تشير جهات مصرفية الى أن "الهندسات المالية" ليست ابتكارًا لبنانيًا انما سياسة دولية اعتمدت منذ العام 1970، تطورت تباعا بما يتناسب مع حاجات الأسواق لضمان الاستقرار النقدي خصوصا في زمن الأزمات المالية والاقتصادية التي شهدتها معظم دول العالم في فترات متفرقة.
 
 
يتعرض مصرف لبنان منذ بدأ بتطبيق سياسة "الهندسات المالية" لانتقادات وهجمات ارتفعت وتيرتها مع انفجار الأزمة الحالية التي تعاني منها خزينة الدولة اللبنانية والتي دفعت بالمصارف التجارية العاملة في لبنان الى اتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات الخاصة بالحد من سحوبات المودعين.
 
 
 
وتلفت جهات مصرفية متخصصة عبر "المركزية" الى أن تصوير الهندسات المالية وكأنها "ابتكار" أقدم عليه مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة تحديدا هو خطأ متعمد، يندرج من ضمن سياسات تشويه الحقائق وتزويرها في إطار الحملة السياسية والإعلامية الهادفة الى النيل من الحاكم شخصيا ومن السياسة التي اعتمدها مصرف لبنان للحفاظ على هوية لبنان الإقتصادية.
 
 
 
وتشير الجهات المذكورة الى أن "الهندسات المالية" ليست ابتكارا لبنانيا انما سياسة دولية اعتمدت منذ العام 1970، تطورت تباعا بما يتناسب مع حاجات الأسواق لضمان الاستقرار النقدي خصوصا في زمن الأزمات المالية والاقتصادية التي شهدتها معظم دول العالم في فترات متفرقة. وينيط قانون النقد والتسليف في لبنان بالمجلس المركزي لمصرف لبنان صلاحية وضع الهندسات المالية وتنفيذها، ويلزم حاكم مصرف لبنان بتنفيذ قرارات المجلس المركزي.
 
 
 
من هنا، فإن رمي كرة المسؤولية عن الهندسات المالية في ملعب الحاكم سلامة هو محاولة فاشلة لتنصل السياسيين من مسؤولياتهم في تأمين الاستقرار السياسي والأمني الذي يشكل البيئة المطلوبة لدورة اقتصادية صحيحة وسليمة ومعافاة. فالمجلس المركزي الذي تتمثل فيه القوى السياسية الأساسية كافة هو الذي قرر بالإجماع هذه السياسات التي لا يسمح قانون النقد والتسليف للحاكم بالتنصل من تنفيذها.
 
 
 
وبالعودة الى الوقائع، فإن المجلس المركزي لمصرف لبنان أصدر بالإجماع عام 2016 أربعة قرارات نشر مضمونها على شكل تعاميم وسيطة في الجريدة الرسمية وعلى الموقع الإلكتروني الخاص بمصرف لبنان مما يسقط الإدعاءات بأن الهندسات جاءت على شكل "تهريبات" في الغرف المغلقة.
 
 
 
وتضمنت هذه التعاميم الخطوط العريضة للهندسات المالية والشروط الواجب توافرها في كل المصارف التي ترغب في الاستفادة منها.
 
 
 
وتشدد الجهات المصرفية المطلعة على أن تطبيق هذه القرارات على المصارف جاء وفقا لمعايير موحدة تم تعميمها على المصارف، علما أن من الطبيعي أن تختلف النتائج الإفرادية تبعا لحجم موجودات كل من المصارف المستفيدة ورغبتها بالتجاوب مع المتطلبات والشروط المحددة للاستفادة من هذه الهندسات المالية.
 
 
 
 
 
وتكشف الجهات المذكورة عن أن الهندسات المالية لم تشمل فقط المصارف إنما وزارة المال كذلك، اي الحكومة اللبنانية. وتشدد على أن مصرف لبنان لم يستخدم في تمويل هذه الهندسات أيا من الأموال العامة، وبالتالي فهو لم يحمّل الدولة اللبنانية أي عبء. لكن على العكس، فالدولة استفادت منها، كما القطاع الخاص، والاقتصاد اللبناني عموما، في مجالات عدة.
 
 
 
وتشرح الجهات المصرفية المطلعة النتائج التي حققتها الهندسات المالية وفقا للآتي:
 
 
 
تعزيز موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية.
 
تمتين رأسمال المصارف من خلال إلزامها بتخصيص قسم من عائداتها من هذه الهندسات لرأسمالها تلبية للمعايير الدولية الملزمة للمصارف لتتماشى مع هذه المعايير.
 
زيادة السيولة بالليرة اللبنانية لتأمين تمويل القطاعين العام والخاص.
 
تحسين وضعية الدين الحكومي من خلال تخفيض كلفة الدين.
 
تحسين وضعية ميزان المدفوعات.
 
وتخلص المصادر المصرفية الى أن تقييم الهندسات المالية التي أقدم عليها مصرف لبنان يجب أن يستند الى معايير موضوعية وعلمية من خلال تحليل الكلفة والمنفعة، لا من خلال حملات منظمة عن سابق تصور وتصميم لأهداف سياسية مشبوهة.
 
 
 
وتعتبر أن بنظرة سريعة الى نتائج هذه الهندسات المالية يظهر بوضوح أنها أفضت إلى نتائج مربحة للجميع من دون أن تكلف المصرف المركزي او الحكومة اللبنانية أو الأطراف المعنية الأخرى أي عبء.
 
 
 
وتذكر المصادر خصوصا بأن الخزينة اللبنانية حصلت من المصارف مبلغ ثمانمئة مليون دولار كضريبة عن الأرباح التي حققتها المصارف من خلال الهندسات المالية. وقد استخدمت الدولة هذه الأموال في سد قسم من عجز موازنتها لتغطية تمويل قسم من سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت قبل نحو سنتين.
 
 
 
وتوضح بأن السندات التي تم حسمها كانت صادرة من قبل عن الدولة اللبنانية ومملوكة من المصارف اللبنانية، ولم يتم اصدارها خصيصاً بهدف إجراء الهندسات المالية. بل العكس، فقد نتج عنها تعزيز ميزانية مصرف لبنان والوضع الائتماني للدولة اللبنانية وملاءة المصارف على حد سواء.
 
 
 
وردا على اتهام مصرف لبنان بالتواطؤ مع بعض المصارف التي قدمت إغراءات للمودعين بعائدات مرتفعة وغير مسبوقة في مقابل إيداعاتهم، تختم المصادر المصرفية بالإشارة الى أن مصرف لبنان لا يملك بموجب قانون النقد والتسليف صلاحية التدخل في العمليات التي تتم بين المصارف وعملائها والإجراءات التجارية والربحية للمصارف ومدى عدالة توزيعها. كما أن مصرف لبنان لا يملك صلاحية التدخل في تحديد كيفية جذب هذه المصارف للودائع بالدولار لتوظيفها في الهندسات المالية والاستفادة من ارباحها.