حظيت أعمال دراميّة لبنانيّة عديدة، خلال السنتين الماضيتين، بمكانة مهمة على الساحة العربيّة، بعد سيطرة كل من الدراما السوريّة والمصرية لسنوات، ما يُنبئ بتغيّرات محتملة على الشاشات العربيّة، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك، أبرز موسم درامي في العام.
 
مع صعود نجمها بين عامي 2009 و2013، حجزت الدراما السوريّة لنفسها مكانًا مميزًا في الساحة العربية، وبات المشاهدون والنقاد ينتظرونها بشغف، ثم خيم عليها شبح الحرب في سوريا، وتراجعت شيئا فشيئا.
 
** ضعف الإنتاج
 
حول إمكانية أن تحل الدراما اللبنانيّة مكان السوريّة، قالت الكاتبة اللبنانية، نادين جابر، للأناضول: "لا يُمكن أن نقول إن الأعمال اللبنانيّة سبقت السوريّة بسبب الحرب الدائرة".
 
وأضافت أن "لبنان يمرّ بظروف اقتصاديّة دقيقة، إذن من الطبيعي أن تتأثّر الأعمال اللبنانيّة؛ بسبب شُحّ الإنتاج والإعلانات على الشاشات المحليّة".
 
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية هي الأسوأ حتى مقارنة بفترة الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.
 
وتابعت نادين: "الدراما اللبنانيّة لم تأخذ حرفيًا مكانة الدراما السوريّة، خصوصًا مع اختلاط الأعمال السوريّة واللبنانيّة في عمل واحد خلال الآونة الأخيرة".
 
ورأت أن "الأعمال المُشتركة عرّفت العالم العربي على الممثلين اللبنانيّين وعلى الدراما اللبنانيّة، وأفادتها كثيرًا".
 
واستطردت: "عُرضت في الفترة الأخيرة أعمال دراميّة لبنانيّة تضمنت خليطًا، سواء في الإخراج أو التمثيل أو الكتابة، مما دفع الفضائيات العربية إلى الإسراع لشرائها وبثها كعرض أوّل".
 
وبشأن مدى قدرة القائمين على الدراما اللبنانية على تحويلها إلى صناعة كاملة، أجابت نادين بأن "الدراما اللبنانيّة لا تنقصها الموهبة نهائيًا، فما ينقصها في هذه الأوقات هو الإنتاج".
 
وأوضحت أن "الإنتاج يحتاج لرأس مال وإمكانيات تقنيّة، ولن يضخ المُنتِج سيولة، إذا لم تكن لديه ثقة بأن العمل سيعود عليه بالأرباح، خاصة مع تراجع في سوق الإعلانات أيضًا".
 
** غياب الهوية
 
نقيب الممثلين اللبنانيين، الممثل جان قسيس، قال للأناضول إن "الدراما اللبنانيّة في الوقت الراهن أسيرة ضعف الإنتاج المحلي".
 
ورأى قسيس، قدّم أعمالًا درامية مهمة على مدى 30 عاماً، أن "الدراما اللبنانيّة لم تستطع حتى الساعة أن تتخطى الخصوصيّة (اللبنانية)؛ لأن هويتها لم تتبلور بعد.. وهي ضائعة".
 
وعاتب شركات الإنتاج بقولها: "تخلّوا عن الجشع.. العديد من الممثلين اللبنانيّين، الذين قدموا أعمالًا منذ سنوات طويلة، لم يحصلوا بعد على مستحقاتهم".
 
وحمّل قسيس مسؤولية تراجع أداء الممثل واندماجه بالأعمال الدراميّة إلى شركات الإنتاج؛ لأنها "لا تدفع للممثل بدل أتعابه".
 
وفيما يتعلّق بالأعمال السوريّة، رأى أن هناك تراجعا في الأعمال التي عُرضت، فالدراما "لا تستطيع أن تحافظ خلال مسيرتها على خط واحد فقط".
 
وتابع: "في جميع الأعمال هناك مراحل صعود ومراحل تراجع، وهذا طبيعي جدًّا.. ومرحلة صعود الدراما السوريّة انحسرت؛ لأن المنحى التجاري بات الغالب على الفني".
 
وعن التحضيرات للمنافسة في شهر رمضان، أوضح أنه "بسبب ظروف الإنتاج باتت المنافسة محصورة بين 3 أو 4 أعمال كحدّ أقصى. هناك شركات إنتاج عدّة لن يكون لها أي عمل هذه السنة".
 
وحذر قسيس من أنه إذا بقي الإنتاج على حاله، فلن تتطور الدراما اللبنانية.
 
ورجّح أن تُعرض مسلسلات تركيّة على الشاشات اللبنانيّة في رمضان؛ لأنها تحظى بمتابعة لا بأس بها.
 
** الدراما التركية
 
رأت الصحفيّة اللبنانية والناقدة الفنيّة، زكية الديراني، في حديث للأناضول، أن الدراما اللبنانيّة انتشرت بشكل واسع، ولاسيّما على شاشتي MBC و OSN.
 
وبشأن حدوث تغييرات على خارطة الدراما، أجابت بأن الأمر "طبيعي، خصوصًا مع دخول تطبيق (شاهد) الذي يوسّع عروض الدراما اللبنانية، فهذا التطبيق غيّر مواقيت العرض، ولم تعد الأعمال فقط قبل أو بعد رمضان".
 
وأضافت أن "المسلسلات التركيّة أتت (إلى الشاشات اللبنانية) في ظلّ ظروف تراجع سوق الإنتاج اللبناني".
 
وتابعت: "الدراما التركيّة لها انتشار واسع في العالم العربي؛ لأنها تتناول قصص حب وتشويق، ونصوصها محبوكة بأسلوب مميّز، إضافة إلى التصوير الباهر".
 
وختمت بأن المنافسة على الشاشات المحلية، في ظلّ الظروف التي يمرّ بها لبنان، ستكون على الأعمال الدراميّة التركيّة، مشيرة إلى عرض مسلسل "شمس الشتاء" على قناة "الجديد"، و"امرأة" على تلفزيون MTV.