أمام هذا الخطر العالمي المُهدّد الحقيقي والفعلي للبشر لا نرى وجهاء النواب ولا أسنان الأحزاب ولا موضة الخطابة الرنّانة ولا نسمع أن هناك من يتصدى بمساعدة الناس من خلال المعونات والمساعدات الصحية والغذائية والمالية ولا من يحزنون كلها أمور تُركت لحكومة كورونا .
 

قيل : رُبّ ضارة نافعة وهذا القول ينطبق كثيراً على أحوال الحكومة في لبنان بعد أن ساعدها الفيروس على الهروب من الإستحقاقات التي إلتزمت بها وعلى أساسها قبلت تحد لبنانيين شككوا فيها وبمقدراتها وبالجهة التي تقف خلفها كونها معنية مباشرة بأزمات لبنان غير المحدودة ورغم صغر التجربة الوزارية والتهاء الكثيرين بالصورة في ظل حماس سياسي يراوح مكانه وفي ظل خلل وزاري واضح خاصة في ما يتعلق بحماية المستهلكين من جشع التجّار الذين يمارسون أسوأ أنواع الضغوط على المواطنيين من خلال جنون الأسعار دون توفّر عاقل مختص يحدّ من شهية هذا الجنون لإنشغال المعنيين كل بحسب صورته .

لم يعد المطلوب ما كان مأمولاً أو مرجواً بعد أن دخل العالم أزمة الفيروس الصيني وبات هذا الوباء الأكثر خطورة في العالم فهلعت الحكومات والشعوب وأخذوا حذرهم من خلال جملة تدابير قد تكون كافية للبعض ولكنها غير كافية للكثيرين من الشعوب التي ترزح تحت سطوة حكومات البطش والجور الأكثر ضراوة من فيروس كورونا تماماً كما هو الوضع السوري الذي لمع يدفعه الفيروس الى تجميد الحرب في وعلى إدلب في ظل حماسة روسية فاتكة بفيروس صاروخي بشعب أجرب بعد سنيين من الحروب عليه و هوحال الجزائر أيضاً حيث عتاة العسكر يرفضون التحوّل الديمقراطي ويمعنون في سحل الناس في الشوارع كما تونس التي يرسل الإسلاميون فيها رسائل للداخل والخارج مفادها أن أمن تونس من أمن الإخوان فيها .

إقرأ ايضاً : لبنان بين فيروسين والمواجهة سلفي

 

إيران تحارب طواحين الشياطين الذين أوصلوا الشعب الإيراني إلى حيث هو مصير الصوماليين فما عادت رغبات القوّة مستساغة  في شارع بات خارج مشروع دولة الحرس وهذا ديدن العراق الذي عاف السلطة بعد أن عاثت فساداً لا حدّ له وبات بلا ثقة وبأي لحية أو عباءة تعمل في الجهازين السياسي والحكومي وطالما أن الحكومة نتاج سياسات الجماعات المتلحية فلن يجد العراقيون فيها حلاّ لمشاكلهم التي جعلت العراق لقمة سائغة للصوص الداخل والخارج .

تبدو صورة العرب والمسلمين متشابهة في كثير من الأوضاع القائمة في الدول المذكورة لذا لا فائدة من تعداد دول أخرى قد تكون أسوأ من أحوال الدول التي ذكرناها ولكن ثمّة إمكانيات متوفرة في دول تستطيع الصمود أمام الفيروس وتداعياته مهما طال عمره و لكن المشكلة تكمن في الدول العاجزة وخاصة تلك الفاقدة لأيّ إمكانية تُذكر في ظل تسكير عام للمؤسسات العامة والخاصة كما هو حال لبنان المهدّد أهلُهُ بالدواء والغذاء في ظل بطالة باتت مكدّسة وفي ظل أجور لم تعد تلبي الإحتياجات الأولى للبناني نتيجة إرتفاع سعر الدولار و ترك أسعار السلع بيد التاجر الشاطر وثمّة خوف حقيقي من البدا بسياسات قطع الرواتب تدريجياً وخاصة من قبل المؤسسات الخاصة اذا ما بقيت مغلقة ولا يدفع لها الزبائن وتبرز المدارس التعليمية والتربوية كمصداق لهذه المؤسسات  .

لا تفيد الصلوات فقط أو الأدعية والمطلوب أيضاً دولاراً لا قطراناً  وهنا مسؤولية القوى سواء في السلطة أو خارجها و هنا تقع مسؤولية الأحزاب التي تتحرّك في مواسم الإنتخابات و تنزل السماء على الأرض بتجيش سياسي وطائفي ويصبح آنذاك كل شيء في خطر الحزب والتيار و الطائفة والمذهب و دالدين والعقيدة والإيديولوجية والوطن والدولة والتاريخ والجغرافيا وأمام هذا الخطر العالمي المُهدّد الحقيقي والفعلي للبشر لا نرى وجهاء النواب ولا أسنان الأحزاب ولا موضة الخطابة الرنّانة ولا نسمع أن هناك من يتصدى بمساعدة الناس من خلال المعونات والمساعدات الصحية والغذائية والمالية ولا من يحزنون كلها أمور تُركت لحكومة كورونا .