لم يُحدث نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي اي صدمة ايجابية وفق ما أمل البعض، لا في الشارع اللبناني الذي رفض الثقة وتصدى لها، ولا حتى في سوق الصرف.
 
 
تطبق حكومة الرئيس حسان دياب غدا اسبوعها الاول بعد الثقة البرلمانية، من دون ان تتمكن من التقاط انفاسها. التحديات جسيمة وتراكمات الازمات على مدى العقود الثلاثة الاخيرة كثيرة "والفعلة قليلون"، فيما خطط الانقاذ غائبة. إما لان المساحة الزمنية المتاحة لرسمها وتنفيذها غير كافية، ما دام السباق محموما بين الانقاذ والانهيار، اولعدم توافر القدرات الكفيلة بإعداد خطط على هذا القدر من الاهمية، داخل حكومة "مواجهة التحديات"، علما ان الكفاءات المتوافرة بين اللبنانيين كثيرة، والاكيد ان من بينهم من هم قادرون على المواجهة، والامثلة اكثر من ان تُعد حيث سجل شباب لبنانيون منتشرون في اصقاع العالم انجازات باهرة من خلال خطط انقاذية أعدوا استراتيجياتها بكفاءاتهم واثبتت نجاحا باهرا في مجال انقاذ دول عدة من أزمات خانقة. لكن في دولة كلبنان ما زالت الاعتبارات والمحاصصات السياسية تتحكم بتشكيل حكوماتها، حتى في لحظات "النزاع الاخير" لا دور للكفاءات ولا للطاقات الشبابية والعقول النيّرة.
 
لم يُحدث نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي اي صدمة ايجابية وفق ما أمل البعض، لا في الشارع اللبناني الذي رفض الثقة وتصدى لها، ولا حتى في سوق الصرف، فلم يشهد سعر الدولار مقابل الليرة اي انخفاض بل العكس، فقد بلغ سعر الصرف اليوم 2450 ليرة، كما ان اسعار اسهم البورصة المحلية لم تشهد ارتفاعا، خلافا لحال الاسترخاء التي كانت تخيم في اعقاب تشكيل الحكومات وتنعكس مباشرة في الاسواق المالية. لكن ما كان سائدا قبل انفجار الازمة لا يمكن ان يسود بعدها، تقول مصادر سياسية قريبة من الحكومة لـ"المركزية". فما حلّ بالبلاد من انهيار تدريجي بلغ ذروته لا يُعالج بحبة دواء او مسكّن موضعي، انما يتطلب مسارا طويلا من العلاج المؤلم على الارجح على المستويات كافة. الرئيس دياب يدرك حجم المهمات الجسام الملقاة على عاتقه ومستعد لمواجهتها والا لما قبل التكليف، وهو للغاية حدد استراتيجية عمل حكومته مع فريق الاختصاصيين الذين يعملون بعيدا من الاضواء.
 
فور تخطي معضلة تسديد سندات اليوروبوندز في استحقاقها الاول في 9 اذار، والارجح قبل هذا الموعد اذا افضت المشاورات الجارية الى قرار سريع في هذا الشأن في ضوء المشورة التي سيقدمها وفد صندوق النقد الدولي الذي يزور بيروت في اليومين المقبلين، ستنبري الحكومة الى معالجة سائر الملفات الداهمة، تؤكد المصادر، حيث يعد كل وزير ملفاً بأوضاع وزارته وسبل المعالجة لتنطلق الورشة الحكومية الاصلاحية والخطوات العملية لا سيما لجهة تعيين الهيئات الناظمة خصوصا في الطاقة والاتصالات والبيئة ومجلس جديد لمؤسسة كهرباء لبنان وغيرها من المجالس. آنذاك يفترض ان يلمس اللبنانيون تحسناً في الاوضاع عموما تنعكس في الاسواق المالية.
 
وتوازيا، يعدّ الرئيس دياب العدة للانطلاق في جولة زيارات خارجية، خليجية اولا، بعدما نال بركة دار الفتوى التي استقبلته في اليوم التالي للثقة في اشارة بالغة الدلالات، توضح المصادر، فهي لو لم ترد منحه درع التثبيت السني، لأرجأت على الاقل فتح بابها اياما قليلة لتمرير ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفي هذه الخطوة الكثير مما يقال، وقد استقبلت اليوم ايضا وزير الداخلية محمد فهمي. وبما ان بوابة دار الفتوى تشكل المعبر الالزامي لدخول الدار العربية، يمكن القول اذاً ان الرئيس دياب حصل على تأشيرة الدخول الخليجية والزيارة لن تكون بعيدة بعدما تم طلب الموعد. يُدرك رئيس الحكومة، بحسب المصادر، ما ينتظره في الخليج، وقد ارسل موفدا الى المملكة العربية السعودية استطلع الاجواء ومهّد للزيارة. وتبعا لذلك، يتحرك ويعد ملفا كاملا متكاملا متضمنا تقارير حول المشاريع الملحة في الوزارات سيعرضه على المسؤولين في مختلف محطات جولته.
 
اما بعد، وفي اطار خطة المواجهة، تكشف المصادر عن زيارة مرتقبة نهاية الشهر الجاري على الارجح للموفد الفرنسي كريستوف فارنو الى بيروت لوضع المسؤولين في حقيقة الموقف الفرنسي الرسمي من الازمة اللبنانية ووجوب تلبية الحكومة مطالب الشعب لاخراجه من الساحات وانقاذ البلاد.