تستحق على لبنان في 9 مارس الجاري، سندات يوروبوند مقومة بالدولار الأمريكي، بقيمة 1.2 مليار دولار، وقرابة 2.7 مليار دولار في أبريل المقبل، في وقت تسجل فيه البلاد أزمة اقتصادية ونقدية ومالية غير مسبوقة منذ الحرب الأهلية 1975.
 
في تقارير وتصريحات منفصلة صدرت الشهر الماضي، تطابق فيها الرأي بضرورة إعادة هيكلة الدين العام المستحق على البلاد بما فيها أدوات الدين وأبرزها السندات.
 
في فبراير/ شباط الماضي، قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إن الوضع المالي في لبنان يشير إلى احتمالية إعادة هيكلة الديون المستحقة على البلاد، يرافقها مفاوضات معقدة مع حملة السندات.
 
فيما قال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، إن إعادة هيكلة الدين العام هو الحل الأمثل لإدارة الأزمة المالية والنقدية في بلاده، داعيا لتعزيز المناخات الإيجابية للإنقاذ.
 
حاليا، تجري مشاورات بين رئيس حكومة لبنان حسان دياب، ووزير ماليته غازي وزني، مع وفد صندوق النقد الدولي، الذي زار بيروت مؤخرا، لإعداد خطة إنقاذ اقتصادية، وسط تكتم حول كيفية إدارة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية.
 
والأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة موافقتها على الاستعانة بشركة "لازادار" مستشار مالي، وشركة "كليري غوتليب" مستشار قانوني، لتقديم خدمات استشارية للحكومة في إطار إدارة الدين العام.
 
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، تفاقمها الاضطرابات السياسية التي تعصف بالبلاد منذ أكتوبر/ تشرين أول الماضي، فيما بلغ إجمالي الدين العام 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، وفق أرقام رسمية.
 
وخلفت حكومة حسان دياب، حكومة سعد الحريري، التي استقالت، في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحت ضغط محتجين يطالبون بحكومة قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي المتأزمين.
 
** التسديد من عدمه
 
في هذا السياق، رأى الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي أن هناك خطرا من وضع اليد من جانب المؤسسات حملة السندات، على موجودات الدولة اللبنانية في حال عدم دفع المستحقات.
 
وقال "يشوعي" للأناضول، إنه وفي حال سددت الحكومة مستحقات الدين، "فهي تسدد على حساب تأمين أساسيات العيش للمواطن اللبناني".
 
"هذه الخطوة سيكون لها تبعات سلبية من خلال زيادة الضرائب على المواطن، وعلى حساب تحرير صرف الدولار، إضافة إلى مقايضة الدين على موجودات الدولة".
 
وبشأن زيارة وفد من الصندوق النقد الدولي، قال: "مهما ادعى الوفد أنه مع الشعب، إلا أن الواقع مغاير لذلك.. لأن وظيفته هي تصحيح الأرقام، كما أن عمله يكون حسب ما يتوافق مع شروط منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي".
 
وقال "النقد الدولي"، الأسبوع الماضي، إن زيارة أجراه وفد إلى لبنان لمناقشة التحديات الاقتصادية وخطط الحكومة لمعالجتها؛ "وخبراء الصندوق على استعداد لتقديم المزيد من المشورة الفنية للحكومة أثناء صياغتها خطة الإصلاح".
 
وتعاني البلاد من أزمة صرف لعملتها المحلية (الليرة)، إذ وصل سعر صرف الدولار بالسوق الموازية، 2400 ليرة، مقابل 1507 ليرات في السوق الرسميّة.
 
وتستحق على لبنان ديون بالنقد الأجنبي، بقيمة ملياري دولار في 12 الشهر المقبل، و700 مليون دولار في 14 من ذات الشهر.
 
** إعادة الهيكلة والجدولة
 
وقال محمد نصر الله، النائب عن كتلة التنمية والتحرير: "تجري الحكومة سلسلة اتصالات للحصول على استشارات سواء مع صندوق النقد الدولي، أو الشركات المالية المتخصصة، من أجل الإقدام على أفضل الخيارات.
 
وأبلغ نصر الله الأناضول، أن بلاده أمام أكثر من خيار، ومن بينها التفاوض مع الدائنين من أجل إعادة الجدولة أو هيكلة الدين العام.. "هذه الخطوة هي الأكثر إنصافا بين الدفع وعدمه".
 
بدوره، رأى النائب فادي كرم أمين سر تكتل الجمهورية القوية، أن بلاده أمام مفترق طرق هام بشأن المديونية خلال العام الجاري، "الإقدام على دفع الديون ستكون له تبعات سلبية محلية، وعدم الدفع يحمل عواقب خارجية وداخلية".
 
واعتبر كرم أن الحلول المطروحة صعبة، "ولبنان في طور فقدانه للثقة الدولية، إضافة إلى أن هناك مخاوف على الودائع في المصارف.. الخيار السليم إعادة الجدولة في الوقت الراهن".
 
وأكد إلياس حنكش النائب عن حزب "الكتائب اللبنانيّة"، أن على بلاده إعادة هيكلة ديونها، مشددا على ضرورة وضع خطة قادرة على إقناع الجهات الخارجية، لتأجيل دفع المستحقات.
 
واعتبر "حنكش" في حديث للأناضول، أن الأولوية في الوقت الراهن، أن تتخذ الحكومة التي كسبت الثقة قرارها في هذا الخصوص، والأهم من ذلك إنقاذ البلاد وترميم ثقتها مع الدول الدائنة.