زعمت إيران، بناء على نتائج فحوص مختبرات جديدة، عن رصد 958 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، بما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى 9 آلاف حالة مصابة، بحسب آخر التقارير الإيرانية، وفقاً لما أعلنه مركز رصد حالات الإصابة بفيروس كورونا التابع لجامعة جونز هوبكنز الأميركية.
 
وبحسب ما جاء في مقال غريمي وود بصحيفة "ذي أتلانتيك" الأميركية، ظهرت الحالة الأولى في 19 فبراير. وتحتل إيران حاليا المركز الثالث بعد الصين (80695) وكوريا الجنوبية (7،314) وقبل إيطاليا (5888). ولكن الرقم الإيراني الرسمي يفتقر بالتأكيد إلى الدقة، وربما يرجع ذلك إلى محاولة الحكومة الإيرانية إخفاء موقف يائس تتحمل مسؤوليته جزئيًا.
 
 
التاريخ سيذكر
ويتابع التقرير أن سطور التاريخ ستذكر يوما ما أن جائحة فيروس كورونا لعام 2020 بدأت في الصين، لكنها أصبحت أمرا نهائيا ولا رجعة فيه، حيث لم يمكن احتواؤها في إيران. ويضيف: "معرفة أن الرقم الحقيقي للمصابين بالعدوى في إيران أعلى بكثير مما تم الكشف عنه يخبر بقية العالم بأن الوباء قد توغل إلى أبعد بكثير مما تشير إليه الإحصاءات الرسمية".
 

فقد ظهرت أول علامة على عدم الأمانة في 28 فبراير، بحسب الصحيفة، عندما أعلنت معصومة ابتكار أحد نواب رئيس الدولة، أنها مصابة بالفيروس، وهي واحدة من أشهر العاملين بالسياسة في البلاد، كما أنها معروفة حتى في الغرب بشكل خاص لدورها ضمن المجموعة، التي احتجزت الدبلوماسيين الأميركيين كرهائن في طهران عام 1979.

وأوضح التقرير: "ما يثبت أن البيانات الإيرانية كاذبة هو أنه إذا كانت حالات الإصابة بالعدوى نادرة للغاية، إذ تم الإبلاغ عن أقل من 400 حالة في إيران تزامنا مع إعلان معصومة ابتكار تشخيصها كمصابة بالفيروس، لذا فإن إصابة سياسية مشهورة بالعدوى تعني أنه هناك أعدادا أخرى من المصابين بين زملائها، الذين لم يتم الإعلان عنهم".

بيانات كاذبة
وتابع: "بالفعل سرعان ما ظهرت أخبار بأن ثلاثة مسؤولين كبار آخرين لم يصابوا فقط بالعدوى الفيروسية، ولكنهم لقوا حتفهم وهم: محمد مير محمدي، عضو في مجلس استشاري رفيع المستوى للزعيم الأعلى في إيران، وحسين شيخ الإسلام وهادي خسروشاهى، وكلاهما من الدبلوماسيين السابقين رفيعي المستوى. كما أن محمد الصدر، وهو عضو آخر بالمجلس، قد أعلن عن إصابته في الأسبوع الماضي، وكذلك فعل زميل ابتكار في عضوية المجلس، رضا رحماني".


وذكر التقرير أنه "في الآونة الأخيرة، قال رئيس البرلمان إن 23 من زملائه أعضاء البرلمان قد أكدت الفحوصات إصابتهم بعدوى فيروس كورونا، وتوفي اثنان منهم هما: محمد علي رامزاني في 29 فبراير، وفاطمة رحبر في 7 مارس".

وتعد هذه المحصلة، من الناحية الإحصائية، تعبيرا عن وجود أعداد ضخمة من المصابين. ويسأل التقري: "لكن لماذا تلجأ إيران إلى الكذب؟". ويضيف: "في 21 فبراير، أجرت إيران واحدة من أحدث سلسلة انتخاباتها الوهمية، التي لم يتمكن من خوضها سوى المرشحين، الذين اختارتهم الحكومة فقط".

الحكومة تضلل شعبها
ولإظهار عدم الرضا، يرفض العديد من الإيرانيين التصويت في الانتخابات، ومع ضآلة المشاركة، انخفض بالمثل مظهر الشرعية الانتخابية. وضللت الحكومة الإيرانية شعبها بزعمها أن الولايات المتحدة قد روجت أخبار انتشار الفيروس كوفيد-19 للتقليل من حجم الإقبال على التصويت في الانتخابات، وتعهدت طهران بمعاقبة أي شخص ينشر شائعات عن وباء خطير.


وقام 43٪ من الإيرانيين بالمشاركة في عملية الإدلاء بالأصوات، غير مدركين أن الوباء، كان قد بدأ في الانتشار بالفعل، وربما كان يجب أن يكون الإجراء السريع هو الشروع بإعلان الحجر الصحي للحالات المصابة، ولكن بدلاً من ذلك، تجاهلت إيران تفشي أكثر الأوبئة كارثية في التاريخ الحديث.

تقديرات بملايين الحالات
تشير مجموعة متنوعة من المؤشرات الأخرى إلى أن عددا أكبر بكثير من الأشخاص في إيران يعاني من العدوى:
• أشارت ورقة بحثية أعدتها آشليغ توايت وآخرون من جامعة تورنتو، إلى أنه بحلول 23 فبراير، ظهرت حالات من أصل إيراني في كندا، ولبنان، والإمارات العربية المتحدة. وبالنظر إلى حجم السفر الجوي بين إيران وهذه الدول، فإن توايت وزملائها قد قدروا عدد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19، التي يجب أن تكون قد حدثت في إيران لإنتاج حالة واحدة في كل من هذه البلدان الأخرى. وكان تقديرهم ليوم 23 فبراير هو 18300 مصاب بالعدوى، وحيث أن الإصابة بالوباء وصلت إلى 100 حالة تراكمية، فمعنى هذا أن الأرقام الرسمية تضاعفت كل ثلاثة أيام تقريبًا. فاذا تم الاحتفاظ بهذا المعدل، فسيكون التقدير اعتبارًا من هذا اليوم 586000 شخص.

 


• في 3 مارس، أصيب 23 من أصل 290 من أعضاء البرلمان - حوالي 7.9% - بالمرض. (على عكس الأشخاص العاديين، فمن المحتمل أن هؤلاء النواب لديهم إمكانية الوصول الموثوق إلى التشخيص. وأصرت وسائل الإعلام الحكومية على أنهم لم يصابوا بالمرض نتيجة لتفشي العدوى بينهم، (ولكن من مناطقهم الأصلية)، وبالتالي فإن معدل إصابة البرلمانيين، إذا تم تطبيقه على إجمالي سكان إيران، فقد يبلغ 6.4 مليون حالة.

• وفيما يتعلق بباقي السياسيين الإيرانيين، فقد شهد المجلس الاستشاري الأعلى وفاة اثنين معروفين من بين 39 عضوًا، ولدى مجلس الوزراء حالتي عدوى من بين 30. وحتى لو لم يكن لدى أعضاء المجلس أو مجلس الوزراء إصابات بالفيروس، فإن معدل الإصابة يبلغ 5.8%. وهذا يعني معدل إصابات يقدر بـ 4.7 مليون.

تضليل إعلامي
• دعا موقع حكومي الإيرانيين إلى تقديم تفاصيل عن الأعراض، التي كانوا يعانون منها، وبعد مليوني استجابة، أفاد حوالي 9% بمعاناتهم من أعراض كوفيد-19. وفي الولايات المتحدة، فإنه من بين أولئك الذين تم فحصهم وأجريت لهم التحاليل بسبب أعراض وتاريخ صحي مماثل، جاءت النتائج الإيجابية بنسبة تصل لحوالي 10% منهم، بما يمكن ترجمته إلى أن عدد المصابين في إيران ربما يصل فعليا إلى 730 ألف حالة.


• في 4 و5 مارس، سُمح لطائرتي إجلاء للمواطنين الصينيين بمغادرة طهران إلى مقاطعة قانسو الصينية.وكانت السلطات الصينية حذرة بالطبع من إدخال المزيد من حاملي فيروس كورونا إلى البلاد، لذلك قاموا بفحص الركاب لدى وصولهم وجدوا 11 حالة إصابة بفيروس كوفيد-19 من بين 311 راكبًا. فإذا كان الصينيون قد تعرضوا للعدوى في إيران بنفس معدل إصابة الإيرانيين، فإن ذلك يشير إلى معدل يصل إلى 3.5%، ليصبح المجموع 5.7 مليون في تاريخ الرحلة. وتحذر تويت، الباحثة التي درست الرحلات الجوية السابقة، من أن هذا العدد سيخضع لإجمالي الحالات، لأنه يمثل عدد الحالات على تلك الطائرة في ذلك الوقت ("نقطة الانتشار") وليس الإجمالي التراكمي للحالات، الذي سيكون أعلى، حوالي 8 ملايين.

• سافر سبعة من بين 21 مريضاً بفيروس كوفيد-19 من كولومبيا البريطانية مؤخراً إلى إيران. ومن الصعب العثور على قاسم مشترك لهذا الرقم، لكن يمكن المحاولة. يوجد في كولومبيا البريطانية حوالي 50 ألف كندي إيراني، وبفرض أنهم يزورون إيران، مرة واحدة كل أربع سنوات في المتوسط، ويبقون لمدة شهر. وهذا يعني أنه في أي شهر، حوالي 1000 عودة من إيران. ويشير ذلك إلى أن إجمالي عبء الإصابة بالفيروس يبلغ 590 ألف حالة.
وفي 8 مارس، أعلنت السلطات الصحية في مقاطعة جولستان أن المستشفيات هناك كانت ممتلئة. ويمثل عدد سكان جولستان نسبة حوالي 2.2% من سكان إيران، وبافتراض أن لديها نفس النسبة من أسرتها في المستشفى، فيجب أن تضم المقاطعة 2600 سرير في المستشفى.


ولكن مع استبعاد بعض الأشخاص، الذين ربما يعانون من أمراض أخرى موجودون بالفعل في تلك الأسرة وأن ما يقرب من 2000 سرير يشغله حاليا المصابون بفيروس كورونا، فإن حوالي 15% من المرضى الذين يعانون من كوفيد-19 يتواجدون بالمستشفى، مما يشير إلى أن 13000 شخص - أو حوالي 0.8% من سكان المقاطعة – مصابين بفيروس كوفيد-19 في جولستان.

وإذا تم تطبيق هذا المعدل على مستوى البلد، فإن الناتج ربما يكون 610 ألاف إصابة، مما يشير إلى إجمالي تراكمي يبلغ حوالي مليون إصابة - إذا تم إضافة أولئك الذين تعافوا بالفعل.

أخيرًا، نظرًا لأن الايواء بالمستشفى يعد مؤشرًا غير دقيقًا، فإنه يمكن مضاعفة هذا العدد لحساب النمو في الأسبوع الماضي بـ 2 مليون حامل لفيروس كورونا في إيران.

يبلغ متوسط هذه التقديرات حوالي 2 مليون، أي حوالي 250 ضعف العدد الرسمي و15 ضعف إجمالي الحالات المعترف بها على مستوى العالم.
ووفقًا للنماذج، تقول الباحثة تويت أن معدل انتشار كوفيد-19 في كندا ربما يرتفع ما بين 5 إلى 10% من إجمالي السكان عندما يصل الوباء إلى ذروته. وبالمثل، فإنه ربما يوجد نفس الأرقام من المصابين في إيران.

سياسيو إيران كبار في السن
ويرى إدوارد كابلان، أستاذ الأمراض الوبائية في جامعة ييل، إن تلك الأرقام ترجح أن العديد من السياسيين الإيرانيين، وهم من كبار السن حيث يبلغ متوسط عمر كبار أعضاء المجلس الاستشاري 70 عاما، يعانون بشكل خاص من أعراض الإصابة بالفيروس، مما يعني أن أعداد المصابين بين الأوساط السياسية أكثر من عامة السكان.


ومن المحتمل أيضًا - على الأرجح - أن هذه الأرقام مبالغ فيها بالنسبة لطهران وقم، وكلا المدينتين اللتين ضربتهما جائحة كورونا في كل محافظة إيرانية، ولكن بعض المقاطعات في وقت مبكر من دورتها عن غيرها.

وقال التقرير إن العديد من العناصر المجهولة المشابهة تجعل تقييم هذه التقديرات أمرًا صعبًا، ولهذا السبب يضطر الخبراء إلى تناول المشكلة من زوايا متعددة، مع افتراض أن الأخطاء في أحد الأساليب لا ترتبط بالأخطاء الموجودة في الطرق الأخرى، ويتم تقريبها في المتوسط.

وحتى إذا كانت التقديرات أكثر كثيرًا من الواقع، فإنها لا تزال تكشف عن تفشي المرض بدرجة تخرج تماما عن السيطرة، وذلك بما يتجاوز قدرة إيران، أو أية دولة أخرى على إدارته.


وبعيدا عن الافتراضات والتقديرات، فإن الوضع على أرض الواقع يائس وبائس بحسب وصف الأطباء الإيرانيون، حيث تلجأ الممرضات إلى استخدام مفارش للأسرة بأنفسهن، لأن هناك نقص منذ فترة طويلة في تزويدهن بالمعدات المناسبة. إن الممرضات الإيرانيات يقسمن أن الأرقام الرسمية خاطئة. وكتبت أحداهن قائلة: إن "مجرد البقاء بين عشية وضحاها في المستشفى يبين لك معرفة ما أتحدث عنه. أو انتقل إلى المنزل، ولا تخرج منه حتى يمر الطاعون". "يحتاج مجتمعنا الآن إلى الخوف أكثر من الأمل."