وجه مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، رسالة لمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، وقال: "أيها المسلمون، أيها اللبنانيون، نحن في حال بلاء وابتلاء واختبار. اختبار قدرتنا على الصمود، وعلى اجتراح الحلول والمخارج. اعتدنا القول إن الأزمات تحفل بالصعوبات، لكنها أيضا تعرض فرصا لمن يستطيع اقتناصها، وصنع شيء جديد من خلالها، سواء في الحالات الفردية أو العامة. لدينا الأزمة الاقتصادية والنقدية، ولدينا أزمة الوباء النازل، ولدينا الأزمة السياسية".
 
 
 
ورأى دريان أنّ "أهم مظاهر الأزمة السياسية، هي الثقة المتضائلة، أو المفتقدة بين السلطات والناس. إذ ان معظم اللبنانيين ليسوا متأكدين من سلامة الإجراءات التي تتخذها السلطات، سواء في الجانب الاقتصادي والنقدي، أو جانب مكافحة الداء والوباء. ويرجع ذلك في اعتقادهم إلى ثلاثة أسباب: أن السياسات الاقتصادية والمالية، ما كانت سليمة ولا متبصرة. السبب الثاني أن ضرورات الإصلاح التي قال الجميع إنهم مقتنعون بها، لم تحقق. والسبب الثالث أن كل ما تم القيام به، كان متأخرا أو متأخرا جدا. لذلك، نرى أن أول الواجبات على السلطات، استعادة ثقة الناس، من طريق السير في تحقيق الإصلاح بالفعل، لاستعادة الثقة من جانب المواطنين بالداخل، ومن جانب المجتمع الدولي والعالم المعاصر. واستعادة الثقة من الحرص بالفعل، على مجابهة الوباء الذي نزل بوطننا".
 
 
 
 
 
وأشار إلى أنّ "وطننا الصغير جزء من هذا العالم، الذي صار قرية كونية كما يقال. وقد كان لبنان على صغره، طليعة في إقامة دولة حديثة، وطليعة في اهتمام العالم، بسبب نبوغ أبنائه، وعالمية اهتماماتهم. وما عاد الأمر كذلك في السنوات الأخيرة. كنا مستشفى الشرق، وكنا جامعته، وكنا منارة في المنطقة والمحيط".
 
 
 
وسأل: "لماذا هذا الفشل في الإدارة السياسية والاقتصادية والمصرفية والاستشفائية؟ وكيف حدثت عزلتنا عن العالم؟ وكيف صرنا نعتقد أننا وحدنا، وأننا ضحايا، وأن العالم يتخلى عنا أو يحاصرنا؟ إن هذه التساؤلات، هي الشغل الشاغل للبنانيين الآن، وقد نزل بهم الفقر والعجز، وتصدع مؤسسات العناية والرعاية في شتى المجالات. وهكذا، فإنه إذا كان واجب السلطات الأول، استعادة ثقة المواطنين بالجدية والجدوى، فإن واجبها الآخر، العودة للانفتاح على العرب والعالم، والصدق معهم، لكي نعود إلى خريطة العالم المعاصر كما كنا، تبادلا ومودة واهتماما متبادلا ومشاركة في الجديد والمتقدم".
 
 
 
 
 
واعتبر أن "الدولة لا بد لها من أن تتحمل مسؤولية ومواجهة ما نحن فيه اليوم، من فقر وجوع وبطالة، فالناس أموالها محتجزة ورهينة لدى المصارف، والمؤسسات العامة والخاصة في حال ترهل وانهيار، والشركات تقفل أبوابها الواحدة تلو الأخرى، والعمال يصرفون من أشغالهم بسبب الإفلاس، وتنتشر الأزمات في شتى المجالات. انطلاقا من هذا الواقع المؤلم، ندق اليوم ناقوس الخطر، لهول ما نحن فيه من وضع مأساوي، ولا يسعنا إلا أن نكون مع الدولة وإلى جانبها، للعمل معا من أجل لبنان واللبنانيين، الذين أصبحوا في حيرة من أمرهم في عيشهم وصحتهم ومستقبل أولادهم وبلدهم".
 
 
 
ودعا إلى "تحصين وحدتنا بالتعاون والتكافل والتضامن، لإنقاذ ما تبقى من لبنان".
 
 
 
وسأل: "أما آن الأوان لإطلاق سراح الموقوفين الإسلاميين وغيرهم وإغلاق هذا الملف نهائيا؟ لا بد من رفع الظلم عن المظلومين وإطلاق سراح المسجونين، بإصدار العفو العام الشامل، وإلا سنواجه مأساة في ظل تفشي وباء فيروس كورونا، الذي لا يزال جوالا في سماء بلدنا، على الرغم من كل الإجراءات الاحترازية والتعقيم الذي تقوم به وزارة الداخلية مشكورة، واتخاذ كل التدابير، لعدم دخول هذا المرض الخبيث إلى السجون".
 
 
 
وقال: "يا للمفارقة، عملاء العدو الإسرائيلي يطلق سراحهم خلال أشهر، والموقوفون الإسلاميون لا يبت أمرهم حتى الآن؟ بالفعل، أصبحنا في زمن عجيب غريب".