وفاء المقاومة في خطر، وفاء المقاومة سيأكلها، وسيظهر بعد حين أن هذه المقاومة اخطأت، وأخطأت كثيرا بحق شعبها وأهلها ووطنها تحت عنوان الوفاء لمن لا يستحق الوفاء.
 

طار العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري من لبنان، ومنذ قليل نشر صوره له في قبرص وأتبعها بتغريدة يقول فيها: " بحب أشكر العميد الركن رئيس المحكمة والقوى السياسية اللي تابع إلها وحلفاؤهم وجمهورهم .. بحبكن كتير"

لو صحّت هذه التغريدة فإنها تؤكد أن ما حصل لم يكن مجرد قرار للمحكمة العسكرية، ذلك أن العناية التي حصل عليها الفاخوري وكيفية نقله من المستشفى وكيفية مغادرته لبنان، كل ذلك يؤشر إلى خطة مسبقة تنفيذا للصفقة التي لا يريدون أن نصدقها وخرجوا علينا من هنا وهناك ببيانات ومواقف وإعلاميين حتى نصدق أن الأمر مجرد قرار اتخذه القاضي .

قضية عامر الفاخوري انتهت بصفته عميلا اسرائيليا وخرج من لبنان  كما دخل إليه "بصفقة" .

وصفقة دخوله وصفقة خروجه تطرح الكثير من علامات الاستفهام باتجاه من يمسك بالقرار سواء حزب الله أو حلفائه فالأمر واحد ولا يستطيع أحد أن يختبيء بعد اليوم خلف مواقف أو بيانات أو خلف الفقاعات الهزيلة التي يطلقها إعلاميون من هنا أو هناك .

لحزب الله مبرراته الحاضرة رغم محاولات التنصل، إلا أن سؤالا كبيرا يجب أن يطرح اليوم بعد تراكم التنازلات الفاضحة والقاتلة للحلفاء على حساب الوطن وعلى حساب المقاومة وشعبها وبيئتها، وأخيرا على حساب الشهداء ودماء الشهداء وعوائل الشهداء وعلى حساب الأسرى وتضحياتهم.

اقرا ايضاً : بيان على محكّ الشرف والكرامة

 

والسؤال أيّ مقاومة في لبنان اليوم؟ ما هو "الوفاء" الذي تفهمه المقاومة ما هي ضوابطه ما هي أهدافه؟
فالواضح أن ثمة نتائج عالية السلبية لوفاء المقاومة لحلفائها منذ توقيع ورقة التفاهم حتى اليوم وما زال الحزب يراكم الخسارات داخليا، ربح الحزب في السياسة هذا صحيح وشكل التفاهم غطاء سياسيا مسيحيا وهذا أيضا صحيح، وساعد رئيس التيار الوطني الحر آنذاك ميشال عون ومن بعده جبران باسيل حزب الله في العديد من المواقف السياسية داخليا وخارجيا لا سيما فيما خصّ المقاومة وسلاحها ومغامراتها إلى أبعد الحدود لكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن يكون هذا الوفاء فيما هو قبيح وفيما هو مسيء لدماء الشهداء وعوائل الشهداء وإلا فعلى حزب الله أن يعلن اليوم قبل الغد عن هذه الصفقة ومبرراتها وأسبابها وأهدافها بعيدا عن المواربة وبعيدا عن لغة البيانات الباهتة إن لم نقل المخادعة.

وفاء المقاومة لحلفائها سمة إيجابية تسجل لحزب الله ولكن الوفاء بأصوله وضوابطه ومستلزماته وأخلاقياته "ما في وفاء كيف ما كان" لأن الأصل هو الأخلاق والأصل الأكبر هو دماء الشهداء وتضحياتهم .

هل وصل وفاء المقاومة إلى مرحلة الخطورة؟  نعم بالتأكيد فإننا في لبنان أمام مشاهد مروعة وخطيرة وهذه المشاهد كلها سببا وحيدا لوفاء المقاومة لحلفائها، وبين الوفاء لميشال عون والوفاء لجبران باسيل دفع اللبنانيون المزيد من الخسائر وبشكل أخص دفعت البيئة الشيعية "بيئة المقاومة" وخزانها المزيد من الإهمال والحرمان والفقر والموت بعد الإنهيار الاجتماعي والمالي والإقتصادي الذي خلفه أسوأ عهد شهده لبنان في تاريخه والذي سمي زورا بالعهد القوى.

 صفقة عامر الفاخوري واحدة من عناوين الوفاء للمقاومة ولم تكن لتحصل لولا رغبة عون وباسيل والتيار الوطني الحر، أو فليخرج حزب الله ويقول أنها صفقة أميركية إيرانية، أو فليقل أنها صفقة على صلة بالعقوبات المالية، وأنها مصلحة للبنان واللبنانيين فيكون الحزب أمام واقع أقل خطورة من المواربة والتضليل والتدليس الإعلامي ويكون وفيا أكثر لأهله ولشهدائه ولتضحيات اللبنانيين.

وفاء المقاومة في خطر، وفاء المقاومة سيأكلها، وسيظهر بعد حين أن هذه المقاومة اخطأت، وأخطأت كثيرا بحق شعبها وأهلها ووطنها تحت عنوان الوفاء لمن لا يستحق الوفاء وهو العميل الاسرائيلي لأن العميل لا طائفة له ولا دين له وعلى مسايرة لأحد على حساب دماء الشهداء.