوام الصحة والعافية في هذا اليوم، الأمومة هي الرسالة النبيلة التي أنعم بها الله على البشرية".
 
وحتى صباح الخميس، أعلنت السلطات اللبنانية وفاة 4 أشخاص، وإصابة 139 آخرين بالفيروس.
 
كما وسعت نطاق القيود والإجراءات المفروضة منذ الأحد على المواطنين في ظل إعلان التعبئة العامة، وقررت إغلاق جميع المرافئ البحرية والبرية والجوية، لمدة 11 يومًا.
 
وحتى صباح السبت، أصاب كورونا حوالي 276 ألف شخص حول العالم، بينهم أكثر من 11 ألفاً و400 وفاة، أغلبهم في إيطاليا والصين وإيران وإسبانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
 
وأجبر انتشار الفيروس على نطاق عالمي، دولا عديدة على إغلاق حدودها، وتعليق الرحلات الجوية، وإلغاء فعاليات عدة، ومنع التجمعات، بما فيها صلوات الجمعة والجماعة.