سواء اتخذت الحكومة الخطوة الحاسمة كلياً أو جزئياً أم تمادت في تأخيرها، فان التزام حال الطوارئ بات أشبه بأمر واقع واسع النطاق وربما على نحو غير مسبوق وإن ظلت مناطق تلتزمه بنسب أكبر من سواها بتفاوت الدرجات.
 
 
مع اقتراب عدد الاصابات بفيروس كورونا في لبنان من المئة أمس ومنها الضحايا الثلاث للفيروس حتى الآن بدأت تتصاعد للمرة الاولى معالم اقتراب الحكومة من الاقرار ولو متأخرة بحتمية اتخاذ القرار بإعلان حال الطوارئ وربما عبر تصعيد الاجراءات المتدرجة التي تبدأ بالزام المؤسسات الرسمية والخاصة الاقفال وضبط كل حركة المؤسسات السياحية والملاهي والمطاعم بلوغاً الى اقفال المعابر البرية مع سوريا، على ان تواكب كل الاجراءات دعوات متشددة الى المواطنين لالتزام المنازل.
 
ومع ان المطلعين على الخطوات الجارية يستبعدون الوصول الى منع رسمي وعلني للتجول، فان الوقائع المتصلة باشتداد حال الذعر التي تسود البلاد في ظل ارتفاع عدد الاصابات كما في ظل الوقائع العالمية التي تشهدها معظم الدول جراء استفحال انتشار الفيروس واعداد الاصابات تشير الى ان لبنان مقبل تباعاً على شلل لم يعرف مثيلاً له حتى في حقب الحروب الشرسة وجولات التقاصف والمعارك القتالية والحربية.
 
لكن قتامة الواقع واشتداد الاخطار باتا يؤسسان في رأي الاطباء والخبراء المختصين للمسار الوحيد المجدي لبدء كبح انتشار الفيروس من خلال التزام جماعي شامل للمنازل، الامر الذي سيخفف الى حدود كبيرة الاصابات ولو استلزم بدء ظهور انحسار الاصابات بعض الوقت بادئ الامر، خصوصاً ان هناك اصابات محتملة قد لا تكون قليلة ستظهر تباعاً في المرحلة الطالعة. وبرزت في هذا السياق دعوات لاختصاصيين واطباء الى جميع المستشفيات الخاصة للتأهب والاستعداد لاستقبال المصابين بالوباء كما بتوسيع عمليات التحري والبحث عن مصابين محتملين عبر اقارب المصابين المثبتين.
 
وبرزت الخطوة الاولى في التزام الاجراءات المتشددة من خلال ما اعلنته المديرية العامة لقوى الامن الداخلي مساء أمس من أنّه "بناءً على توصيات لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا، صدر قرار عن رئاسة الحكومة في شأن منع التجمعات في الأماكن العامة والخاصة، كذلك صدر قرار عن وزير السياحة بشأن الإقفال التام لجميع المطاعم والسناك بار والحلويات والمقاهي والنوادي الليّلية والمراقص والحانات، وذلك ضمن التدابير والإجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا. وباشرت دوريات قسم الشرطة السياحية في وحدة الشرطة القضائية والقطعات الإقليمية كل ضمن نطاقها تنفيذ مضمون هذه القرارات، كما تم تنظيم محاضر ضبط إدارية عدة بحق المخالفين". ودعت المديرية المواطنين الى التقيد بقرارات منع التجمعات والإقفال التام.
 
وفي ما بدا تراجعاً للمرة الاولى عن مكابرة الحكومة في اعلان حال الطوارئ، صرح امس وزير الصحة حمد حسن بأن "من الممكن إعلان حالة طوارئ مدنيّة أو صحية". وشدّد على "ان الإجراءات في مطار بيروت موازية لإجراءات مطار شارل ديغول وجميع المطارات المتقدمة في العالم"، طالباً "تخفيف التنظير على وزارة الصحة واللجنة الوطنية لمواجهة كورونا، والحديث عن أن وزارة الصحة تقوم بإخفاء عدد الحالات الحقيقي هو أمر معيب ومرفوض وغير صحيح، ومسوّق الإشاعات يجب أن يُحاسب".