كشفت صحيفة الأخبار أن التكلفة اليومية لمعدات الوقاية من فيروس كورونا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي وصلت إلى 50 مليون ليرة.
 
 
حتى الآن، لم يلجأ مستشفى رفيق الحريري الجامعي إلى الخطة «ب» لناحية الجهوزيّة لاحتواء مصابي فيروس كورونا. المستشفى الحكومي، رغم الإهمال المزمن، أظهر قدرة غير مسبوقة على احتواء المصابين وتأمين فحوصات الـ PCR المجانية، وهو يحاول الاحتياط للأسوأ مع فتحه الباب أمام المساعدات والراغبين بالتطوّع للعمل فيه
 
«50 مليون ليرة في اليوم الواحد»، هي الكلفة الحاليّة التي يتكبدها مستشفى رفيق الحريري الجامعي لقاء مستلزمات حماية طاقمه من بدلات وأقنعة واقية فقط، من دون التطرّق إلى الأدوية وسواها. هذه الكلفة تعتبر «راهنة»، وفقاً للحالات التي يستقبلها المستشفى حالياً، والتي يمكن أن ترتفع في الأيام المقبلة. إعلان تخصيص قسم من المستشفى لفحص مصابي الفيروس وعلاجهم، أدّى إلى انخفاض الموارد اليومية التي كان يحصّلها من معاينات المرضى المعتادة، وإلى تراجع ملحوظ في الإقبال عليه. إذ كان المستشفى يجري، على سبيل المثال، أكثر من 300 فحص دم في اليوم. هذا الانخفاض من جهة، وارتفاع الضغط لناحية الفحوصات اليومية لفيروس كورونا، يطرح السؤال حيال إمكانيات المستشفى وخصوصاً مع إشاعة خبر انتظار مئات المتقدّمين للفحص أمام بابه أمس، وهو ما نفته إدارة المستشفى.
 
حتى ليل الثلاثاء، أجرى المستشفى 2756 فحص PCR، وهو رقم كافٍ لمعرفة المستلزمات التي يتكبّدها المستشفى مع وصوله إلى عتبة تتراوح بين 300 إلى 400 فحص في اليوم. تقريش هذه الأرقام لناحية المصاريف الطبيّة، يفضي إلى أن كل متقدّم للفحص يعاينه ممرض أو طبيب لأخذ العيّنة يكون مرتدياً البدلة الواقية الكاملة بما فيها ماسك N95، وهذه تستخدم لمرة واحدة وترمى بعد كل معاينة. إضافة إلى المعاينات المتكرّرة التي يجريها الممرضون والأطباء للمرضى الموجودين في غرف العزل، وهي أيضاً تقضي باستخدام البدلات الواقية لمرة واحدة عند كل معاينة، مع احتساب بدلات الحماية لمقدّمي الطعام وعمال التنظيفات.
مسؤول قسم إدارة الموارد في المستشفى رواد شهيّب أطلع «الأخبار» على مستلزمات المستشفى والحاجات المستجدّة مع قسم الكورونا. وأوضح أن «المستشفى، وفق نمط الإدارة التنفيذية المباشرة، عمد مع بدء الأزمة المالية إلى تأمين ستوك يكفي لشهرين بدعم من المنظمة الدولية للصليب الأحمر. ومع انتشار الفيروس في الصين، أمّن المستشفى حاجته من أقنعة N95 وFFP (2 و3)، والبدلات الكاملة. ومع تفاقم أزمة الفيروس حول العالم والاحتكار المحلي، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، فارتفع سعر علبة القناع الطبي العادي، مثلاً، من 3 آلاف ليرة إلى 45 ألفاً. ومع ذلك، المستشفى مستمر بتغذية الستوك الموجود لديه». الـ PPE أو مستلزمات الحماية الشخصية من بدلة كاملة وغطاء للرأس والأقدام والأقنعة، المفترض بكلّ محتكّ مع مصاب ارتداؤها واستبدالها بعد كل معاينة، «تكلّف المستشفى في اليوم نحو 50 مليون ليرة، وهي مخصصة لحماية فريق العاملين والممرضين والأطباء وطواقم التنظيف وتأمين الطلبات، لدى كل زيارة لغرف العناية المركّزة أو العزل أو قسم الطوارئ وإجراء الفحوصات... هذه المستلزمات تعتبر الأغلى ثمناً ولا يمكن الاستهتار بها لأنها خط الحماية الأول للطاقم». ارتفاع استهلاك هذه المستلزمات مع ازدياد أعداد طالبي الفحص، ينسحب أيضاً على «إجراءات التعقيم ذات الكلفة المرتفعة. إذ يفترض تعقيم الغرف قبل وصول المرضى ولدى خروجهم». الأقنعة المخصصة للأوكسيجين «متوافرة إلى حينه، أما التي يفترض تأمينها بشكل مستمر فهي الأقنعة العادية للحماية لانقطاعها في السوق بسبب الاحتكار، وثمة جهات اقترحت التبرع بانتظار تأمين الطلبات خلال يومين».
لرفع قدرته الاستيعابيّة، يقوم المستشفى حالياً بـ«تجهيز مبنيين مجاورين للمبنى الحالي، ينتهي العمل فيهما خلال يومين ولهما مدخل منفصل يمكن اللجوء إليهما في مراحل لاحقة». المستشفى خصّص حتى الآن الطابق الثالث في مبناه قسماً للكورونا مع مدخل طوارئ منفصل، وفيه 130 سريراً للعزل يمكن رفعها إلى نحو 350 سريراً في حال إفراغه إذا اضطر الأمر. قسم الكورونا يتضمّن بحسب شهيّب «4 وحدات في كلّ منها 16 غرفة عزل، ليست مشغولة كلها. ويجري العمل على إضافة وحدة جديدة مؤلفة من 24 غرفة، إضافة إلى غرف العناية المركزّة (ICU) وأجهزة التنفّس التي تصل إلى 34».
 
تخفيض الأكلاف واللجوء إلى الخيارات البديلة في حال انقطاع أي من المستلزمات، دفع المستشفى الذي «يحتاج إلى 150 ليتراً من المعقّمات اليدويّة في اليوم مثلاً، تبلغ تكلفة العلبة الواحدة منها قرابة 13 دولاراً، إلى إجراء تجربة إنتاج داخليّة بتطوع ومساعدة قسم الصيدلة وقسم الأوبئة وبإشراف منظمة الصحة». بالتزامن مع تدريبات على طرق بديلة في حال انقطاع أقنعة الوجه العادية (بعكس قناع الـN95 الذي لا يمكن استبداله). المستشفى يرحّب أيضاً بمبادرات ينتظر اختبارها، كتجربة إنتاج أجهزة التنفس التي يجريها طلاب من الجامعة اللبنانية.
 
وبهدف تعويض النقص في الطاقم التمريضي، فتحت الإدارة باب التطوّع في أقسام التمريض والصيدلة وسواها، وسمحت للراغبين وفق مؤهلاتهم بالتقدّم إلى قسم العلاقات العامة من دون أن يكونوا موجودين في قسم الكورونا حصراً. إدارة المستشفى لا تنفي حاجتها «إلى الدعم للاستمرار»، إلى جانب المساعدات التي تلقّتها من منظمة الصحة العالميّة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهيئة العليا للإغاثة، وهي فتحت أخيراً باب التبرعات عبر نشرها أرقام حسابات مصرفيّة ورقمها الخاص للتقديمات العينيّة. أما لناحية الوجبات الجاهزة، فيفضّل المستشفى إرسال المواد الأولية مع تاريخ صلاحية واضح لتعقيمها وطهوها وفق مواصفات مطبخ المستشفى.