أعلن رئيس الوزراء العراقي المكلّف محمّد علاوي الأحد اعتذاره عن عدم تشكيل حكومة وهو ما يزيد حال عدم اليقين في البلاد التي تشهد أزمة سياسيّة، في وقت سقط صاروخان ليلا في المنطقة الخضراء في بغداد قرب السفارة الأميركية.
 
وكتب علاوي في تغريدة على تويتر "قدمت رسالة إلى رئيس الجمهورية أعتذر فيها عن تكليفي بتشكيل الحكومة. كنت أمام هذه المعادلة، منصب رئيس الوزراء مقابل عدم صدقيتي تجاه شعبي والاستمرار بالمنصب على حساب معاناته. فكان الخيار بسيطا وواضحا هو أن أكون مع شعبي الصابر وخصوصاً عندما رأيت أن بعض الجهات السياسية ليست جادة بالإصلاح والإيفاء بوعودها للشعب، ووضعت العراقيل أمام ولادة حكومة مستقلة تعمل من أجل الوطن".
 
واعتذر علاوي في كلمة متلفزة عن عدم تشكيل حكومة. وقبل ذلك وجّه رسالة إلى صالح قال فيها "رأيتُ أنّ بعض الجهات السياسيّة ليست جادّة بالإصلاح والإيفاء بوعودها للشعب".
 
وأضاف علاوي أنّ "وضع العراقيل أمام ولادة حكومة مستقلّة تعمل من أجل الوطن كان واضحا"، ودعا في الوقت نفسه المتظاهرين إلى "مواصلة الضغط بالاحتجاجات السلمية لكي لا تضيع التضحيات سدىً".

وتعمق هذه الخطوة أزمة سياسية في البلاد التي تعاني من تداعيات احتجاجات حاشدة ومشاحنات سياسية متواصلة.

ومجدداً يقتضي على الرئيس العراقي، برهم صالح البدء بمشاورات لاختيار مرشح بديل لعلاوي المنسحب، خلال 15 يوماً، في ماراثون جديد يذكر بسيناريو سابق شهدته البلاد قبيل اختيار علاوي.

وسيكون لرئيس الجمهورية هذه المرّة الحقّ الدستوري في فرض مرشح جديد لتشكيل حكومة، من دون أن يطلب رأي الكتل البرلمانيّة الكبرى.

وسيبدأ رئيس الجمهورية مشاورات لاختيار مرشّح بديل خلال المهلة الدستوريّة، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه. وبين المرشحين رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، وفقا لمصادر سياسية.

ويعيد هذا التطور المأزق إلى بدايته، فقد استغرق الاتفاق على تكليف علاوي أسابيع طويلة سابقاً، لاسيما أن التنافس والاختلاف بين الكتل والأحزاب على أعلى مستوياته وأشده.

وقد ينتهي بفراغ المنصب إذا قرر عادل عبدالمهدي، رئيس الوزراء السابق الذي يقود حكومة تصريف الأعمال، ترك منصبه.

ولا يزال العراق بلا حكومة منذ استقالة عادل عبدالمهدي، سلف علاوي، تحت ضغط الشارع قبل شهرين. وأدّت استقالة عبدالمهدي إلى أزمة قانونيّة لأنّ الدستور لا يحدّد بوضوح الحالات المتعلّقة باستقالة الحكومة.

وكان مجلس النواب العراقي أرجأ الأحد للمرّة الثالثة جلسة التصويت على منح الثقة لحكومة علاوي. وأعلن المجلس تأجيل الجلسة لعدم اكتمال النصاب القانوني. وحضر جلسة الأحد 108 نواب فقط من أصل 329 مجموع أعضاء المجلس.

وسبق ذلك، تأجيل انعقاد جلستين الخميس والسبت، لحسم منح الثقة لحكومة علاوي.

وتحقّق السلطة القضائية في مزاعم قيام أطراف بدفع مبالغ طائلة لقاء "بيع وشراء" وزارات ومناصب. وتسلّط هذه المزاعم الضوء على الفجوة الواسعة بين القادة السياسيين ومطالب المواطنين في البلد الغني بالنفط المصنف في المرتبة 16 على لائحة الدول الأكثر فسادا على مستوى العالم.

وكلف علاوي الرجل الذي شغل منصبين وزاريين في السابق، تشكيل الحكومة اثر ضغوط مارستها الأحزاب السياسية، دون الأخذ برأي المتظاهرين الذين أعلنوا رفضهم لعلاوي باعتبار أنه قريب من النخبة الحاكمة التي يتظاهرون ضدها.

ويطالب المحتجون بشخصية مستقلة لم تشغل منصبا سياسيا في السابق، لتشكيل الحكومة، على الرغم من أنّ علاوي كان وعد مراراً بتشكيل حكومة "تاريخية" من وزراء غير حزبيين وخبراء في مجالهم فقط.

وقال علاوي في رسالة وجّهها إلى صالح "للأسف الشديد، كانت بعض الجهات تتفاوض فقط من أجل الحصول على مصالح ضيّقة دون إحساس بالقضيّة الوطنيّة".

من جهته، قال الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في بيان تعليقا على اعتذار علاوي "حبّ العراق أوحى لك بالانسحاب.. فجُزيتَ عن العراق خيرًا".

وأضاف "إلى متى يبقى الغافلون، ممن يحبون المحاصصة، ولا يراعون مصالح الوطن يتلاعبون بمصائر الشعب؟ وإلى متى يبقى العراق أسير ثلّة فاسدة؟".

وعارضت جماعات سياسية سنية وكردية بشدة اختيارات علاوي بعد أن تبينت خسارتها لحقائب وزارية في حكومة يفترض أن أعضاءها مستقلون.

وتنتظر الشخصية التي ستُكَلَّف تشكيل حكومة جديدة، مهمّة شاقّة تتمثّل في التوفيق بين الحكومة والشارع الغاضب بعد أشهر من الاحتجاجات التي خلفت نحو 550 قتيلاً و30 ألف جريح معظمهم من المحتجّين.

ميدانيا، سقط صاروخان ليل الأحد الإثنين في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في بغداد قرب السفارة الأميركية، في الاعتداء العشرين الذي يستهدف المصالح الأميركية في العراق في غضون أربعة أشهر.

ومنذ نهاية أكتوبر أسفرت الهجمات الصاروخية ضد جنود ودبلوماسيين ومنشآت أميركية في العراق عن مقتل متعاقد أميركي وجندي عراقي.

وعلى الرغم من عدم تبني أي منها، تحمّل واشنطن فصائل مسلّحة موالية لإيران مسؤولية هذه الهجمات.

وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران مؤخراً على الأراضي العراقية حيث أقدمت الولايات المتحدة على اغتيال الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني في بغداد، ما استدعى رداً من إيران التي قصفت بصواريخ بالستية قاعدة عسكرية عراقية تستضيف جنوداً أميركيين.