تماما كما كان قرار فرض رسم على خدمة "الواتساب" في تشرين الاول الماضي، الشرارة التي ألهبت فتيل الثورة الشعبية في لبنان، هكذا ستكون الخطة الاقتصادية التي ستعلنها حكومة حسان دياب الاسبوع المقبل على الارجح. فما ستتضمنه من قرارات وإجراءات، يتوقّع ان تعيد إشعال نار الانتفاضة التي هدأت على الارض، منذ نيل الحكومة الثقة النيابية بشقّ النفس.
 
 
 تقول أوساط الثوار لـ"المركزية"، أن اتصالات مكثفة تدور بعيدا من الاضواء، بين الثوار، تشمل المناطق اللبنانية كافة، استعدادًا للمرحلة المقبلة التي ستشهد عودة قوية الى الشارع في حال حملت الورقة المنتظرة ما لا قدرة للناس على تحمّله... ووفق الأوساط عينها، كل المعطيات تدل على ان الخريطة التي سترسمها الحكومة وتقدّمها الى اللبنانيين والعالم وتحديدا صندوق النقد الدولي- علّه يساعدها في تحديد القرار الانسب في شأن سندات اليوروبوند- كل ما يتردد يوحي بأن هذه الخريطة لن تلحظ إلا اجراءات تمسّ جيوب المواطنين التي باتت اصلا فارغة، وقد فقدوا بفعل سوقي الدولار وارتفاع الاسعار، نصف قدراتهم الشرائية، هذا ان لم يفقدوا مداخيلهم كلّها، بعد ان أقفلت مؤسسات تجارية وصناعية وسياحية، بالجملة، أبوابها.
 
 
 
لن يرضى الناس بأي تدبير "موجع"، تقول الاوساط، فهم موجوعون بما فيه كفاية، ماليا ومعيشيا وصحيا. وأي ضريبة اضافية او اجراء يمسّ أموالهم بالمباشر او مواربة، لن يمرّ. فطرق خفض العجز وتأمين المداخيل بات يعرفها القاصي والداني، على حد تعبيرها. فليذهبوا الى الكهرباء والتهريب والاتصالات والتوظيفات الانتخابية (...)
 
 
 
لكن لا ييدو ان الحكومة في هذا الوارد، تتابع الاوساط.
 
 
 
فحتى الساعة، لا اتفاق بين مكونات مجلس وزراء "اللون الواحد"، على خطة انقاذ قطاع الكهرباء، بل خلافات عمودية، بين من يصر على الذهاب قدما في خيار "البواخر" الذي يطرحه التيار الوطني الحر، وبين من يدعو الى التخلي عنها واعتماد خيار بناء المعامل على البر بالتعاون مع شركات أجنبية أبدت استعدادها لمساعدة بيروت في هذه المسألة "المصيرية" بالنسبة الى خزينتها وماليتها.
 
 
 
أما ضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية، فأي قرار حتى الساعة لم يتخذ في شأنه، تماما كما ادخال 5000 موظف الى القطاع العام قبيل الانتخابات النيابية الاخيرة، خلافا للقانون. ويضاف هذا الانكفاء الخطير عن اتخاذ قرارات اصلاحية كبيرة، أداء غير مطمئن يدل الى ان ذهنية المحاصصة السياسية وتقاسم المغانم لم تتغير، ولا تزال تسيطر على حكومة "الاختصاصيين المستقلين"، بدليل دخول "عرّابي" الحكومة كلّهم على خط التشكيلات القضائية (ما يؤثر على استقلالية القضاة وقدرتهم على ملاحقة الفساد ومحاسبة الفاسدين) والتعيينات الادارية (وأبرز المراكز المعنية بها نواب حاكم مصرف لبنان).
 
 
 
السلوك الرسمي هذا، وكأن لا ثورة قامت في لبنان، اذا ما أخطأت السلطة السياسية وأضافت اليه تدابير تطال "جيبة" المواطن، فإنها ستكون بذلك تجني على نفسها، تحذر الاوساط. فبذلك، ستصب زيتا على نار الثورة المتقد تحت الرماد، وستشتعل من جديد. وهذه المرة، المطالب ستكون اسقاط الحكومة والذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة سريعا (لا وفق قانون جديد كما تقول بعض القوى السياسية لتمييع الموضوع)، وربما انتخابات رئاسية مبكرة ايضا...