لا شكّ في أنّ الهدف الأساس من الصوم هو توطيد علاقة الإنسان مع الخالق عن طريق الصلاة والقيام بالأعمال الصالحة. لكن في المقابل، من الضروري جداً عدم إهمال الشقّ الغذائي خلال هذه الفترة المباركة، منعاً لحدوث أي خلل قد يكون جدّياً. فما أبرز الأمور التي يجب الانتباه لها:
 

شجّعت إختصاصية التغذية، جوزيان الغزال، قرّاء «الجمهورية» على «الصوم إذا كانت صحّتهم تسمح لهم بذلك، بما أنه يملك فوائد صحّية عديدة. فقد أظهرت الأبحاث العلمية أنّ الأشخاص الذين يصومون يحمون أنفسهم من مشكلات كثيرة مستقبلاً، بما فيها أمراض القلب والشرايين، والضغط، والربو، والسرطان، والسكّري. بالإضافة إلى إطالة الشباب وتحسين أداء الجهاز الهضمي».

 

توصيات جوهرية

ودعت إلى «وضع استراتيجية غذائية عند انتهاء الصوم الساعة 12 ظهراً، حيث يجب أولاً احتساء كوبين من المياه، يليهما مشروب ساخن (كالزهورات) لتليين المعدة. كذلك من المهمّ تقسيم الوجبات الغذائية إلى أجزاء عدة صغيرة، فيتمّ اعتبار وجبة الظهيرة بمثابة الفطور، وبعدها يمكن تناول الغداء، والسناك، والعشاء. والتنويع في الأطباق أمر أساسي، وكذلك الحرص على تناول الحساء لاستمداد السوائل المفقودة، والشعور ببعض الشبع تفادياً لتناول أطعمة غير صحّية ومليئة بالدهون.

 

ويُنصح أيضاً باختيار المأكولات التي تحتوي على النشويات الكاملة مثل القمح الكامل، أو الشوفان، أو النخالة، لغناها بالفيتامينات والمعادن والألياف التي تضمن الشبع. فضلاً عن ضرورة الابتعاد عن القهوة والمشروبات الغازية لاحتوائها على مادة الكافيين التي تملك خصائص مُدرّة للبول، فتطرد السوائل من الجسم وتُعرّضه للجفاف. الأفضل إذاً استبدالها بـ1 إلى 1,5 ليتر من المياه يومياً».

 

بدائل اللحوم والحليب

وتطرّقت الغزال إلى الشقّ المرتبط بالامتناع طوال هذه الفترة عن تناول أصناف معيّنة من المأكولات، فأوضحت أولاً، أنّ «الصوم عن تناول اللحوم يعني خسارة مصدر مهمّ جداً للحديد والبروتينات. لكنّ الخبر الجيّد أنّه يمكن تعويض الحديد من خلال العدس، والفاصولياء، والحمّص، والخضار الخضراء كالسبانخ والملوخية والبامية، وثمار البحر، والتونة، جنباً إلى بعض الأصناف المدوّن على أغلفتها «مدعّمة بالحديد» مثل رقائق الذرة.

 

وعند تناول الحبوب يُستحسن إضافة إليها عصير الحامض لتسهيل امتصاصه. وفي حال عدم تناول المصادر الأخرى للحديد، فذلك سيعزّز من احتمال الإصابة بفقر الدم، والتعب، والخمول. أمّا بالنسبة إلى البروتينات، فيمكن تعويضها من خلال الحبوب كالكينوا، وثمار البحر، ومشتقات الحليب والبيض. ولتسهيل امتصاصها، يُنصح بمزجها مع بعضها، مثل تناول الفاصولياء مع الأرزّ أو المجدّرة التي تحتوي على العدس والأرزّ، لبلوغ التكامل الغذائي وتأمين كل الأحماض الأمينية الأساسية».

 

أمّا ثانياً، فتحدثت عن «التوقف عن استهلاك الحليب ومشتقاته كاللبن والجبنة، ما يزيد من احتمال معاناة نقص في معدن الكالسيوم، وبالتالي ارتفاع خطر الإصابة بترقق العظام في حال عدم التركيز على البدائل الأخرى الصحّية. ولحسن الحظ فإنّ الكالسيوم متوافر في مأكولات كثيرة مثل السبانخ، والملفوف، والبقدونس، والخضار الخضراء، والطحالب، والبروكلي، والهليون، والسمسم، واللوز، والسردين، والصويا».

 

لاستشارة الطبيب أولاً!

وختاماً، أشارت الغزال، «أنّ بعض الأشخاص لا يستطيعون الصوم أو عليهم استشارة الطبيب أولاً للتأكّد من أنّ صحّتهم تسمح لهم بالامتناع عن الأكل لساعات، وتحديداً الحوامل اللواتي عليهنّ توفير معدلات جيّدة من العناصر الغذائية، ومرضى السكري لاختلاف الإنسولين واحتمال هبوط السكر في الدم، والذين خضعوا لعمليات جراحية، بما أنّهم يحتاجون إلى تناول بروتينات حيوانية، أو الذين أجروا عمليات تصغير المعدة، حيث هم مضطرون الى تناول وجبات صغيرة كل 2 إلى 3 ساعات. وعند سماح الطبيب بالصوم، لا بدّ من استشارة خبراء التغذية لتنظيم الغذاء بشكل متوازن، ما يمنع حدوث أي نقص أو خلل».