هذه هي الحقيقة التي يجب أن يفهمها اللبنانيون جميعهم أن البلد نحو الإفلاس المالي وسياسيوه وأحزابه ومسؤولوه وزعماؤه نحو الإفلاس السياسي والوطني والأخلاقي.
 
مرّ القرار الحكومي بالامتناع عن دفع المستحقات المالية المتوجبة على لبنان مرور الكرام، بالرغم من أن القرار الذي أعلنه رئيس الحكومة تترتب عليه الكثير من التداعيات الاقتصادية والنقدية، هذه التداعيات منها ما يتعلق باقتصاد الدولة ومنها ما يتعلق بالمواطن اللبناني، هذا المواطن التي بات ضحية وحيدة لكل السياسات الحكومية منذ عشرات السنين وها هو اليوم يدفع الثمن باهظا.
 
لا نريد الدخول في تفاصيل الأزمة الإقتصادية ولا سيما ما يتعلق بالقرار الحكومي بالامتناع عن دفع المستحقات وقد أدلى كثيرون دلوهم بهذا الشأن من خبراء وإقتصاديين ومستشارين، إلا أن ما هو ملاحظ وللأسف أن الإمتناع حصل بعيدا عن أي استراتيجية اقتصادية جديدة وبعيدا عن الخطط اللازمة لمعالجة الوضع القائم، وكل ما حصل هو هروب من التسديد فيما حال البلاد كما هي عليه بل نحو الأسوأ إقتصاديا وماليا.
 
حسنا فعل الرئيس حسان دياب بمصارحته اللبنانيين فلم يكذب كما غيره من رؤساء الحكومات السابقين ولم يعتمد سياسة الكذب والتضليل الحكومي التي درج عليها رؤساء سابقون، بل ذهب إلى مصارحة اللبنانيين بأن الأزمة كبيرة وحقيقية ولا يمكن للبنان في وضعه الراهن دفع المستحقات المالية وانكشفت أكاذيب رياض سلامة حول وضع الليرة اللبنانية، وانكشف أيضا  خداع اللبنانيين منذ سنوات حول وضعهم الإقتصادي وانكشف أيضا عريّ "العهد القوي" ووعوده الفاشلة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم وأخرها وعد اللبنانيين "بدولتهم النفطية" فيما أصبح 40 بالمئة منهم تحت خط الفقر نتيجة السياسات المالية المتعاقبة ونتيجة منظومة الفساد والسرقة المتحكمة بالقرار السياسي والمالي، ونتيجة القبض على القرار السيادي للدولة من أحزاب لا يمهما سوى أولوياتها ومصالحها الخاصة ولو على حساب اللبنانيين وبالتالي أصبح لبنان نحو الإفلاس بتقديرات جميع خبراء الإقتصاد والمحللين والمستشارين الإقتصاديين وبانتظار الإعلان الرسمي وربما الدولي عن الإفلاس مالي والانهيار إقتصادي.
 
الرئيس حسان دياب قرر المضي بسياسة الهروب إلى الأمام والهروب من الواقع بجملة إجراءات لا خطط، يأمل من خلالها استعادة الحد الأدنى من مقومات الصمود، لكن الرئيس دياب  لم يجرؤ حتى اليوم على الحديث عن مسببات الأزمة وأبطالها ممن سرقوا ونهبوا مال الدولة، وممن أقرّوا السياسات المالية للدولة منذ عشرات السنين، لم يجرؤ في الحديث عن استعادة الأموال المنهوبة، ولم يجرؤ في الحديث عن إقرار الإثراء غير المشروع وهي إجراءات أساسية وضروية في معالجة الازمة الحالية وتسهم إلى حد كبير في وقف الإنهيار الحاصل.
 
حسان دياب رئيس جديد للحكومة ولم يمض على تشكيلها أشهر معدودة ولا شأن له بما مضى، لكنه تصدى اليوم لهذه المسؤولية وبات عليه اجتراح الحلول اللازمة بعيدا عن المجاولات وبعيدا عن سلطة الأحزاب والزعامات، هذه الأحزاب التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه من خلال استئثارها بقرار الدولة المالي والاقتصادي والسياسي، كان على حسان دياب كما أعلن إفلاس الدولة بشكل غير مباشر، كان عليه أن يعلن أيضا الإفلاس السياسي والوطني والأخلاقي لمسؤولين كثر، للزعماء اللبنايين جميعهم، وكان عليه أن يعلن أيضا إفلاس الاحزاب من مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية تجاه هذا الوطن الذي حولته الأحزاب والزعمامات إلى شركة مساهمة فنهبت ثرواته وخيراته وأمواله.
 
البارز في التعليقات على قرار حسان دياب كان لمسؤولي ونواب تيار المستقبل، تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري الراعي الأول والأخير للسياسات المالية التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه نجده اليوم وتياره ونوابه من أكثر المعترضين على السياسات المالية الأخيرة وهي سياسات ربما في نظر الرئيس دياب ضرورية لمسح الوسخ الذي أوصلتنا إليه الحكومات السابقة الحريري وغيره مع شركائه في التيارات والأحزاب التي كانت تخطط وتهندس للسياسات المالية منذ ثلاثة عقود حتى اليوم.
 
التعليقات واسعة على قرار دياب لكن أحدا لم يجرؤ عن الحديث عن المسببات والمسببون، فلم تتجرأ الأحزاب الحاكمة نفسها بما فيها تيار المستقبل ورئيسه وكل هذه الطبقة السياسية أن تعلن إفلاسها وإفلاس سياساتها وإدارتها ومشروعها في الحفاظ على البلد ومقدراته وثرواته، فلم تستطع هذه الأحزاب حماية أموال الناس ومستقبلهم وهي بالتأكيد اليوم لم تعد كما في السابق لم تعد جديرة بحماية الوطن.
 
هذه هي الحقيقة التي يجب أن يفهمها اللبنانيون جميعهم أن البلد نحو الإفلاس المالي وسياسيوه وأحزابه ومسؤولوه وزعماؤه نحو الإفلاس السياسي والوطني والأخلاقي.