لا شك أن الأحداث المتتالية وخطر كورونا الداهم سيقضي على ماتبقى من الاقتصاد وهو مقدمة طبيعية للنكبة المعيشية القادمة حتماً .
 

بعد إسدال الستارة على المسرحية الفضيحة في ملف العميل الاسرائيلي عامر فاخوري وتهريبه إلى خارج البلاد بنفس الطريقة التي اعتُمدت في المحكمة العسكرية بإطلاقه ووقف التعقبات بحقه، والتجاهل الرسمي التام عن هذه القضية التي تشكل وصمة عار بحق الذين شاركوا فيها. وبعد دخول قرار إقفال المطار والمعابر البرية والبحرية والجوية حيز التنفيذ اعتباراً من منتصف ليل الاربعاء،ازداد قلق اللبنانيين على صحتهم بسبب عجز التدابير الوقائية حتى الساعة في وقف ارتفاع عدد الاصابات، وهو ما يحصل بشكل مخيف كذلك في أوروبا والدول الشرق اوسطية، ما يعني ان لبنان لن يسلم من تجرّع تلك الكأس المرة انطلاقاً من التحذيرات التي أطلقها وزير الصحة حمد حسن بأن لبنان امام خطر حقيقي في الاسبوعين المقبلين، متوقعا ارتفاع عدد المصابين بكورونا الى درجة قد لا تتمكن المستشفيات الحكومية والخاصة من استيعابها إذا ما ذهبت الأمور الى الأسوأ، أو اذا تخلّف اللبنانيون عن مبدأ الوقاية الذاتية والحجر المنزلي الذي يُعتمد منذ بداية هذا الأسبوع.
 
في هذا السياق، أكدت مصادر وزارة الصحة ضرورة التقيّد بالوقاية الذاتية والالتزام بالمنازل لأنه السبيل الوحيد حاليا لمنع انتقال العدوى وانتشار المرض في المناطق التي لم ينتشر فيها بعد.
وفي آخر حصيلة للاصابات التي سجلت حتى ظهر أمس، فقد بلغت 133 حالة بزيادة 13 إصابة عن يوم امس الأول، وذلك بعد المعلومات شبه المؤكدة عن النقص في أجهزة التنفس الاصطناعي التي لا يتوفر منها غير 250 جهازا، وهذا العدد غير كافٍ اذا استمرت الاصابات في الارتفاع.

وفي التقارير الصادرة عن المستشفيات الحكومية هناك 8 حالات ايجابية، من دون ان تكشف المستشفيات الخاصة ما عندها من أرقام، في وقت اكدت فيها ادارة مستشفى الروم عن استعدادها ابتداء من اليوم لاستقبالها 35 حالة.

اقرا ايضا : هل من مقايضة في الإفراج عن الفاخوري؟

 

وفي المقابل، نقلت مصادر وزارة الصحة عن الوزير حسن نفيه وجود اصابات في المستشفيات الخاصة وفي المناطق لم يُعلن عنها، وقالت إن المريضة التي توفيت امس على باب مستشفى رفيق الحريري الجامعي لم تتأكد اصابتها بفيروس كورونا، وهي كانت تشكو من داء السكري والتضخم في عضلة القلب ولقد أجريت لها الاسعافات اللازمة من قبل المستشفى لكنها ما لبثت ان فارقت الحياة.
وبحسب مصادر الوزارة، ما زال الوزير حسن يعوّل على التزام اللبنانيين بالوقاية والحجر  الذي أثبت فعاليته بشكل ملحوظ، لكنه في الوقت نفسه يتخوف من سرعة انتشار الوباء بعد عودة اللبنانيين من الدول الموبوءة وبالأخص من دول المجموعة الاوروبية وإيران ومصر وسوريا التي ينتشر فيها الوباء بسرعة، وعندها يصبح الانتقال الى الخطة ب أمرا ضروريا.

ويبقى السؤال عما اذا كان لبنان قادرا على منع هذا السيناريو الأسود من تاريخه في ظل وجود عشرات الالوف من اللبنانيين الذين أصبحوا عاطلين عن العمل إما بسبب تفشي الكورونا أو بسبب الأزمة الاقتصادية والنقدية التي بدأت تأكل مدخراتهم وودائعهم في المصارف، ومهما أعلنت الحكومة من تطمينات فإن الاعلان عن انتقال مجلس الوزراء الى اقرار مشروع وزير المال غازي وزني حول الكابيتال كونترول يزيد من مخاوف الناس على ودائعهم.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مالية ان لا مجال للحكومة في ظل الازمة القائمة الا اعتماد الكابيتال كونترول للخروج من المأزق النقدي الذي تعاني منه الدولة في السنوات الثلاثة الاخيرة.

المصادر رأت ان لبنان منكوب بفيروس كورونا اقتصادياً وماليا بسبب عدم اهتمام الدولة بالصناعة والقطاعات المنتجة اضافة الى الهدر الحاصل في قطاع الكهرباء وحده والذي يكلّف الخزينة مليارات الدولارات سنويا، دون الكشف عن خطة إصلاح لهذا القطاع، في حين انخفضت الحركة التجارية في الأشهر الأخيرة الى صفر في المئة ما أدى إلى اقفال مئات المؤسسات التجارية وصرف آلاف العمال.

وعليه فإن الانكماش الاقتصادي العالمي بفعل كورونا، إلى الأزمة الخانقة أصلاً في لبنان، ومع ما يؤدي الوضع الصحي القائم من تراجع جديد، تصبح الحياة في لبنان من المستحيلات التي سيصعب على العدد الساحق من المواطنين القدرة على احتمالها. فهل تدرك الحكومة مخاطر كل ذلك؟! بالمحصلة، لا شك أن الأحداث المتتالية وخطر كورونا الداهم سيقضي على ماتبقى من الاقتصاد وهو مقدمة طبيعية للنكبة المعيشية القادمة حتماً .