طرح مشروع قانون الكابيتال كونترول على طاولة مجلس الوزراء غداً، والذي يتوقع أن يعطي صلاحيات استثنائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ويشرّع إجراءات المصارف من حيث القيود التي تفرضها على السحوبات مع الابقاء على حرية الاستنساب في سحوبات العملة الأجنبية.
 

علمت «الجمهورية» من مصادر مطّلعة انّ مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي سُرّب الى الاعلام الاسبوع الماضي ليس النسخة النهائية لمشروع القانون الذي سيحضر على طاولة مجلس الوزراء الخميس، وأنّ وزير المالية غازي وزني يعمل على إدخال تعديلات عليه بما يلائم أيضاً مصلحة المودع، كما عمد الى شطب بعض البنود الواردة في المشروع لأنها غير منطقية، منها على سبيل المثال ما ورد في الفقرة الخامسة من البند الثاني المتعلّق بالتحويلات الى الخارج، والتي تنص على «ان لا يكون للمودع طالب التحويل حساباً مصرفياً خارج لبنان» إذ لا يمكن تطبيق هذا البند.

 

وفي قراءة قانونية لمشروع القانون، يُعدّد المتخصّص في الشؤون المصرفية المالية مروان صقر لـ«الجمهورية» بعض الملاحظات او الثغرات التي وردت في مسودة مشروع القانون.

 

يقول صقر: لا يمكن أن يكون قانون «الكابيتول كونترول» فعّالاً وان يطبّق بشكل كامل إلّا في حال تمّ توحيد سعر صرف الدولار، وإلّا فإنّ هجمة المودعين على السحوبات النقدية من المصارف ستظل قائمة لأنّ المودع سيواصل سحب أمواله لشراء الدولار، رغم انه بذلك يخسر ما بين 30 الى 40 في المئة من قيمة سحوباته.

 

وعمّا تردد عن توجّه لدفع الدولار على 2000 ليرة، إستبعد صقر قانونية هذه الخطوة مؤكداً انّ اي توجّه مُماثل يحتاج الى مشروع قانون، كما لا يحق للمصارف الاقدام على مثل هذه الخطوة من دون موافقة المودع.

 

كذلك، توقف صقر عند خرق المساواة بين المودعين ويتعلق الأمر بتحديد سقف للسحوبات، إذ لا يمكن الجزم بأنّ احتياجات المواطنين واحدة، فهذا السقف قد يكفي البعض ولا يكفي البعض الآخر الذي ربما يحتاج الى مبالغ أكبر.

 

وانتقد صقر استمرار الاستنسابية بالتعاطي مع المودعين من قبل المصارف، وقد تجلّت بحالتين: الأولى تتعلق بالسحوبات النقدية بالدولار، فالقانون لم ينظّم السحوبات وتَركها لاستنسابية كل مصرف وفق ما يراه مناسباً. والثانية تتعلق بموضوع استخدام بطاقات الائتمان في الخارج، هنا ايضاً ترك تحديد السقوف لاستنسابية المصارف، مما لا يمنع أن يتصرّف المصرف وفق ما يراه مناسباً وقد تختلف الاستنسابية في المصرف نفسه بين زبون وآخر.

 

وتوقف صقر عند بعض الملاحظات على القانون التي سبق وأرسلها خطيّاً الى وزارة المالية، ومنها ما يتعلق بعلاقة القانون مع المعاهدات الدولية. فقال: ذكرت المادة 2 من مشروع القانون الذي أعدّته وزارة المالية «مع الاحتفاظ بما تنصّ عليه أحكام الاتفاقيات الدولية». ربما اعتقد مَن صَاغ القانون انه بذِكر هذه الجملة يحلّ مشكلة وهذا خطأ. فالاتفاقيات الدولية نوعان: الاولى اتفاقية وقّعها لبنان مع صندوق النقد الدولي وتنصّ على عدم إمكانية البلدان موقّعي الاتفاقية من وضع قيود على التحويلات الى الخارج الّا في حال تعرّضت إحدى الدول الى أزمة حادّة في ميزان مدفوعاتها، في هذه الحال يمكن ان يسمح لها بوضع قيود على التحويلات الخارجية على ان تكون مؤقته وبعد موافقة صندوق النقد الدولي. والسؤال البديهي المطروح: هل انّ وزارة المالية وأثناء إعدادها للقانون أخذت موافقة صندوق النقد الدولي؟ لأنه في حال لم تأخذ الموافقة فيمكن للصندوق معاقبة لبنان.

 

ثانياً: الاتفاقيات الثنائية التي وقّعها لبنان مع نحو 54 دولة، والتي ينصّ بعضها على أنّ لبنان يضمن للمستثمر الاجنبي التابع الى إحدى هذه الدول حرية تحويل أمواله الى الخارج من دون أي قيود. وهنا يبرز تناقض في هذا الموضوع، إذ في حال أخذ لبنان موافقة صندوق النقد على قانون الكابيتال كونترول، عليه أن يعالج موضوع الاتفاقية الخاصة مع بقية الدول المتعلقة بالمستثمرين التابعين لهذه البلدان، خصوصاً انّ الاتفاقيات الخاصة تعلو على الاتفاقية العامة. وبالتالي، سيتمكّن المستثمر الاجنبي من تحويل أمواله هذه بموجب الاتفاقيات، بما سيخلق مجدداً عدم مساواة بين المستثمرين الاجانب والمواطنين اللبنانيين. كما يمكن لأيّ مستثمر أجنبي آخر من غير الدول الموقّعة على اتفاق ثنائي مع لبنان الاستفادة من هذه الاتفاقية تحت بند «الدولة الأكثر رعاية». وهنا تساءَل صقر عمّا اذا كانت درست الحكومة المخاطر القانونية المُمكن أن تنتج عن هذا القانون، والتي يمكن للمستثمر الاجنبي أن يتوجّه فيها الى التحكيم الدولي ويطالب بتعويضات كبيرة.

 

ونَبّه صقر الى دعاوى المستثمرين الاجانب التي يمكن ان ترفع ضد لبنان، وهي أخطر بكثير من دعاوى اللبنانيين التي أقاموها في وجه المصارف اللبنانية والتي وضع مشروع القانون للحدّ منها. فهل تَعي الدولة سَيل الدعاوى الذي سينهال عليها من الخارج؟