من هول الصدمات والمصائب التي تتساقط على رؤوس المواطنين، بتنا هذه الأيام لا نستهول ونستفظع الوضع الذي وصلنا إليه هذه الأيام.
 

التيار الوطني الحر الذي أنشأهُ ورعاه فخامة الرئيس عون، وما زال وليّ أمره والأب الروحي له، كان في طليعة من استهدفتهم انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول الفائت، وطالبت بتنحية رموزه من مقاليد الحكم، ولم تستثنِ رئيس الجمهورية ولا رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، وطالبت باستبعادهم ومحاسبة من تتوجّب محاسبته، إلاّ أنّ المنعرجات السياسية وصدامات الشوارع، وأزمة استقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وترؤس الدكتور حسان دياب الحكومة الجديدة،و التي جاءت وفق رغبات الثنائية الشيعية المتحالفة مع التيار الوطني الحر، سمحت لهذا التيار التقاط أنفاسه، ومواصلة مسيرته السلطوية التي تجاوزت العشر سنوات، حيث أمعن التيار الوطني الحر في استغلال السلطة وصرف النفوذ وتكديس الثروات، والانخراط بشكل أو بآخر في عمليات فسادٍ عدّة في الوزارات والمؤسسات الرسمية التي وقعت بين أيدي وزرائه ومسؤوليه طوال السنوات العشر الماضية، فضلاً عن القيام بتوظيفات عشوائية، ومنع التوظيف القانوني والدستوري عبر مجلس الخدمة المدنية، بالإضافة إلى تسعير المناخ الطائفي والعنصري في البلد، وبدلاّ من الاعتكاف والإنحناء بما يكفي أمام هول المصاب الوطني في النّقد والاقتصاد والبيئة واهتراء مؤسسات الدولة المتهالكة، إذ بهم يُفاخرون بتنظيم مظاهرات احتجاجية أمام مصرف لبنان المركزي، استهدافاً في المقام الأول للحاكم  السيد رياض سلامة، يحاولون تعمية الأبصار ومحاولة حصر الأزمة بمُوظّف، سبقَ للرئيس ميشال عون أن طلب تمديد ولايته منذ أكثر من عامين، ببندٍ اقترحه (عون) من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء.

 


من هول الصدمات والمصائب التي تتساقط على رؤوس المواطنين، بتنا هذه الأيام لا نستهول ونستفظع الوضع الذي وصلنا إليه هذه الأيام، رئيس الجمهورية يتظاهر ضد موظف سبق له أن مدّد ولايته، وكان وما يزال(بحمد الله تعالى وعونه) يتمتّع بكامل قواه العقلية، ولو أردنا أن نُنصف قليلاً الحاكم رياض سلامة، لقُلنا أنّ مكامن الخلل والفساد في البلاد مُتفشّية ومُستشرية بما لا يُقاس بأوضاع المصرف المركزي، لا بل يمكن الجزم بأنّ مصرف لبنان المركزي هو أكثرها سلامةً وعافية، إلاّ أنّ حُكّامنا على ما يبدو مُصابون بداء العُرّ، والعُرُّ داءٌ يُصيب الإبل في مشافرها وقوائمها، وتزعم العرب أنّهم إذا كوَوا الصحيح منها برئَ السّقيم، قال الشاعر:
وحمّلتَني ذنب امرئٍ وتركتَهُ

 


كذي العُرِّ يُكوى غيرُه وهو راتعُ.