ها نحن أمام يوبيلٍ ذهبي لدولة الكبير فهل وبعد اعوام مئة نرى دولةً مدنية على اساس المواطنة؟ ومتى سيصبح لبنان دولة مؤسسات وعدالةٍ اجتماعية؟
 

"يعيد التاريخ نفسه لأن الحمقى لم يفهموه جيداً"
تلك كانت المقولة الاشهر لرئيس الوزراء البريطاني "ونستن تشرشل" بعد انتصار بلاده في الحرب العالمية الثانية ، طبعاً كان  يقصد تشرشل انذاك التاريخ السياسي للدول الذي له الاثر الاكبر في بناء اي دولةٍ حديثة .

مرّ تاريخ لبنان السياسي بالعديد من المراحل الفاصلة وظهرت اولى بوادر نشأته في ظل الانتداب الفرنسي عام ١٩٢٠ وسميت بقيامة دولة"لبنان الكبير" وكان هذا الاستقلال الممنوح من فرنسا منقوص السيادة لذا اختلفت  الآراء والتوجهات السياسية تجاهه فظهرت تياراتٌ اربع لكل منها طرحه وكانت تلك الفترة محكومة بأمرين "الاتصال أو الانفصال".
منهم من كان يؤيد الاستقلال بشرط ضرورة الارتباط العربي، فهذا الارتباط برأيهم يؤكد هوية لبنان كونه جزءاً لا يتجرأ من الامة العربية جمعاء ، تيارٌ آخر يريد الاتصال بسوريا الطبيعية معتبراً ان لبنان متداخل جغرافياً واجتماعياً معها ويجب ان يكون مستقلاً تحت غطاء سوري، وتيارٌ ثالث كان يرفض الاستقلال من اساسه فكان مقتنعاً  بسيادةٍ لبنانية تحت ظلال الجمهورية الفرنسية او بابسط تعبير كان هذا التيار يطالب بالانفصال عن العرب كلياً وجعل لبنان مقاطعةٍ فرنسية ، أمّا التيار الرابع الذي كان يمثل طموحات كُثرٍ من اللبنانين لطالما جاهر بانتماءه اللبناني هويةً وروحاً وتاريخاً فأراد وطنه دولةً مستقلةً ذات سيادة تامة لديها افضل العلاقات مع الجوار.
تعاقبت الاحداث وتوالت لقرنٍ من الزمن حصل فيه ما حصل، من حروبٍ داخلية واعتداءات خارجية على لبنان واثبت تاريخ لبنان السياسي ان هذا البلد محكومٌ بالتوافق وان لا غلبة لفريق على آخر مهما علا شأنه وعظمت قوته وان العيش المشترك هو الصيغة النهائية لاستقلال لبنان ووحدة اراضيه كما اثبت المجتمع اللبناني بتماسكه رغم الهزات السياسية انه يستحق دولةً تحترمه وتقدر افراده .
الآن وبعد مئوية الدولة تقلصت التيارات الاربعة الى تيارين اساسيين واحدٌ يمثل سلطة سياسية حولت هذا البلد الى دولةٍ مهترئة ممزقة غارقة بوحل الفساد  من خلال ارتباط كل مكوناتها بالخارج من شرقه الى غربه، وتيارٌ آخر يمثل الارادة الشعبية الصلبة المفاخرة بانتمائها الوطني اللبناني والمطالبة ببناء دولةٍ  لا ترتبط بغير الارض كهوية .

ها نحن أمام يوبيلٍ ذهبي لدولة الكبير فهل وبعد اعوام مئة نرى دولةً مدنية على اساس المواطنة؟
ومتى سيصبح لبنان دولة مؤسسات وعدالةٍ اجتماعية؟