تحدثت مجلة دير شبيغل الألمانية عن انتشار فيروس كورونا في إيران، ما أدى لإغلاق حدودها مع الدول المجاورة، وعلى الرغم من ذلك تستمر الرحلات الجوية بين طهران وألمانيا في العمل، وإن كانت تخضع لقواعد صارمة، إلا أنها لا تقلل الخطر.
 
فحين هبطت الطائرة الإيرانية IR 723 في هامبورغ صباح الاثنين متأخرة لعدة ساعات، ما تسبب في قلق للعديد من أقارب المسافرين؛ حيث إنه قبل أقل من أسبوع من ذلك، أعلنت الحكومة في طهران تفشي فيروس كورونا في البلاد، ومنذ ذلك الحين انتشر الفيروس بشكل واضح في إيران.
 
ويشير تقرير دير شبيغل إلى إنه عندما سأل أصدقاء وأقارب المسافرين القادمين من إيران في مطار هامبورغ عما إذا كان أولئك الذين يصلون يخضعون للفحص، لم يكن هناك من يجيب، وتم إحالة الأقارب إلى "خط كورونا الساخن"، لكنهم لم يستطيعوا الحصول على أي معلومات، ومن ثم سُمح لجميع الركاب بمغادرة المطار.
لا فحص بالمطارات
وأضاف التقرير أن بعض أقاربهم في هامبورغ بالقلق عما إذا كان زوارهم قد أحضروا معهم فيروس Sars-CoV-2 عن طريق الخطأ. ولأن حالات Covid-19 تتزايد في إيران، وهو مرض الرئة الناجم عن الفيروس التاجي الجديد، حاولت الحكومة هناك التستر على إفشاء انتشاره لأسابيع.
 
هناك العديد من الدلائل على أن الفيروس ينتشر دون رادع هناك، ووفقًا للأرقام الرسمية، أصيب ما لا يقل عن 978 شخصًا في إيران، وتوفى 54منهم، وكانت الصين أكثر الدول التي سجلت عدد الوفيات بسبب Covid-19 حتى الآن، وقد انتشرت عدد الوفيات الموثقة في جميع أنحاء البلاد دون معرفة طرق العدوى.
 
وليس من الواضح تمامًا ما إذا كان الفيروس الموجود على متن طائرة طهران قد وصل إلى هامبورغ دون قصد ودون أن يلاحظه أحد، لكن الوضع يكشف عن أكبر التحديات والتي باتت تلوح في الأفق للتصدي للفيروس المعدي، فالفيروسات لا تتوقف عند الحدود، حيث تظهر الحقيقة خطورة ذلك، وذلك عندما تم تشخيص إصابة شخص بفيروس كورونا الجديد من مدينة كايزرسلاوترن كما أعلنت ذلك وزيرة الصحة في راينلاند بالاتينات سابين بيتزينج ليتشينثولر يوم الخميس في ماينز، وقالت الوزيرة الاشتراكية الديمقراطية: "إن الرجل المصاب يبلغ من العمر أكثر من 30 سنة، وقد كان متواجدًا قبل فترة وجيزة في إيران، كما كان على اتصال "بشخص ظهرت عليه أعراض المرض".
 
 
وشدد التقرير على أنه يجب على كل هيئة حكومية ألمانية مختصة إعادة تقييم المخاطر باستمرار وتقييم ما إذا كانت المناطق المتأثرة جاهزة وقادرة على احتواء المرض.
 
فيما قررت دول مثل تركيا وباكستان وأفغانستان وأرمينيا اتخاذ إجراءات صارمة وتم إغلاق بعض حدودها مع إيران يوم الأحد، وتم قطع جميع الاتصالات بالسيارة أو القطار أو الطائرة.
 
بيد أن الأمور في ألمانيا سارت كالمعتاد، حيث تمكن الركاب القادمين من إيران من الدخول إلى الأراضي الألمانية بدون إجراءات أمنية إضافية، كما حدث في مطار هامبورغ، وفي تصريح بناءً على طلب مجلة دير شبيغل الألمانية أعلن مطار هامبورغ أنه غير مسؤول عن مثل هذه الحالات، وأحيل ذلك إلى هيئة الصحة في هامبورغ، ورغم هذا الإعلان لم يقرر في البداية أي تدابير أمنية إضافية، وقال متحدث رسمي لمجلة دير شبيغل الألمانية يوم الثلاثاء: "على حد علمي، لم يحدث شيء هناك".
 
 
السلطات تشدد اللوائح الأمنية
في مساء الأربعاء تم الاتفاق على الصعيد الوطني على اتخاذ تدابير أمنية إضافية، حيث يتعين على الطيارين الآن الإبلاغ عن الحالة الصحية لركابهم إلى البرج في مطار الوجهة خصوصًا إذا كانوا متجهين من إيران أو كوريا الجنوبية أو اليابان أو إيطاليا إلى ألمانيا، وحاليًا بدأ التطبيق فقط على الرحلات الجوية القادمة من الصين، حيث انتشر الفيروس هناك.
 
بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على المسافرين جواً من هذه المناطق الإبلاغ فور هبوطهم وشرح مكان وجودهم، حتى يتمكن العثور عليهم في حالة الطوارئ، بحيث يلزم القادمون بتعبئة بياناتهم في بطاقات الخروج، وقد تكون تلك البيانات على سبيل المثال، كتابة تفاصيل الاتصال الخاصة بهم وتحديد وجهة إقامتهم، بالإضافة إلى ذلك، يتلقى كل مسافر نصائح حول ما يجب القيام به في حالة وجود حالة مشتبه فيها، هذه المتطلبات هي واحدة من التدابير ضد انتشار الفيروس التي قررها فريق الأزمات المنشأ حديثًا.
 
 
ووفقًا لمجلة دير شبيغل الألمانية، أكدت هيئة الصحة في هامبورغ أن هذه المتطلبات تطبق الآن أيضًا على المدينة الهانزية، لكن ووفقًا لبيانات المجلة الخاصة، لم يتلق المسافرون القادمون في رحلة يوم الاثنين أي بطاقات خروج.
 
يبقى أن نرى ما إذا كانت التدابير الجديدة ستكون كافية لمنع المزيد من الانتشار.
 
واتخذت دول أخرى تدابير أكثر صرامة، ففي المملكة المتحدة، تم عزل العديد من المسافرين إلى إيران لمدة أسبوعين كإجراء وقائي، بالإضافة إلى ذلك، يجب على جميع الأشخاص الذين دخلوا إيران منذ 19 فبراير تقديم تقرير إلى NHS للخدمات الصحية البريطانية، كما ويُطلب من المصابين البقاء في المنزل، حتى لو لم تظهر عليهم أية أعراض.
 
روحاني: الوضع طبيعي حتى السبت
في غضون ذلك وبهدوء تام أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني على أن الوضع سيعود إلى طبيعته بحلول يوم السبت، ولكن هذا الوعد صعب المنال.
 
 
ورفض نائب وزير الصحة الإيراني إيرادج هريرتشي جميع المزاعم في مؤتمر صحفي في وقت سابق من يوم الاثنين بأن الحكومة ستقلل من حجم الوباء، حيث إنه كان يسعُل ويجفف جبينه مرارًا، لكنه ادعى أنه يتنحْنَحَ فقط، وبعد وقت قصير كان اختبار إصابته بفيروس كورونا إيجابيًا.
 
وفي رسالة فيديو له على تويتر، قال يوم الثلاثاء إنه بخير، وإنه شعر فقط بالإرهاق وأصيب بالحمى، وهنا يظهر التساؤل كم شخصا يمكن أن يكون مصابًا بشكل غير واضح.
 
يعتمد تطور الوباء إلى حد كبير على ما إذا كان من الممكن احتواء تفشي المرض بسرعة، يقول تيمو أولريتش، أستاذ الصحة العالمية بجامعة أكون للعلوم الإنسانية في برلين: "في المراحل المبكرة من الإصابة، يعتبر التنفيذ الصارم لتدابير العزل والحجر الصحي أمر منطقي"، وأضاف: "في أفضل الأحوال، يمكن القضاء على تفشي محلي لفيروس بهذه الطريقة، وقد يكون ذلك ممكنًا إذا كانت المنطقة المتأثرة بالمرض واحدة أو عدد قليل، ولسوء الحظ، إذا كان هناك العديد من المناطق المتأثرة فإنه لا يمكن التحكم بالمرض".
 
 
في يوم الثلاثاء تُعرف في ألمانيا على أول حالة مصابة بعدوى Sars-CoV-2، لكنه ليس من الواضح ما إذا كانت إصابة المرضى نُقلت عن طريق العدوى، لذلك يرى وزير الصحة ينس سبان ألمانيا في بداية وباء فيروس كورونا، ويُطلب من جميع الولايات الألمانية تفعيل خطط الطوارئ الخاصة بها والاستعداد لدخولها حيز التنفيذ.
 
توفر خطة الوباء الخاصة بهامبورغ أيضًا تحقيقات محتملة في المسافرين في المطارات، هذه بالفعل قيد الاستخدام في مطار فيوميتشينو في روما، هناك تقوم كاميرات التصوير الحراري تلقائيًا بفحص درجة حرارة لجميع المسافرين، بما في ذلك المسافرين من ألمانيا، فقط أولئك الذين ليس لديهم حمى يُسمح لهم بالدخول، ومع ذلك، فإن هذه الطريقة لا يمكن الاعتماد عليها لأنه ليس كل الأشخاص المصابين بالفيروس يصابون بالحمى، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن من أربعة إلى خمسة أشخاص مصابين بالفيروس تكاد لا تظهر عليهم أعراضًا أو تكون طفيفة.
 
حتى الاختبار السلبي للنوع الجديد من فيروس كورونا لا يضمن عدم إصابة الأشخاص الذين تم فحصهم، يعتمد ذلك على دورة حياة الفيروس، حيث لا يمكن اكتشافه إلا في الجهاز التنفسي (الشعب الهوائية) أو في البراز.
 
وقال أودو جوتش، وهو طبيب من مكتب صحة فرانكفورت: "نظرًا للأطوار المختلفة لدورة حياة الفيروس وفترة الحضانة التي تصل إلى 14 يومًا، فإن كل فحص دخول محدود للغاية"، كما هو الحال في هامبورغ، حيث تعتمد سلطات فرانكفورت في المقام الأول على معلومات الركاب".
 
إرشادات عن كورونا
توفر الملصقات في المطار معلومات حول المخاطر المحتملة وتشجع المسافرين على الإبلاغ الطبيب، وإذا أمكن، فإن عليهم البقاء في المنزل إذا عانوا من أعراض مثل الحمى أو السعال أو ضيق التنفس في غضون 14 يومًا بعد عودتهم من منطقة الخطر.
 
ولكن هل يمكنك التأكد من أن جميع المصابين سيبلّغون في الواقع؟ في روسيا، كان لا بد من إجبار امرأة شابة مصابة بالفيروس على الحجر الصحي بأمر من المحكمة.
 
 
الخيار الآخر هو قطع رحلات الطيران بين إيران وألمانيا، وقد يكون مثل هذا القرار حساساً جدًا سياسيًا، خاصة إذا ظلت رحلات الطيران إلى البلدان المتضررة الأخرى مثل الصين سارية، لأن ذلك من شأنه أن يلمح رسمياً إلى عدم سيطرة إيران على تفشي المرض.
 
ويمكن لشركات الطيران إلغاء رحلاتها الجوية، وكمثال على ذلك، توقفت لوفتهانزا عن السفر من وإلى الصين بنهاية شهر مارس، حيث تقدم الخطوط الجوية الإيرانية الرحلات الجوية المباشرة بين طهران وهامبورغ أو فرانكفورت أم ماين، فمن المشكوك فيه ما إذا كانت شركات الطيران ستوقف الرحلات أم لا، فهي مملوكة للدولة.