التعديلات الدستورية الأخيرة، يترك بوتين على أثرها الكرملين ليصبح رئيساً للحكومة بصلاحيات تعادل صلاحيات رأس الدولة، أو على الأقل بصلاحيات تسمح له بعرقلة أي إتفاقيات دولية أو قوانين داخلية لا تخدم مصالحه.
 

 في خطوة يجمع المحلّلون و المتابعون للشأن الروسي على أسبابها و نتائجها، سوف يتم تعديل المادة  في الدستور الروسي المتعلقة بتسمية رئيس الحكومة في روسيا و المصادقة على تسميته، حيث أن تسمية رئيس الحكومة و المصادقة على حكومته حاليا تقع بيَد رئيس الجمهورية، و هو وحده يقرر من سيكون رئيس الوزراء و من هم وزراءه.


أما بعد التغيير المقترح ستصبح عملية المصادقة على التسمية والتوزير، أو نيل الحكومة الثقة، ستصبح بيد مجلس الدوما، أي مجلس النواب، الذي تتشكل أغلبيته الساحقة من حزب [روسيا الموحدة] الذي يدين بالولاء المطلق لبوتين.


 الأمر الذي سيحُّد بشكل كبير من صلاحيات أي رئيس جمهورية مقبل، إذ أن كافة التعيينات الأمنية و الإدارية في المستقبل ستكون خاضعة لفيتو مجلس الدوما و مجلس الوزراء.


بمعنى أخر، سيُطَبَّق إتفاق طائف بنسخة روسية، يضمن إضعاف موقع رئيس الجمهورية لصالح رئيس مجلس الوزراء.لكن لماذا؟ الجواب بسيط. الولاية الحالية للرئيس بوتين بحسب الدستور الروسي هي الولاية الأخيرة له حيث تنتهي في العام ٢٠٢٤، مما يعني أن الصلاحيات المتناهية للرئيس التي كان بوتين بحاجة إليها لتقوية حكمه والتخلص من معارضيه يمكن أن تستخدم ضده من قبل الرئيس المقبل، وهذا أمر لن يسمح بوتين بحصوله.


من هنا إقتراح تعديل الدستور لإضعاف موقع الرئاسة الأولى لصالح الرئاسة الثانية.


في هذا الإطار يأتي إعلان رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف ببيان متلفز على التلفزيون الحكومي الروسي، بينما كان [بوتين] جالساً إلى جانبه، أنه والحكومة الروسية بأكملها سوف يستقيل. 


وقال ميدفيديف في بيان إستقالته الذي فاجأ حتى وزراء حكومته: "لقد اقترح فلاديمير فلاديميروفيتش [بوتين] عددًا من التغييرات الأساسية للدستور. تغييرات مهمة ليس فقط على عدد من مواد الدستور ، ولكن أيضًا على توازن القوى ككل". "في هذا السياق ، من الواضح أننا ، كحكومة ينبغي أن نوفر لرئيس بلدنا الفرصة لاتخاذ جميع القرارات اللازمة لذلك. وفي هذه الظروف ، أعتقد أنه سيكون من المناسب ، سندا للمادة 117 من الدستور ، أن تستقيل الحكومة."


من جهته، شكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحكومة على عملها عقب الإعلان عن استقالة رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف وبقية الحكومة. وقال بوتين "أريد أن أعرب عن ارتياحي للنتائج التي تحققت. بالطبع لم ينجح كل شيء ولكن نادرا ما تتحقق كافة المخططات بشكل كامل." كما طلب بوتين من أعضاء الحكومة تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة. من المتوقع أن يتولى ميدفيديف الدور الذي تم إنشاؤه حديثًا لنائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أي بوتين نفسه. وقال بوتين "لقد تعامل [ميدفيديف] دائمًا مع هذه القضايا ... أعتبر ذلك ممكنًا وطلب منه أن يفعل ذلك في المستقبل". "سوف أعرض عليه منصب نائب رئيس مجلس الأمن."


السيناريو الأبرز الآن هو التالي: أولاً: تشكيل حكومة تصريف أعمال عمرها لا يتعدى التسعة أشهر، يترأسها على الأرجح [ميخائيل ميشوستين] رئيس إدارة الضرائب الفيديريالية  الروسيةالحالي.

ثانياً: إقرار التعديلات الدستورية المقترحة في شهر أيلول من العام الحالي و إجراء إنتخابات نيابية مبكرة تعزِّز سيطرة بوتين على مجلس الدوما، مما يعني أن أيلول من العام المقبل سوف يشهد إنتخابات رئاسية مبكرة على أساس التعديلات الدستورية الأخيرة، يترك بوتين على أثرها الكرملين ليصبح رئيساً للحكومة بصلاحيات تعادل صلاحيات رأس الدولة، أو على الأقل بصلاحيات تسمح له بعرقلة أي إتفاقيات دولية أو قوانين داخلية لا تخدم مصالحه.

 

 

وديع الحايك