ما زالت العلاقات المتوترة بين سعد الحريري والثنائي بعبدا- ميرنا الشالوحي طاغية على الصورة السياسية.
 
"مش كل مرة بتسلم الجرة". هذه حال العلاقات بين زعيم تيار المستقبل سعد الحريري والثنائي بعبدا- ميرنا الشالوحي. ذلك أن في عز االثورة الشعبية ضد الطبقة الحاكمة، قرر الرئيس الحريري التخلي عن منصبه استجابة للمطالب الشعبية. وفي وقت بدت هذه الخطوة ضرورية ليستعيد زعيم "التيار الأزرق" بعضا من شعبيته في صفوف الطائفة السنية، فإن الأهم يكمن في أن استقالة الحريري التي جاءت مخالفة لرغبة شريكي التسوية، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وزعيم التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل، أطلقت رصاصة الرحمة على التسوية التي أبرمها الحريري على حين غرة مع "مرشح حزب الله" الرئاسي".
 
غير أن مصادر سياسية مقربة من تيار المستقبل تقرّ لـ "المركزية" بأن إطلالة الحريري على جمهوره وحلفائه وخصومه في ذكرى 14 شباط أكدت الطلاق النهائي بين المستقبل والتيار الوطني الحر، كما استحالة ردم الهوة بلين الطرفين، على اعتبار أن بعدما استقال الحريري خلافا لرغبة الثنائي عون- باسيل، إضافة إلى الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، انتقل الصراع إلى ما يمكن اعتبارها تصفية للحسابات السياسية.
 
في هذا الاطار، تعتبر المصادر المقربة من تيار المستقبل أن الحريري يبدو الضحية الأبرز لهذه العملية السياسية، بدليل أن بعدما دفع من رصيده الشعبي ثمن التسوية الرئاسية التي رأى فيها محاولة أخيرة لإنقاذ البلاد، كان الشخصية الوحيدة التي استجابت للمطلب الشعبي الأبرز، فخرج من الصورة الحكومية آملا في عودة سريعة، قبل أن يتلقى ضربة قوية من القوات اللبنانية، التي أحجمت عن تسميته في استشارات التكليف، معبدة الطريق من حيث لا تدري أمام الرئيس حسان دياب. وفيما يتخبط الأخير وفريقه في وحول القرارات الكبيرة كذاك المتعلق باستحقاق سندات اليوروبوندز، تؤكد المصادر أن لو شكل الحريري الحكومة كما أرادها من اختصاصيين مستقلين، لما بلغت البلاد حافة الهاوية التي وصلت اليها اليوم، ملمحة إلى أن خلف قرار "إقصاء الحريري" هذا حسابات سياسية ورئاسية بعيدة المدى. وتلفت إلى أن التيار العوني نجح في تكريس التسوية اتفاقا ثنائيا بينه وبين حزب الله حصرا، ما قد يتيح لهما فرض خياراتهما في المرحلة المقبلة.
 
في المقابل، تؤكد المصادر أن الحريري الذي صب غضبه على الرئيس عون وباسيل، ينوي الاستمرار في سياسة ربط النزاع مع حزب الله، ما يعني أن جبهة معارضة موحدة تلم شمل مكونات 14 آذار في مواجهة أركان الحكم لن تبصر النور قريبا.