لم ينتظر رئيس الحكومة حسان دياب تفاؤل الرئيس عون، بعد إعلانه لبنان دولة نفطية، أكثر من أسبوعين، حتى عاجله بإعلان إفلاس لبنان، كاشفاً المستور.الاّ أنّ المعاكسة لم تأتِ فقط من أهل البيت.
 

هذه المفارقة ليست الوحيدة المثيرة للجدل في هذا العهد. إذ يبدو انّ التشكيلات القضائية المعلّقة، بانتظار توقيع رئيس البلاد عليها، ستشهد بدورها «معاكَسة» للعهد، واصراراً من مجلس القضاء، الذي أيّده العهد في ما مضى، إيماناً بنزاهته، بعد ما تسرّب لـ«الجمهورية» من معلومات تفيد عن نيّة رئاسة مجلس القضاء وأعضائه مجتمعين، بالإبقاء عليها كما تشكلّت، فيما لو صح خبر ردّها وإعادتها من قِبل وزيرة العدل ماري كلود نجم لإجراء تعديلات على بعض الأسماء، إذ يُفهم من تغريدتها أنّها ليست «ساعي بريد»، نيتّها مراجعة التشكيلات والمطالبة ربما ببعض التعديلات، قبل رمي الكرة في ملعب الرئيس عون. واذا ما صحّت التوقعات، فإنّ التعديلات التي ستطالب بها ستشمل عدداً من القضاة طالهم التشكيل، مقرّبين وغير مقرّبين من العهد.

 

عقدة القاضية عون

 

تلفت اوساط قضائية، الى انّ رفض القاضية غادة عون منصبها الجديد كمستشارة في محكمة التمييز لمدة سنة، بانتظار ان تتسلّم مركز القاضي طاني لطوف لرئاسة محكمة التمييز بعد انتهاء ولايته، هو توجسّها من احتمالين جائزين:

 

1 - الظروف الداخلية في لبنان الخاضعة حكماً للمتغيّرات خلال سنة.

 

2 - تسميتها لمركز رئاسة التمييز العسكرية لم يتمّ وفق التعيين، بل من خلال الانتداب. وهناك فرق في الحالتين، اذ انّ مراكز التعيين هي ثابتة ومؤكّدة، فيما الانتداب متحرّك سنوياً، في وقت تعتبر عون، ان تعيينها مستشارة في التمييز لمدة سنة بانتظار انتهاء مهلة لطوف تكتنفه مجازفة.

 

علماً أنّ رئيس مجلس القضاء يحق له في بداية كل سنة عند صدور التشكيلات القضائية، ان يُنهي أو يُجدّد انتداب القاضيين المعينين لطوف وصقر، الاول في المحكمة الجنائية والثاني في الهيئة الجنحية، فيما التجديد لهما هو الامر الطبيعي بحسب أوساط قضائية واسعة الإطلاع. إذ يرى هؤلاء أنّ القاضيَيْن وصلا الى أعلى المراكز في القضاء، ومن الصعوبة جدًا ان يتمّ وضعهما في مراكز اخرى. فالقاضي الذي يترأس محاكم التمييز لا يمكن تعيينه مستشاراً بعد وصوله الى القمة.

 

ولذلك، قد يتمّ البحث عن خطة بديلة، وهي إيجاد مركز آخر للقاضية عون لإرضائها، عوض ان تنتظر مدة سنة في محكمة التمييز كمستشارة، بانتظار ان يُكمل القاضي لطوف مهمته لسنة كاملة فتحلّ مكانه، فيما نقلهما سوف يُحدث ازمة فعلية، ليس اقلها نسف التشكيلات برمتها.

 

امّا القاضية عون، التي هدّدت باستقالتها، فقد اعترضت أيضاً على الدرجات الـ9 التي تتفوق فيها على القاضي سامر ليشع، الذي عُيّن مكانها، وعلى الـ19 عاماً التي تكبره فيها. ومن هنا كان تعليقها في تغريدتها «9 و 19».

 

التعيينات الجديدة

 

من جديد التعيينات، عُلم أيضاً عن تعيين القاضي نقولا منصور قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان رئيس استئناف في بعلبك، فيما تمّ نقل القاضي زياد ابي حيدر مكانه.

 

تعيين القاضي بسام الحاج رئيس محكمة الجنايات في طرابلس بعدما كان قاضي تحقيق في بعبدا.

 

تعيين القاضي خالد عبد الله رئيس الهيئة الاتهامية في بعبدا، بعدما كان رئيس محكمة الجنايات في النبطية، وقد تمّ تعيين القاضي غسان ماضي مكانه.

 

تعيين القاضي شارل غول رئيس محكمة استئناف مدنية في صيدا.

تعيين القاضي فادي عنيسي رئيس استئناف مدني في جديدة.

 

تعيين القاضي حبيب رزق الله رئيس اول في بيروت.

تعيين القاضي فادي صوان رئيس محكمة الاستئناف في بيروت.

 

تعيين القاضية أماني سلامة، وهي رئيسة نادي القضاة، قاضي تحقيق في بيروت. وتشير المعلومات، انّها كانت موعودة بمركز رئاسة الاستئناف في المحكمة المدنية في الجديدة، إلّا انّه تمّ تعيين القاضي فؤاد مراد في هذا المركز.

 

أبرز القضاة الذين شكّل نقلهم مفاجأة

 

نقل القاضي هاني الحلمي حجار، مستشار الرئيس سعد الحريري، من مركز معاون مفاوض حكومة في المحكمة العسكرية الى مستشار في محكمة الجنايات.

 

نقل المحامي العام هاني عبد المنعم الحجار من النيابة الاستئنافية في بيروت، المحسوب ايضاً على الحريري، الى مستشار في محكمة الجنايات.

 

نقل قاضي التحقيق داني الزعني من مركزه في الشمال وتعيينه مستشاراً استئنافياً في الشمال.

نقل القاضي هاني البرشا من محامي عام في صيدا الى مستشار في الشمال.

 

تعيين القاضي عبد زلزلي مستشاراً في الشمال.

تعيين القاضي بلال وزني مستشاراً في النبطية بعدما كان قاضي تحقيق.

 

تبقى القاضية رولا الحسيني، التي قدّمت إستقالتها، معترضة على نقلها من بيروت الى جبل لبنان، محط تساؤل. إذ يشير بعض القضاة الى انّ اعتراض الحسيني ليس مقبولًا، لأنّها ترقّت في التعيينات الجديدة لتصبح رئيسة محكمة الجنايات، فيما كانت قبلاً رئيسة استئناف. كما تشير الاوساط نفسها، انّه قد يصار الى التعديل ليتمّ نقلها الى مكان يتطلب منها جهدًا أو مسافة أقل وأقصر، انما يؤكّد هؤلاء أنّ المجلس لن يعيدها الى مركزها السابق.

 

وتستغرب اوساط قضائية اعتراض العهد وحده على التشكيلات القضائية، في وقت لم يبدِ الرئيس نبيه بري اي اعتراض على نقل رهيف رمضان ونقل قضاة شيعة من مراكزهم. كذلك الامر بالنسبة للرئيس الحريري الذي لم يعترض على اطاحة مستشاره الشخصي ونقله من منصبه، علماً انّ القضاة الجدد المعيّنين ليسوا ببعيدين عن العهد.

 

وتبقى المفارقة الجديدة، ثبات موقف مجلس القضاء من التشكيلات، إذ تقول المعلومات، إنه سيعيدها دون القبول بالتعديلات، لتشكّل خطوة سابقة في تاريخ لبنان. فهل «تستودع» وزيرة العدل التشكيلة في «الجارور»، لتُجنّب العهد الإحراج وضغط الشارع، أم انّ البلاد ستقع في أزمة قضائية ورئاسية بانتظار تسوية ما؟