بعدما كانت العقوبات الجديدة على أشخاص وكيانات تابعة لـ حزب الله أعطت إشارة متقدمة إلى مضي واشنطن في سياسة خنق الحزب، لم تتوانَ الإدارة الأميركية ومن باب تأكيدها في جلسة مجلس الأمن لبحث التطورات بإدلب أن ما يجري في إدلب حملة تستهدف أحد حلفاء واشنطن، عن توجيه أصابع الاتهام وبلسان وزير الخارجية مايك إلى نظام الأسد وروسيا والنظام الإيراني وحزب الله .
 

الوقت الذي يسابق لبنان، وخلال أيّام معدودات يجب على حكومة مواجهة التحديات أن تكون على قدر هذه التسمية أو بالحد الأدنى تجنيب لبنان أولى المواجهات في 9 مارس موعد تسديد سندات اليوروبوند، فيما لاتزال الحكومة في حيرة من أمرها إن كانت ستسدد قيمة السندات أم ستترك لصندوق النقد الدولي القرار في التصرف، فأحلى القرارين سيكون مرا على لبنان.

 


فآخِر ما كان يحتاج إليه لبنان، في ظلّ الأعصاب المشدودة بملاقاة تَمَدُّد فيروس كورونا فبعد حوالى العشرة أيام على تسجيل أول حالة لفيروس كورونا في لبنان والتي أتت على متن طائرة إيرانية، بدأت الحالات تزداد يوماً بعد يوم وإزدادت معها حالة القلق عند اللبنانيين الذين سارعوا لاتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية والتخفيف من إنتشار هذا الفيروس، والأحزمة المربوطة عشية أسبوع بلورة خيارات تعطيل القنبلة الموقوتة المالية الاقتصادية، أن ينكشفَ واقعُه على ملعب النار في إدلب وصراع الفيلة بين اللاعبين الاقليميين والدوليين من خلال انخراط حزب الله العلني في الصِدام التركي  السوري الذي تقف على ضفّتيْه روسيا والولايات المتحدة.

 


في بيروت لم يكن ممكناً قراءة سقوط 9 عناصر من حزب الله في الضرباتٍ التركية على القوات التابعة للنظام السوري وحلفائه في إدلب إلا على أنه مؤشر إلى متاعب جديدة للبنان الرسمي الذي يجهد لإقناع الخارج بـ أهليته، على مستوييْ الإصلاحات الجدية والتموْضع السياسي غير الفاقع في استسلامه لأولويات حزب الله، لتلقّي الدعم الذي لا مفرّ منه لوقف الانهيار المالي.
وبينما اعتقدَ كثيرون أن حزب الله سبق أن بَلَغَ أبعد مدى بانغماسه في معارك الاقليم، بوصفه الذراع الأقوى للمشروع الإيراني، فاجأ الحزب الجميع بـ ظهورِه على جبهةٍ وضعتْه للمرة الأولى على تماس مباشر مع التركي بعد الضربة الجوية التي أسفرت عن مقتل 33 جندياً تركياً في هذه المنطقة .

 

وما يجعل هذا التطور النوعي مصدر قلقاً كبيراً لأوساط واسعة الإطلاع أنه يأتي في لحظةٍ سياسية لبنانية بات الواقع الداخلي معها بكامله، بعد تشكيل حكومة اللون الواحد التي يشكّل حزب الله قوة الدفْع الرئيسية لها تحت إمرة الحزب الذي كان تَرَك لها هامش حركةٍ لتَلَمُّس طريق الإنقاذ المالي استظلّ شعار النأي بالنفس الذي ورد في البيان الوزاري مستنسخاً عن الحكومة السابقة، قبل أن تسقطه مواجهة إدلب ومعه ربما آخِر الفرص الدولية الممنوحةِ لتشكيلةٍ وُضعتْ منذ ولادتها تحت الرقابة الصارمة.

 

وحذّرت هذه الأوساط من أن تَوَرُّط حزب الله هذه المرة في الحرب السورية ينذر بأن يستجلب رياحاً عاتية على الواقع اللبناني وتوريط الداخل بأكلاف لا قدرة له على تَحَمُّلها في ظلّ الحاجة الماسة لمظلّة عربية دولية تقيه الشرّ المستطير الذي تشي به كرة السقوط المالي المتدحرجة، معربة عن خشية بالغة من تداعيات ذلك على الآمال في جذْب مساعدة خارجية يبقى مفتاح الجانب الأكثر تأثيراً فيها في يد الولايات المتحدة.

 

ولاحظت أنه، وبعدما كانت العقوبات الجديدة على أشخاص وكيانات تابعة لـ حزب الله أعطت إشارة متقدمة إلى مضي واشنطن في سياسة خنق الحزب، لم تتوانَ الإدارة الأميركية ومن باب تأكيدها في جلسة مجلس الأمن لبحث التطورات بإدلب أن ما يجري في إدلب حملة تستهدف أحد حلفاء واشنطن، عن توجيه أصابع الاتهام وبلسان وزير الخارجية مايك إلى نظام الأسد وروسيا والنظام الإيراني وحزب الله بأنهم يحولون دون استتباب وقف إطلاق النار في شمال سورية معتبراً ان الهجوم الذي قاده النظام السوري وحزب الله المدعوم من إيران وروسيا في إدلب تسبب في كارثة إنسانية.


وفي موازاة دخول الصراع في سورية مرحلة جديدةً ورصد إرتدادات اندفاعة حزب الله على جبهة إدلب وأبعادها الاقليمية الدولية المعقّدة، كان لبنان يرتعب مع تدشين كورونا مرحلته الثانية على أرضه في انطلاقة الاسبوع الثاني بعد اكتشاف أول إصابة ، وسط تَزايُد المَخاوف من أن يفلت هذا الملف من يد السلطات التي بدتْ حتى الساعة وكأنها متأخرة خطوة في مسار الوقاية.


ولم يكد قرار وقف الرحلات من الدول التي تشهد تفشياً للفيروس الى لبنان الصين، كوريا الجنوبية، إيران، وإيطاليا وعند الإقتضاء دول أخرى على أن يُستثنى فقط المواطنون اللبنانيون والاشخاص الأجانب المقيمون في لبنان وإعلان إقفال المدارس والجامعات ودور الحضانة حتى 8 الجاري أن يدخلا حيّز التنفيذ حتى بدا أن كورونا سبقتهما مع إعلان وزارة الصحة عصر أمس عن ارتفاع عدد الإصابات من 4 إلى عشرة.